مسافر يطا: طريق استيطاني يهدد باقتلاع 12 تجمعا سكانيا فلسطينيا

مسافر يطا: طريق استيطاني يهدد باقتلاع 12 تجمعا سكانيا فلسطينيا

23 يناير 2024
جنود للاحتلال يحمون بؤرة استيطانية في مسافر يطا (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -

يشارف المستوطنون على الانتهاء من حفر طريق استيطاني جديد من شأنه أن يفصل 12 تجمعاً لسكّان منطقة مسافر يطا عن مدينة يطا جنوب مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، والمنطقة المحاذية لها، ما يعني اقتراب تهجير الأهالي بالكامل من المكان. 

ويواصل المستوطنون منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اعتداءاتهم على القرى والبلدات الفلسطينية بقصد طرد السكان من أرضهم، حيث باتت عملية الاستيلاء على الأراضي، التي حاول الاحتلال السيطرة عليها في الفترات السابقة، أسهل ممّا كانت عليه في السابق.

ويبدأ الطريق الاستيطاني من منطقة "جنبا" شرق مسافر يطا وصولاً إلى منطقة "المفقرة"، التي تُعتبر البوابة إلى مدينة يطا، كما وضّح منسق لجان الحماية والصمود في مسافر يطا، فؤاد العمور، في حديث لـ"العربي الجديد".

وأشار العمور إلى أن "الطريق الاستيطاني يلتهم قرابة 24 ألف دونم من أراضي 12 تجمعا سكّانيا كان الاحتلال وزّع خرائط على سكّانها عام 1997 توضّح نيّته بتأسيس شارع يحوّل من خلاله مسافر يطا لسجنٍ كبير، بحيث يحدّها من الجنوب جدار الفصل العنصري ومن الشمال الشارع الاستيطاني الجديد، وبالتالي يصبح واقع التهجير هو مصير 1500 مواطن فلسطيني". 

ووفق العمور، يسعى الاحتلال من خلال توسعة وإنشاء هذا الطريق إلى ربط ثمانية تجمعات استيطانية مقامة على الأراضي المعروفة باسم "شفا يطا"، منها كرمئيل، وحافات ماعون، تسبي يائير، وصولاً إلى "هدف أكبر هو تحويل التجمعات الاستيطانية إلى مدينة كبيرة تتم شرعنتها في وقت لاحق، ومن ثم تفريغ المنطقة من الفلسطينيين بعد السيطرة على أراضٍ أخرى محاذية للتجمعات الفلسطينية، بحجّة "حماية الطبيعة" التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي لطرد الفلسطينيين من أرضهم". 

ويتخوف أهالي مسافر يطا، وفق العمور، من "احتمالية تمكّن المستوطنين من تنفيذ المخطط الاستيطاني الذي عجزوا عنه خلال العقود الثلاثة الماضية، مستغلين حالة الطوارئ الإسرائيلية التي أتاحت للمستوطنين اقتناء الزي العسكري لجيش الاحتلال وطرد السكّان وهدم منازلهم دون رقيب أو حسيب، وفي ظل غياب التوثيق من قبل وسائل الإعلام والمؤسسات الدولية، وسط انشغال العالم بأحداث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بالإضافة لمنع السكّان من تقديم شكاوى في المحاكم الإسرائيلية". 

وفي إجابته عن سؤال لـ"العربي الجديد" حول دور المؤسسات الرسمية الفلسطينية، والأجنبية الحقوقية، قال العمور: "الجمود يحيط بعمل هذه المؤسسات تخوفاً من حالة الرعب التي زرعها المستوطنون بأنهم قادرون على القتل والسرقة، بحيث أصبح ذلك يعرقل عمل أي مؤسسة لها نشاط ميداني أو قانوني، وبالتالي نشاطهم صفر". 

"أيام على افتتاح الطريق الاستيطاني"

وقال محمد جبّارين، الذي هجّره الاحتلال مع 15 فرداً من منزلهم في تجمع "شعب البطم"، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال "هجّر قبل نحو شهرين جاري الذي لجأ للمبيت في منزلي، ثم عاد المستوطنون ليهجّرونا بعد هدم إحدى غرف المنزل وهدم مبنى مخصص للمواشي والأغنام التي نعتاش منها، وأجبرونا على ترك المنزل.. والآن لا مكان لنا يؤوينا". 

ولا يبعد الطريق الاستيطاني الجديد عن منزل جبّارين سوى 100 متر، فيما تبعد البؤر الاستيطانية عن منزله 200 متر، وبالتالي أجبره المستوطنون على الرحيل رغم امتلاكه أوراقاً ثبوتية بملكيته للأرض، بالإضافة لما يسمى "ورقة إخراج قيد إسرائيلي"، أي ورقة إسرائيلية تؤكد ملكيته للمنزل. 

ولجأ جبّارين لتقديم شكوى لدى شرطة الاحتلال الإسرائيلية ضد اعتداءات المستوطنين، ورفع دعوى في المحكمة الإسرائيلية العليا، لكنهم أبلغوه أن صدور القرار فيما يخص المنزل سيكون في أبريل/ نيسان القادم. ويقول جبارين إن "الطريق الاستيطاني جاهز للتعبيد، ومن هذا الوقت إلى شهر أبريل/ نيسان المقبل سيكون الشارع قد افتتح ولا فائدة من قرار المحكمة". 

ويحاول جبّارين الوصول إلى منزله في ساعات النهار والمبيت في أماكن أخرى، لكنه فوجئ قبل أيام بزرع المستوطنين زوايا جديدة في محيط منزله، ونصب "شبك حديدي" لمنعه من الوصول للمنزل. 

ويواجه المواطن هاني حمامدة، من أهالي تجمع "شعب طرسا" في مسافر يطا، المصير ذاته، حيث وصل الطريق الاستيطاني إلى حدود أرضه (مساحتها 20 دونما). وقال لـ"العربي الجديد": "قبل الحرب تعرض منزلنا للهدم مرتين وقلعوا الأشجار المثمرة ودمّروا بئر المياه التي نعتاش منها، ولكن بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اقتحم المستوطنون المنزل بالآليات العسكرية وهدموا أجزاء منه، ثم أجبروا العائلة على الرحيل تحت تهديد السلاح، وأطلقوا أغنامهم في أراضينا الزراعية لتطبيق ما يعرف بالاستيطان الرعوي". 

وحاولت العائلة العودة إلى المنزل مرتين، إلا أنها اصطدمت بتهديدات المستوطنين المسلحين بإطلاق النار والقتل حال الاقتراب من المنزل، وفق ما يروي حمامدة، الذي يشير إلى أنهم رغم امتلاكهم "طابو فلسطينيا" بملكية الأرض، وورقة قيد إسرائيلي، إلا أن ذلك لم يمنع المستوطنين من تهجيرهم، ما دفعهم للتوجه إلى تقديم شكوى في مركزٍ لشرطة الاحتلال الإسرائيلية، الذي رفض استقبال الشكوى وطردهم.

 

ويتوقع أهالي مسافر يطا أن يُفتتح الطريق الاستيطاني خلال أيام. وجاء حفر الطريق بعد محاولات إسرائيلية عديدة لتهجير الأهالي، كان آخرها قبل نحو عام، في الثاني من يناير/ كانون الثاني العام الماضي، حين أبلغت سلطات الاحتلال سكّان التجمعات والارتباط المدني الفلسطيني نيّتهم تنفيذ إخلاءٍ بحق التجمعات، بحجّة تجهيزها للتدريبات العسكرية الإسرائيلية، فيما تتم اليوم بهدف شق طرقٍ استيطانية جديدة.

المساهمون