مركز استراتيجي في تونس يناقش الاستشارة الإلكترونية: "دعاية سياسية"

مركز استراتيجي في تونس يناقش الاستشارة الإلكترونية: "دعاية سياسية"

26 مارس 2022
أستاذ القانون العام خالد الدبابي (العربي الجديد)
+ الخط -

انتهت غالبية المداخلات العلمية لخبراء القانون والعلوم السياسية المشاركين في أعمال ندوة علمية لمركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي في تونس، إلى أنّ الاستشارة الإلكترونية التي أجراها الرئيس التونسي قيس سعيّد "هي ضرب من الدعاية والبروباغندا لإكساء مشروعه السياسي المشروعية المفقودة".

وبيّن رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي عدنان منصر، في مداخلته بعنوان "استشارة وطنية أم عزوف عام؟"، أنّ "هناك إشكالاً في مصطلح الاستشارة الوطنية لوضعها بين ظفرين، فنحن كأكاديميين نستعمل الظفرين لا للاستهزاء أو استنقاصاً لمعنى المصطلح بل لنسبة هذه المفردة والمصطلح السياسي لأصحابه"، لافتاً إلى أنّ "إصرار الرئيس على نزع الظفرين هو دليل على رغبته في الخروج من سياق المصطلح إلى سياق التبني العام له، أولاً على أنها استشارة، وثانياً بأنها وطنية".

ولفت منصر إلى أنّ "عبارة استشارة تفتح أبواب التساؤلات على طبيعتها، إن كانت استبياناً أو استطلاعاً أو استشارة، ولكن عندما يرغب الرئيس ويصر على أنها وطنية فهو يريد إعطاءها بعداً كمياً وطنياً وأيضاً يريد إعطاءها معنى سياسياً سيادياً، فمن يهتم بها هو جزء من الوطن، وهذا يعني أنّ ما لا يعتبر نفسه معنياً بهذه الاستشارة قد يلقى به في دائرة المتآمرين والخونة والخارجين عن الوطن، وغيرها من مفردات المعجم الذي يستعمله سعيّد".

وتابع رئيس المركز أنّ "الاستشارة تتطلب تشريك أكبر قدر من الناس وتنويع المستشارين وليس فقط الاستطلاع؛ أي أننا نقيّم عملية ما وفق محتوى بما يحقق الالتقاء الكمي الكبير لدعم خيارات يقسم على أساسها الناس".

ولاحظ منصر أنه "تم تسجيل نوع من الانغلاق على هذه الاستشارة، ولا نجد أي نص واحد رسمي أو غير رسمي يفسر هذه الاستشارة ويبررها".

وأضاف "بالنسبة إلى اللجنة التي قيل إنها صاغت الاستشارة، لا نعلم تركيبتها ولا كيفية عملها بما يحيلنا إلى أنها لجنة سرية أو أنه لا وجود لها".

وأوضح أنّ "الرئيس يهدف إلى الانغلاق بالاستشارة ويبحث عن محاصرة الجمهور الذي يستشيره، وكذلك يبدو أنه يحبذ التعاطي مع مساعدين ومسؤولين صامتين".

غياب المرجعية

من جانبها، قالت منى كريم الدريدي، منسقة مشروع البحث "أجندة 13" بمركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاستشارة الإلكترونية المنجزة هي شكل من أشكال الترويج الدعائي والبروباغندا لإضفاء مشروعية غير مكتسبة على التعديلات التي ينوي سعيّد القيام بها"، مشددة على أنّ "هذه الاستشارة لا قيمة قانونية لها ولا مرجعية دستورية ولا رمزية اعتبارية لها، من حيث الشكل والأصل".

وبيّنت الدريدي، وهي أستاذة في القانون الدستوري، أنّ "من علامات فشل الاستشارة هو ضعف الإقبال المنحصر في 500 ألف مشارك، وهو رقم ضئيل مقارنة بعدد الناخبين وعموم التونسيين، هذا إذا سلمنا بصحة ودقة الأرقام المعلنة في غياب أي رقابة أو متابعة من جهة محايدة أو هيئة مستقلة أو منظمة غير حكومية".

وأضافت: "علاوة على غياب الشفافية في تنظيم الاستشارة، فإن طريقة إعداد محتوياتها واللجنة التي ستقوم بالصياغة والتأليف يلفهما الغموض"، مبيّنة أنّ "من بين شروط أي ممارسة ديمقراطية، التنوع والاختلاف والتشاركية والشفافية والنزاهة، وخلاف ذلك لا يمكن وصف ذلك إلا بالبروباغندا السوداء والدعاية لمشروع فردي أحادي بأسلوب إقصائي".

بدوره، أكد أستاذ القانون العام، خالد الدبابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "العناصر التي تميز الممارسة والخطاب الشعبوي في تعاطي الرئيس قيس سعيّد مع المسائل السياسة الوطنية عديدة، بما في ذلك الاستشارة"، مشيراً إلى أنّ "من بينها المقابلة بين الشعب والنخبة وحصر وتلخيص واختزال الصراع المجتمعي في كتلتين متناقضتين".

وأوضح الدبابي أنه "بحسب فكر سعيّد، هناك كتلة الشعب النقي الطاهر ومسلوب الإرادة، وكتلة النخب والوسائط التي تعيق الشعب عن التعبير عن إرادته الخالصة".

وأضاف أنّ "هناك معادلة ثانية تضاف إلى المعادلة الأولى، وتتمثل في التطابق التام بين الشعب وقيس سعيّد فهما واحد بحسب تصوره، ولا وجود لأي فكر آخر منافس لفكره".

وتابع أنّ "خطاب سعيّد هو خطاب الحقيقة المعبر عن الإرادة الشعبية، وبالتالي أي رأي ينتقده وينتقد توجهاته فهو بشكل مباشر يتصدى للإرادة الشعبية".

وفسر بأنّ "الشعبوية ترتكز على اختزال السلطات في شخص الرئيس وبالتالي فإنها تؤدي إلى نسف كامل المسار وكل مكونات المنظومة الديمقراطية"، بحسب قوله.

وفسر الدبابي خلال مداخلته "الآليات الديمقراطية واختلافها عن المقاربة الشعبوية والإخلالات المسجلة من خلال فرض الاستشارة الوطنية واعتمادها كآلية لتحقيق البرنامج الرئاسي الجديد".

المساهمون