لواء خاص من جيش وشرطة الاحتلال لقمع احتجاجات فلسطينيي الداخل

لواء خاص من جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي لقمع احتجاجات فلسطينيي الداخل

19 ديسمبر 2021
عناصر من جيش الاحتلال يعتدون على فلسطيني خلال "هبة الكرامة" (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -

أكدت صحيفة "يسرائيل هيوم"، في تقرير خاص نشرته اليوم الأحد، ما كان "العربي الجديد" قد نشره الخميس الماضي، تحت عنوان "إسرائيل تستعد لمواجهات مع الداخل الفلسطيني في حرب مقبلة"، عن استعدادات سلطات الاحتلال على مستويات عسكرية وسياسية لقمع احتجاجات وتظاهرات في الداخل الفلسطيني في حال نشوب حرب جديدة، سواء على الجبهة الشمالية (مع سورية ولبنان)، أو الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة.

وذكرت "يسرائيل هيوم"، في تقريرها، أنه كجزء من "استخلاص العبر" في أحداث "هبة الكرامة" في مايو/أيار الماضي، التي شهدتها البلدات والمدن الفلسطينية، بما فيها بلدات الساحل التاريخية (اللد والرملة ويافا وعكا وحيفا)، المسماة إسرائيلياً "المدن المختلطة"، فقد تقرر، لأول مرة إنشاء "لواء جديد مشترك للجيش وللشرطة من جنود الاحتياط".

وبحسب الصحيفة، فإن اللواء الجديد مناط إليه وظيفتان، الأولى "عمليات تثبيت وحفظ الأمن العادية"، أما الثانية فهي "معالجة أحداث عنف قد تتطور في أنحاء إسرائيل خلال الحروب المقبلة".

ولفت التقرير، في معرض تبرير الخطة الجديدة، إلى أن الشرطة الإسرائيلية واجهت، خلال "هبة الكرامة" التي تزامنت مع التضامن العام مع حي الشيخ جراح ومعركة "سيف القدس" في قطاع غزة، التي يطلق عليها الاحتلال اسم "حامي الأسوار".

وبين التقرير أن قرار "إقامة اللواء الجديد هو جزءٌ من استخلاص العبر" مما حدث في تلك الفترة، مشيراً إلى أن "من قاد التفكير والتخطيط لإقامة هذا اللواء هو قسم العمليات في جيش الاحتلال، عبر عمل مشترك مع الشرطة".

وذكر أن "من بين الاستنتاجات والعبر التي تم التوصل إليها قرار بنقل فرق من حرس الحدود للشرطة مع بداية الحرب القادمة، من أجل خلق حالة ردع ميدانياً (في القرى والبلدات العربية والمدن الفلسطينية الساحلية)، وقرار بتجنيد قوات احتياط لتأمين وحراسة محاور الطرق الرئيسية، ومرافقة قوافل وشاحنات نقل القوات والعتاد العسكري، لمنع محاولات لتشويش أو ضرب وتخريب الجهد الحربي".

ووفقا للصحيفة، فإن قرارا آخر في هذا السياق تم التوصل إليه قبل نحو أسبوعين، بين وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، ووزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، نص لأول مرة في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي على إقامة لواء احتياط لجنود من حرس الحدود كجزء من الاستعدادات للحرب المقبلة، على أن يعتمد اللواء الجديد في المرحلة الأولى على جنود من خريجي الخدمة النظامية في حرس الحدود (وليس الخدمة العسكرية الإلزامية)، وسيحصل على تعزيز من ضباط من سلاحي المشاة والمدرعات.

ويأتي التغيير الجديد في تنسيب وضم من أنهوا الخدمة النظامية في حرس الحدود في الجيش إلى وحدات احتياط عسكرية عادية في سلاح المشاة في عمليات تأمين "خفيفة" للحدود، الآن، وبموجب الخطة الجديدة، سيتم استغلال "خبرتهم العسكرية" أيضاً في ساعات الاحتياط عبر اللواء الجديد المخصص، بحسب التقرير، لقمع احتجاجات فلسطينيي الداخل في ساعات الحرب.

ووفقاً للخطة، فإن أفراد اللواء الجديد سيعملون بشكل عام خلال تدريبات الاحتياط ونشاطهم الميداني في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وإذا اقتضت الحاجة فسيعملون تحت إمرة الشرطة الإسرائيلية في مهمات الأمن الداخلي، مثل "منع اضطرابات في المدن المختلطة".

وأقر مصدر أمني في جيش الاحتلال، تحدثت معه الصحيفة، أن الجيش يربح بهذه الطريقة قوات إضافية مدربة يمكنها أن تنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، كما ستربح الشرطة قوات مدربة يمكنها أن تساعد في قضايا الأمن الداخلي، وهي تعابير يقصد منها الزج بقوات عسكرية عليا داخل البلدات والمدن الفلسطينية، تحت مسمى عمليات الأمن الداخلي، خصوصاً أن تسريبات عن هذه الاستنتاجات والمخططات رشحت في الأشهر الأخيرة في أكثر من مناسبة.

وأوضح تقرير "يسرائيل هيوم" أن هذه القوات في اللواء الجديد ستوفر على جيش الاحتلال الحاجة لتوجيه جنود نظاميين لمساعدة الشرطة، وهو ما حدث خلال أحداث مايو/أيار الماضي في اللد والرملة ويافا.

ويزعم التقرير والخطاب الإسرائيلي عموماً، في سياق فلسطينيي الداخل، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويتمتعون بمكانة مواطنة، أن سيناريوهات وحالات توجيه جنود نظاميين لقمع مواطنين في عمليات "فرض النظام العام" دفعت نحو هذه الخطة الجديدة، علماً أنها تشكل عملياً التفافاً على القانون.

الأمر ذاته يفسره سن الكنيست، الأربعاء الماضي، وإقراره تمديد أمر ساعة يتيح نقل قوات نظامية في الجيش لصالح عمليات تثبيت الأمن الداخلي (وهو ما أشار إليه "العربي الجديد" في تقريره الخميس)، وفق تعديلين لقانون الخدمة الأمنية، تعديل 9 وتعديل 7، يمكنان من نقل واستيعاب جنود نظاميين أنهوا خدمتهم العسكرية الرسمية في الجيش، للعمل في مصلحة السجون الإسرائيلية، حيث الأسرى الفلسطينيون، ورفد قوات من هؤلاء الجنود للشرطة لعمليات تثبيت الأمن الداخلي. 

إلى ذلك، تتوافق هذه التعديلات والخطة الجديدة مع تصريحات لقادة عسكريين، آخرهم رئيس شعبة العمليات اللوجستية السابق، الجنرال ايتسيك ترجمان، بأن الجيش شق طرقا ترابية تلتف على القرى والبلدات العربية، لاستخدامها في نقل القوات والعتاد العسكري لجبهات القتال، وتصريحه في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بأنه سيتم تخصيص قوات خاصة لتأمين قوافل نقل السلاح والجنود في حال مرت من طرق تشق البلدات العربية، أو التي تقع على جانبيها بلدات عربية، مثل مدن وبلدات وادي عارة (بدءا من كفر قرع، جنوبا، وحتى أم الفحم، شمالاً، حتى مفترق مجيد على مشارف مرج بن عامر).

مع ذلك، فإنه على الرغم من هذه الادعاءات ومحاولات الجيش والحكومة الادعاء بأن الجيش لا يسمح له بدخول القرى والبلدات أو التعامل مع "مواطنين"، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تتردد يوماً في الدفع بقوات الجيش وحرس الحدود لقمع احتجاجات الفلسطينيين في الداخل، بل وارتكاب مجازر تحت ستار نيران الحرب، كما حدث في كفر قاسم عام 1956، حيث قام جنود من حرس الحدود بإعلان منع تجول في القرية، ثم نفذوا في 29 تشرين الأول/أكتوبر، في أول أيام العدوان الثلاثي على مصر، مجزرة كفر قاسم.

وفي يوم الأرض الأول بـ30 آذار/مارس 1976، دفعت الحكومة بوحدات حرس الحدود والجيش إلى الداخل الفلسطيني والقرى العربية لقمع تظاهرات يوم الأرض، مما أسفر عن سقوط 6 شهداء.

وتكرر الأمر ذاته في هبة القدس والأقصى عام 2000، عندما توغلت قوات من الشرطة وعناصر حرس الحدود في البلدات العربية، وقتلت بنيران الشرطة وحرس الحدود 13 فلسطينياً.