محاولة أميركية أولى لإبعاد فنزويلا عن روسيا

محاولة أميركية أولى لإبعاد فنزويلا عن روسيا

07 مارس 2022
التقى مادورو الوفد الأميركي في كراكاس (Getty)
+ الخط -

يبدو أن أول زيارة قام بها مسؤولون أميركيون إلى فنزويلا، منذ سنوات، فشلت في إحداث خرق في جدار الأزمة بين كراكاس وواشنطن، التي تبحث عن بديل للنفط الروسي إذا قررت وضع عقوبات عليه.

وكانت مصادر قالت، لوكالة رويترز"، إن وفداً أميركياً، برئاسة كبير مستشاري البيت الأبيض لأميركا اللاتينية خوان غونزاليس والسفير جيمس ستوري، أجرى محادثات مع الرئيس نيكولاس مادورو ونائبته ديلسي رودريغيز في كراكاس السبت الماضي.

 
واشنطن سعت في المحادثات للحصول على ضمانات بإجراء انتخابات رئاسية حرة في فنزويلا

وقالت مصادر مطلعة إن مسؤولين فنزويليين وأميركيين ناقشوا إمكانية تخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا، لكنهم لم يحققوا تقدماً يذكر نحو التوصل إلى اتفاق في أول محادثات ثنائية رفيعة المستوى تجرى بين الجانبين منذ سنوات، مع سعي واشنطن إلى فصل موسكو عن أحد حلفائها الرئيسيين في أميركا اللاتينية.

الحد الأقصى من المطالب

واستغل الجانبان الاجتماع في كراكاس لتقديم ما وصفه مصدر بالحد الأقصى من المطالب، ما يعكس التوترات القائمة منذ مدة طويلة بين الولايات المتحدة وفنزويلا.

وقال مصدر في واشنطن، اليوم الإثنين، إن المسؤولين الأميركيين اعتبروا الاجتماع فرصة لمعرفة ما إذا كانت فنزويلا، أحد أقرب حلفاء روسيا في أميركا اللاتينية، مستعدة للنأي بنفسها عن الرئيس فلاديمير بوتين بسبب غزوه أوكرانيا.

وتريد أميركا أيضاً إيجاد إمدادات نفط بديلة لسد الفجوة في جال قررت مقاطعة صناعة الطاقة في روسيا. ويمكن أن تعزز فنزويلا صادراتها من النفط الخام إذا خففت واشنطن العقوبات عليها. وامتنع البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية ووزارة الإعلام الفنزويلية عن التعليق على الاجتماع.

وعلى ما يبدو، مثّل استعداد الولايات المتحدة للتواصل من جديد مع فنزويلا، بعد رفض مثل هذا الاتصال على مدى سنوات، دفعة لمادورو. وكان البلدان قطعا العلاقات الدبلوماسية في العام 2019 وسط حملة من العقوبات الأميركية والضغط الدبلوماسي بهدف إطاحة مادورو، حليف روسيا، منذ مدة طويلة.

واشنطن تريد إجراء انتخابات رئاسية حرة

وقال ثلاثة أشخاص مطلعون على الأمر إن واشنطن سعت في المحادثات للحصول على ضمانات بإجراء انتخابات رئاسية حرة، وإصلاحات واسعة في صناعة النفط في فنزويلا لتسهيل الإنتاج والتصدير من قبل الشركات الأجنبية، وإدانة الحكومة العلنية غزو أوكرانيا، وهو ما دافع عنه مادورو.

وقال أحد المصادر إنه كتنازل، أبدى المسؤولون الأميركيون استعداداً للنظر في السماح مؤقتاً لفنزويلا باستخدام نظام "سويفت"، الذي يسهل المعاملات المالية بين البنوك في جميع أنحاء العالم لتحويل الأموال إلى حسابات أخرى.

وأشارت المصادر إلى أن مادورو سعى، في المقابل، إلى رفع كامل للعقوبات التي تحظر صادرات النفط الفنزويلية، ورفع العقوبات المفروضة عليه وعلى المسؤولين الفنزويليين الآخرين، وعودة سيطرة الدولة على شركة "سيتغو بتروليوم"، وهي فرع شركة النفط الفنزويلية الحكومية في الولايات المتحدة.

وكانت واشنطن اعترفت بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، بعدما أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً في يناير/كانون الثاني 2019. وقد اعترفت به خمسون دولة أخرى على الأقل.

وفرضت الولايات المتحدة سلسلة عقوبات على كراكاس في محاولة لإخراج مادورو من السلطة. ويمنع إجراء اتخذ في إطار العقوبات، وبدأ تطبيقه في إبريل/نيسان 2019، فنزويلا من بيع نفطها الخام، الذي يمثل 96 في المائة من إيرادات البلاد في السوق الأميركية.

وقال مصدران منفصلان إن فنزويلا طلبت من روسيا، أخيراً، إلغاء تجميد عائدات النفط في العديد من البنوك الروسية التي أدرجتها الولايات المتحدة في القائمة السوداء، ولا سيما بنك "برومسفياز"، حيث تمتلك شركة النفط الفنزويلية الحكومية ووزارة الدفاع حسابات بنكية.

وفي إطار العقوبات الأميركية على كراكاس، جرى في العام 2019 إدراج بنك آخر كان يستخدم على نطاق واسع للتجارة مع موسكو، هو "إيفروفاينانس موسنار بنك"، في القائمة السوداء، ما أجبر شركة النفط الفنزويلية الحكومية على نقل حسابات التحصيل الخاصة بها إلى بنوك أخرى.

ويأتي اهتمام الولايات المتحدة بفنزويلا في إطار استئناف استيراد النفط منها بدلاً من الكميات التي تشتريها حالياً من روسيا. وكان البيت الأبيض أعلن، الجمعة الماضي، أنه يدرس كيفية خفض استيراد النفط من روسيا في أعقاب الغزو الأوكراني من دون الإضرار بالمستهلكين الأميركيين، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الإمدادات العالمية.

وأشارت الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إلى أنها مستعدة لمراجعة سياسة العقوبات المفروضة على فنزويلا إذا تم تسجيل تقدم في المحادثات بين حكومة مادورو والمعارضة. وكانت هذه المحادثات بدأت في أغسطس/آب الماضي، لكنها متوقفة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

سعى مادورو إلى رفع كامل للعقوبات التي تحظر صادرات النفط وتلك المفروضة عليه

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الاثنين، إلى أن زيارة الوفد الأميركي إلى كراكاس جاءت بعد أيام من اتصال هاتفي بين بوتين ومادورو، اتفقا فيه على تطوير العلاقات بين البلدين.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، من جهتها، أن بعض المستثمرين الأميركيين دعوا، أخيراً، إدارة الرئيس جو بايدن إلى رفع العقوبات المفروضة على فنزويلا، حتى تتمكن من إرسال المزيد من النفط الخام إلى السوق الأميركية. كما ضغطت شركة "شيفرون" على الإدارة لتعديل ترخيصها والموافقة على تجارة النفط مع فنزويلا.

انتقاد جمهوري لزيارة كراكاس

لكن بعض الجمهوريين، مثل السناتور ماركو روبيو، انتقدوا بشدة سفر المسؤولين الأميركيين إلى فنزويلا. وكتب روبيو في تغريدة أمس الأحد: "جو بايدن يستخدم روسيا ذريعةً للقيام بالصفقة التي أرادوا دائماً القيام بها على أي حال مع نظام مادورو.  بدلاً من إنتاج المزيد من النفط الأميركي، يريد استبدال النفط الذي نشتريه من ديكتاتور قاتل بنفط من ديكتاتور قاتل آخر".

ونقلت "واشنطن بوست"، عن مدير برنامج الطاقة في أميركا اللاتينية في جامعة "رايس" فرانسيسكو مونالدي، قوله إنه حتى لو خففت الولايات المتحدة العقوبات النفطية، فإن إنتاج فنزويلا لن يستطيع سد الفجوة في السوق العالمية التي سيخلفها وضع عقوبات على النفط الروسي، مشيراً إلى أن فنزويلا تنتج 10 في المائة فقط مما تصدره روسيا.
(العربي الجديد، رويترز)

المساهمون