غليان شعبي وسياسي في تركيا دعماً للقدس

غليان شعبي وسياسي في تركيا دعماً للقدس

إسطنبول

جابر عمر

جابر عمر
10 مايو 2021
+ الخط -

يشهد الشارع التركي حالة من الغليان جراء التطورات في مدينة القدس المحتلة وممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد المصلين وسكان القدس، والمواجهات التي أدت إلى إصابة المئات منهم بجروح.

وشهدت إسطنبول في الأيام الماضية تظاهرتين أمام القنصلية الإسرائيلية، كانت الأخيرة الليلة الماضية، وشارك فيها آلاف من الأتراك ومن العرب المقيمين في تركيا، بتنظيم من منظمات المجتمع المدني، وفي مقدمتهم منظمة الإغاثة الدولية "IHH"، وجاءت التظاهرات رغم حالة الإغلاق العامة في البلاد بسبب جائحة كورونا.

ولم تمنع إجراءات الحظر الكلي آلاف الأشخاص من الوصول إلى مقر القنصلية والتظاهر أمامها، فيما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الغليان أيضا، ورغبة بالتظاهر، ولولا إجراءات الحظر لكان عدد المشاركين في التظاهرات بلغ مئات الآلاف، وشهدت أيضا ولايات أخرى، مثل ولايتي "قوجة إيلي"، و"أرض روم" أيضا، تظاهرات ليلية داعمة للفلسطينيين ومنددة بإجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

ورفع المتظاهرون الأعلام التركية والفلسطينية ولافتات تحمل عبارات داعمة لصمود الفلسطينيين أمام الممارسات الإسرائيلية التي تستهدف القدس وسكان حي الشيخ جراح، منها لافتات تضمنت عبارات "تم تحرير آيا صوفيا، والآن دور الأقصى"، فيما ردد المتظاهرون هتافات، منها "للقدس سلام"، و"المسجد الأقصى شرفنا"، و"سلام من إسطنبول للصامدين في القدس"، و"بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، و"سنواصل درب الشهداء".

ورفعت كافة المساجد في تركيا، اليوم الإثنين، أصوات الدعاء عقب أذان الظهر عبر مكبرات الصوت، تضرعًا إلى الله من أجل خلاص القدس، وفق ما أعلن رئيس شؤون الديانة التركية علي أرباش، في وقت تتواصل فيه التصريحات الرسمية التركية المنددة بما يجري منذ أيام.

ومنذ ساعات الصباح، تقتحم قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى، وتعتدي على المصلين الفلسطينيين بالرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، فيما أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان، إصابة أكثر من 305 فلسطينيين منذ الصباح خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة في القدس.

وخلال تظاهرة الليلة الماضية، هدد رئيس هيئة الإغاثة الدولية بولنت يلدريم، في كلمة له، بأن "الدور قد حان من أجل القدس"، مذكرا بما حصل في إقليم كاراباخ قبل أشهر، حيث يأتي التصريح ليعكس حالة الغليان السائدة لدى الشارع.

وأضاف "الشعب التركي واع لما يحدث، وهناك هتافات تدعو لذهاب الجيش إلى الأقصى.. على نتنياهو سماع هذا الصوت، لأنه مخادع وظالم، يستهدف النساء بهجمات جيشه، وأن هناك محاولات لاقتحام الأقصى، وإن حصل ذلك ستكون هناك تظاهرة أكبر في تركيا، وعندها الجميع سيرى ماذا سيحدث".

وعلى الصعيد الرسمي، صدرت تصريحات عديدة من الحكومة والمعارضة داعمة ومؤيدة للفلسطينيين، حيث دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الإسلامية والعالم بأسره إلى التحرك بشكل فاعل حيال الاعتداءات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى والقدس ومنازل الفلسطينيين، وذلك في تغريدة له قبل يومين، مؤكدا أن حماية كرامة وعزة وشرف المدينة المقدسة القدس هو "دين في رقبة كل مسلم".

وأضاف أن "كل اعتداء على دور العبادة في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى، وعلى المسلمين، يمثل اعتداء على تركيا في الوقت نفسه، ومن واجب كل فرد أن يقف في وجه الظالمين الذين يدنسون القدس، حاضنة مقدسات الديانات الثلاث، عبر هجماتهم التي تنم عن غياب الضمير والأخلاق، وانعدام الاحترام، ضاربين عرض الحائط بالقوانين الدولية".

ودعا المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الإثنين، إلى وقف اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس على المدنيين الفلسطينيين، حيث كتب في تغريدة "يجب وقف اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس على الشعب الفلسطيني الأعزل، وإنّ الدولة التركية تبذل ما بوسعها وعلى كافة المستويات، من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية"، محملا إسرائيل "المسؤولية كاملة إزاء الاعتداءات التي يتعرض لها المصلون الفلسطينيون".

من جهته، أكد وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو أن "تركيا ستظل دائما صوتًا جهورًا ومدافعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني ضد العنف الإسرائيلي في المسجد الأقصى، وأن إسرائيل مستمرة في ممارسة أعمال العنف ضد الأبرياء في المسجد الأقصى"، منتقدا "صمت العالم والمجتمع الدولي إزاء وحشية إسرائيل وممارساتها غير المشروعة في بيت المقدس، في ظل دعواته المتكررة لإحلال السلام بين الجانبين"، مشددا بالقول "سنظل دائما صوت إخواننا الفلسطينيين، وسنستمر في الدفاع عن حقوقهم حتى النهاية".

أما زعيم حزب "الحركة القومية" التركي دولت باهتشلي، شريك حزب العدالة والتنمية في الحكم، فعبر عن إدانته الشديدة لاعتداءات إسرائيل وتضييقها على حرية العبادة للشعب الفلسطيني خلال شهر رمضان المبارك، وأضاف في تغريدة قبل يومين: "أدين بشدة تضييق الحكومة الإسرائيلية على حرية المعتقد والعبادة لإخوتنا الفلسطينيين خلال شهر رمضان المبارك، واعتدائها على المسجد الأقصى الشريف".

وأصدرت المعارضة التركية دعوات مشابهة، منها إدانة زعيم المعارضة كمال قليجدار أوغلو الاعتداءات الإسرائيلية، في تغريدة له قبل يومين، قال فيها: "أدين بشدة هجوم الشرطة الإسرائيلية على المصلين في الأقصى".

فيما استنكر رئيس حزب السعادة التركي المعارض تمال قره ملا أوغلو بشدة الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكدا "ضرورة الرد على اعتداءات المحتل بخطوات ملموسة على وجه السرعة وعدم الاكتفاء بالتصريحات المنددة".

وقالت رئيسة الحزب الجيد المعارض ميرال أكشنر، في تغريدة قبل يومين: "أدين بشدة هجمات الشرطة الإسرائيلية على إخوتنا الفلسطينيين المصلين في المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك"، مشددة بالقول "نقف إلى جانب إخوتنا الفلسطينيين في هذه الحادثة غير الإنسانية".

وتشكل الحالة الفلسطينية نقطة توحد سياسي وشعبي تركي، وهي من النقاط النادرة التي تشهد إجماعا كبيرا، بسبب ما للقضية الفلسطينية والقدس من مكانة لدى الأتراك، حيث لا يتم تسييس أي تطورات فيها.