مشروع قانون أميركي لمنع استغلال الأسد كارثة الزلزال

مشروع قانون أميركي لمنع استغلال الأسد كارثة الزلزال: المساعدات والمساءلة

الدوحة
عماد كركص
عماد كركص
صحفي وإعلامي سوري
02 مارس 2023
+ الخط -

في الطريق لإصدار قرار ثان مخصص لسورية، بعد "قانون قيصر" في يونيو/ حزيران 2020، أقرّ مجلس النواب في الكونغرس الأميركي، قبل أيام، بالأغلبية الساحقة (414 عضواً في مقابل صوتين من أصل 435 نائباً هم عدد أعضاء المجلس)، مشروع قانون يهدف لمراقبة آلية إيصال المساعدات للمتضررين من زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي في سورية وتركيا، ومنع النظام السوري من استغلالها والوقوف بوجه بشار الأسد.

وجاء القانون بصيغة "الاستجابة للزلازل التي ضربت تركيا وسورية في 6 فبراير"، مشيراً إلى عمل فرق الإغاثة الأميركية في سورية وتركيا على مساعدة المنكوبين، وذكّر بأن تركيا هي "عضو في حلف شمال الأطلسي" و"حليفة للولايات المتحدة".

وعلى وقع محاولة الأسد الذي يحاول الاحتماء بالكارثة لرفع العقوبات عنه والعودة للحاضنة الدولية والإفلات من العقاب، أكدت بنود مشروع القانون على تطبيق "قانون قيصر" للعقوبات. ومن المقرر أن تتم مناقشة المشروع لاحقاً في مجلس الشيوخ.

وكان مشروع القانون قد تم طرحه في 17 فبراير الماضي من قبل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، وتحديداً من قبل 30 نائباً من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مناصفة، كرعاة أصليين لمشروع القانون، في رسالة للتوافق الأميركي على محاصرة الأسد ومحاسبته، وعدم التساهل في تطبيق القوانين الأميركية على نظامه. 


ساعدت الجالية السورية في واشنطن بكسب توافق نواب الكونغرس على مسودة القانون

وكما كان في "قانون قيصر"، فقد ساعدت الجالية السورية في واشنطن بكسب توافق نواب الكونغرس على مسودة القانون وإقناع الرعاة الـ30 له قبل تقديمه لغرفة النواب. وبرز في هذا الجانب دور "المجلس السوري ـ الأميركي" و"التحالف الأميركي لأجل سورية"، وغيرهما من الجهات والشخصيات السورية أو ذات الأصول السورية، الذين يشكلون "لوبياً" ضاغطاً في الولايات المتحدة على السياسة الأميركية تجاه سورية.

ضمان عدم استفادة الأسد

وكان عضو "المجلس السوري ـ الأميركي" محمد غانم قد أوضح في منشور مفصل على صفحته في "فيسبوك" في 17 فبراير الماضي، مضامين المشروع، الذي أقره نواب الكونغرس، بأنه يهدف لإنشاء آلية رسمية لمراقبة المعونات المقدمة من الولايات المتحدة لسورية لضمان عدم استفادة نظام الأسد منها. كما يطلب من الإدارة "الالتزام بحماية الشعب السوري عن طريق تطبيق قانون قيصر".

وعلق غانم على هذه النقطة بالقول: "هذه الرسالة بالذات مهمة جداً، لا سيما في أعقاب تعليق الإدارة بعض العقوبات ستة أشهر، ومن شأنها تذكير المسؤولين الأميركيين بأن إرادة الكونغرس ما زالت إبقاء العقوبات على الأسد".

ويطلب مشروع القانون من الإدارة الأميركية أن تستخدم كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة، بما في ذلك عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن لفتح جميع المعابر بين سورية وتركيا لإدخال المساعدات الأممية، ويشدّد على ضرورة وصول المساعدات للمنطقة المنكوبة في شمال غربيّ سورية.

كما يندّد بمحاولات الأسد استغلال الكارثة للإفلات من الحساب ومن الضغط الدولي، وبعرقلته إدخال المساعدات من كافة المعابر. كما يتضمن القانون دعم جهود الاستجابة لمنظمات الإغاثة والإنقاذ في شمال غربي سورية، أي مناطق سيطرة المعارضة، وعلى رأسها منظمة "الدفاع المدني – الخوذ البيضاء"، وتقديم مزيد من المعونات للسوريين.

وخلال جلسة التصويت على القانون في مجلس النواب، ألقى السيناتور الجمهوري جو ويلسون كلمة هاجم فيها النظام وحلفاءه بشكل كبير، قائلاً: "رسالة إلى نظام الأسد المتوحّش ولداعميه من أمثال المجرم (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين والملالي المستبدّين في إيران: إن سرقتكم للمساعدات الإنسانية خلال فاجعة الزلزال لعار عليكم، وإن كذبكم بشأن العقوبات لن ينطلي على أحد"، مضيفاً: "إننا في الكونغرس متحدون، لن نطبّع معك أبداً (يقصد الأسد)، وسنحاسب جميع من يحاول أن يطبّع معك، ولن نتوقف عن دعم الشعب السوري حتى يحصل على حكومة يستحقها مبنية على أساس من الديمقراطية وحكم القانون، لا على الاستبداد وحكم السلاح".


رضوان زيادة: أهمية القانون تكمن بكونه اول قانون مستقل بحق سورية منذ "قانون قيصر"

ويحتاج مشروع القانون للمرور من غرفة الشيوخ في الكونغرس قبل مصادقة الرئيس جو بايدن عليه ليكون فاعلاً. ويغلب التفاؤل على مرور القانون من غرفة الشيوخ بسبب التوافق الكبير بين الحزبين عليه.

وفي أول تعليق لكبير النواب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، قال جيم ريتش إن "موجة الانفتاح الأخيرة على الأسد لن تفيد شركاءنا العرب، ولن يكون من شأنها إلا فتح الباب لعقوبات أميركية محتملة"، مضيفاً: "لن تمحو فاجعة الزلزال جرائم الأسد بحق الشعب السوري. يجب منع إعادة تأهيل النظام أو إعادته للجامعة العربية".

ونشر موقع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي كلمة رئيس اللجنة الجمهوري مايك ماكول، الذي أبدى "قلقه العميق" من الانفتاح الدبلوماسي على الأسد، وقال: "الأسد مجرم حرب، والتطبيع معه هو جريمة شنيعة أخلاقياً وخطأ استراتيجي".

ودعا إلى تفعيل "قانون قيصر" لمنع أي مشروع لإمداد الطاقة إلى لبنان، يستفيد منه نظام الأسد. ويقصد ماكول النقاشات الجارية في واشنطن بشأن تسهيل حصول بيروت على الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر الأراضي السورية.

وعقب الزلزال، تلقى الأسد عديد الاتصالات من رؤساء دول عربية وأجنبية غير غربية، كان أبرزها من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فيما زاره في دمشق وزير خارجيته سامح شكري في أول زيارة لمسؤول مصري لدمشق منذ اندلاع الثورة في عام 2011. وكذلك فعل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، واستقبل الأسد أيضاً وفداً برلمانياً عربياً، فيما رفعت تونس تمثيلها الدبلوماسي مع النظام بعد قطيعة استمرت أكثر من عشرة أعوام، ما اعتبر تهافتاً نحو الأسد.

من جهته، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية رفض الكشف عن اسمه لعدم تخويله بالتصريح الرسمي: "يظل تركيزنا في وقت الأزمات هذا على إنقاذ الأرواح والمساعدة في التعافي، وقد أوضحنا أن الوقت الحالي هو ليس الوقت المناسب للنظام للاستفادة من الكارثة الطبيعية لصالحه".

وأوضح المسؤول في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "لقد كنا واضحين في ما يتعلق بسياستنا تجاه نظام الأسد: بغياب التقدم المستمر نحو حل سياسي للصراع السوري، لن نقوم بتطبيع العلاقات مع النظام، ولن ندعم تطبيع الدول الأخرى علاقاتها معه".

وشدّد المسؤول على دعم الإدارة الأميركية "بقوة الآلية المعترف بها دولياً لإيجاد حل للصراع السوري على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254"، مشيراً إلى أنه "في الشهر الماضي، التقى نائب مساعد وزير الخارجية (إيثان) غولدريتش نظراءه في جنيف، للتشاور مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن وإظهار دعمنا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".

وأكد أنه "يظل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الحل الوحيد القابل للتطبيق للنزاع، ونتطلع إلى العمل مع الشركاء في المنطقة والمعارضة للانخراط بشكل كامل في هذا الإطار، بما في ذلك العملية المتبادلة خطوة مقابل خطوة، من خلال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لضمان بقاء حل سياسي دائم في المتناول".

أهمية القانون

ويرى الباحث السوري رضوان زيادة، المقيم في واشنطن، أن أهمية القانون تكمن بكونه أول قانون مستقل بحق سورية منذ "قانون قيصر"، مشيراً أيضاً إلى مروره من مجلس النواب بالأغلبية الساحقة.

ويضيف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "ثمرة جهود قوية من الجالية السورية في أميركا والمنظمات السورية الأميركية، ومن شأنه توجيه رسالة قوية للأطراف العربية التي تفكر في التطبيع مع الأسد، مستغلة الزلزال كذريعة". ويبدي زيادة اعتقاده أن رسالة الكونغرس وصلت لإدارة بايدن، وأن الأخيرة ما زالت ترفض الربط بين الزلزال والتطبيع مع الأسد.

ونهاية العام الماضي صادق بايدن على مشروع قانون مر عبر غرفتي النواب والشيوخ في الكونغرس يطالب الحكومة الفيدرالية بتطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات، لتعطيل وتفكيك عمليات إنتاج المخدرات والاتجار بها في سورية، بوصفها خطراً عابراً للحدود.

وينصّ المشروع على أن تجارة "الكبتاغون" المرتبطة بنظام الأسد في سورية تشكل تهديداً أمنياً عابراً للحدود الوطنية، وعلى الولايات المتحدة بالتالي أن تطور استراتيجية لتفكيك شبكات إنتاج المخدرات وتهريبها المرتبطة بنظام الأسد.

ويطالب وزراء الدفاع والخارجية والخزانة، ومدير إدارة مكافحة المخدرات، ومدير المخابرات الوطنية، ورؤساء الوكالات الفيدرالية المعنية الأخرى، بتزويد لجان الكونغرس المهتمة، في موعد لا يتجاوز 180 يوماً، باستراتيجية مكتوبة لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها، والشبكات المرتبطة بنظام بشار الأسد في سورية.

وتتضمن هذه الاستراتيجية تعطيل الشبكات التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر البنية التحتية للمخدرات في سورية من خلال الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي، فضلاً عن تعزيز قدرات مكافحة المخدرات للبلدان الشريكة أو التي تستقبل أو تمر من خلالها كميات كبيرة من "الكبتاغون".

ذات صلة

الصورة
مظاهرة ضد "هيئة تحرير الشام" في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر مئات السوريين، اليوم الجمعة، وسط مدينة إدلب شمال غربي سورية، حاملين شعارات تطالب بتنحي قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، والإفراج عن المعتقلين
الصورة
مجزرة خان شيخون (عدنان الإمام)

مجتمع

مرّت سبعة أعوام على مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات النظام السوري في مدينة خان شيخون بريف إدلب شمال سورية، في الرابع من أبريل/ نسيان 2017..
الصورة

منوعات

أعلنت قناة "غزة الآن"، اليوم الخميس، اعتقال مديرها، مصطفى عياش، من قبل السلطات النمساوية، وذلك بعد ساعات من إعلان عقوبات على القناة.
الصورة
مظاهرة واشنطن (العربي الجديد)

سياسة

شهدت مدينة الإسكندرية بولاية فيرجينيا، تظاهرة نظمتها حركة "إن لم يكن الآن"، ضد "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" (أيباك) ودورها في تمويل الكونغرس

المساهمون