خاص| ملاحظات الجبهة الشعبية المقدمة لحماس حول الممر المائي لغزة

خاص| ملاحظات الجبهة الشعبية المقدمة لحماس حول الممر المائي لغزة

18 مارس 2024
ترى الجبهة الشعبية أن أميركا تسعى لاستغلال الممر لتنفيذ رؤيتها (رويترز، Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حصلت "العربي الجديد" على وثيقة تكشف ملاحظات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الممر البحري المقترح من قبرص إلى غزة، معبرة عن مخاوف من استغلال الولايات المتحدة للممر لأهدافها بما في ذلك إبقاء القوات الإسرائيلية في غزة.
- تحليل الجبهة يشير إلى استراتيجيتين أمريكيتين: إنشاء منطقة خضراء تحت الاحتلال الإسرائيلي وتشكيل إدارة انتقالية بالتعاون مع رجال أعمال لضمان الدعم العربي، ومحاولات لإضعاف المقاومة.
- ماهر الطاهر يؤكد تقديم ملاحظات الجبهة للفصائل الفلسطينية واتفاق حماس معها، معولًا على فشل المشروع بفضل الصمود الشعبي والمقاومة، ويعبر عن قلقه من استغلال الأزمة لابتزاز الشعب الفلسطيني.

أميركا تسعى لاستغلال الممر لتنفيذ رؤيتها حول مصير قطاع غزة

مواقف رجال أعمال من غزة من فكرة الممر تعطي غطاء للمشروع الأميركي

هناك محاولات لتجاوز فكرة وقف إطلاق النار باعتبارها المطلب الأساسي

أميركا لجأت لبناء "ظهير محلي" بعد دعم الاحتلال تمرد إحدى العائلات

حصل "العربي الجديد" على ورقة تشمل ملاحظات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على فكرة إنشاء الممر البحري الذي بدأ العمل به من ميناء لارنكا في قبرص وصولًا إلى شواطئ قطاع غزة.

وقدّمت الورقة للفصائل الفلسطينية، وتحديدًا لحركة حماس التي لم تصدر موقفًا معلنًا حتى اللحظة، وقالت إن موقفها المعلن حتى اللحظة هو "التزام الصمت" إلى حين ظهور نوايا جدّية بأن الممر إغاثي ولا يحمل أهدافًا أخرى.

وترى الجبهة الشعبية في ورقتها أن أميركا تسعى لاستغلال الممر لتنفيذ رؤيتها حول مصير قطاع غزة من خلال بقاء القوات الإسرائيلية المحتلة داخل القطاع لفترة طويلة قد تمتد لأشهر أو سنوات، وهو ما من شأنه أن يفضي إلى إدارة انتقالية داخل غزة وفق معايير إسرائيلية أميركية، في ظل تقاطع أطرافٍ عربية وفلسطينية مع الرؤية الأميركية.

وبحسب الجبهة، فإن أميركا تستغل مسارين لتحقيق هذه الأهداف، أولهما، محاولتها اتخاذ الممر البحري كرأس جسر لتأمين وجود منطقة خضراء في قطاع غزة (أي منطقة عسكرية للاحتلال الإسرائيلي وحلفائه) وبالتالي فصل قطاع غزة عن عمقه العربي، وإغلاق معبر رفح وإجراءات أخرى تستهدف محور فيلادلفيا، بالإضافة إلى مسارٍ آخر عبر حشد مجموعة من العائلات وشخصية معروفة وجهات من المجتمع المدني في غزة مع رجال أعمال وأصحاب المصالح للتعاون معهم بهدف تشكيل إدارة انتقالية للقطاع، ضمن الرؤية الأميركية، تزامنًا مع مساعٍ لخلق ظهير محلي عشائري يعادي المقاومة.

ويوضح مسؤول العلاقات الدولية للجبهة الشعبية، ماهر الطاهر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أبرز المعطيات التي أوردتها الجبهة حول المساعي الأميركية لإنشاء المنطقة الخضراء، قائلًا إن "أميركا أعلنت أن مسؤولية حماية الميناء ستكون ملقاة على الجيش الإسرائيلي، ما يعني قبولًا أميركيًا ببقاء الاحتلال الإسرائيلي داخل القطاع تحت مسمّيات مرحلة انتقالية، كما أن السفن القادمة عبر الممر ستخضع للتفتيش الإسرائيلي في قبرص، بالإضافة إلى إعلان أميركا نشر ألف جندي من قواتها لتأمين المساعدات، ما يثير المخاوف من تشكيل قاعدة عسكرية في المكان".

وفي الثامن من مارس/آذار الحالي، صدر بيان مشترك، أعلن فيه كل من المملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية وقبرص والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وهولندا، عزمها على فتح ممر مائي لإيصال كميات إضافية من المساعدات الإنسانية عن طريق البحر. وذكر البيان أنه سيتم تنسيق الجهود مع إسرائيل، وسيتم إنشاء رصيف مؤقت في غزة من قبل الولايات المتحدة بهدف تقديم "كميات كبيرة من المساعدات عن طريق البحر".

وترافق ذلك مع إبداء رجال أعمالٍ من غزّة مواقف متساهلة ومتعاونة مع فكرة الممر، وهذا ما اعتبره الطاهر غطاءً عربيًا للمشروع الأميركي رغم وجود مواقف عربية بينها لمصر رافضة للقرار بالإضافة إلى تأكيد المؤسسات الدولية الأممية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" على أولوية إدخال المساعدات عبر المعابر البرية مثل رفح، لا سيما أن المخاوف قائمة من أن يكون الممر تمهيدًا لإغلاق المعابر مع مصر والسيطرة على محور فيلادلفيا.

وتكمن خطورة الممر وفق الطاهر في مكان الموقع الذي يقع قرب منطقة الشاطئ جنوب غرب مدينة غزة المعروف بـ "محور نتساريم" وهي نهاية الجزء الغربي من الممر الذي تحتله القوات الإسرائيلية من الحدود الشرقية للقطاع، وصولًا إلى شاطئ البحر والذي يقسم مدينة غزة وشمالها عن المنطقتين الوسطى والجنوبية من قطاع غزة.

وتوضح الجبهة الشعبية أن أميركا لجأت إلى بناء "ظهير محلي" في غزة، بعدما دعم الاحتلال الإسرائيلي ما سمته "تمرداً عائلياً مسلّحاً" قادته إحدى العائلات ضد المقاومة وتحديدًا حركة حماس، حيث قامت باستهداف رجال المقاومة، وقتل عددٍ منهم، واختطاف عددٍ آخر، ما دفع كتائب القسام - الذراع العسكرية للحركة إلى ملاحقة المتورطين من العائلة.

واللافت وفق الطاهر هو أن أفراد هذه العائلة يتمركز نفوذهم وسكنهم في مناطق غرب وجنوب مدينة غزة المعروفة بـ "محور نتساريم" وهي المنطقة المحاذية للممر الفاصل شمال القطاع عن جنوبه، وهي ذات المنطقة التي يجري العمل فيها لتشغيل الممر البحري، وبالتالي حاول الاحتلال الإسرائيلي رغم فشله، أن يخلق ظهيرًا مسلحًا معاديًا للمقاومة تحت غطاءٍ عشائري.

كما أوضحت الجبهة الشعبية أن أربع شركات فلسطينية تعمل على تنفيذ وتشغيل الممر البحري، وهي ذات الشركات المسؤولة عن تنفيذ المشاريع الإماراتية في غزة خلال السنوات الماضية، وتعمل حاليًا على تقديم 800 اسم عامل في المشروع، من المقرر أن يختار الاحتلال الإسرائيلي 400 اسم منهم، يرتكز عملهم في نقل الركام من مناطق شرق غزة وحيِّ الشجاعية إلى منطقة تشغيل الممر غربًا، وبالتالي تبدي الجبهة تخوفها من "جعل الأيادي العاملة الفلسطينية كأداة لخلق درع مدني فلسطيني في المنطقة التي يفصل فيها الاحتلال قطاع غزة".

وأشارت الشعبية إلى أن الشركة المعتمدة من قبل الاحتلال لنقل المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله وأحيانًا تنقل مساعدات وكالة "أونروا"، تتبع لعائلة مقرّبة من وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، حسين الشيخ، وهي ذات العائلة التي كانت مخوّلة سابقًا بنقل البضائع من المعبر الإسرائيلي كرم أبو سالم إلى داخل غزة.

ويرى الطاهر أن خلاصة هذه الملاحظات تتمثل في المحاولات الأميركية الإسرائيلية لتجاوز فكرة وقف إطلاق النار باعتبارها المطلب الأساسي حاليًا، مستغلين بذلك حالة الفوضى وابتزاز الناس بحاجاتهم الأساسية لا سيما أن مناطق شمال غزة تعاني من حرب تجويع، وذلك عبر توسيع مساحة المرتبطين بالخدمات الإغاثية التي ستكون حكرًا على جهات معادية للمقاومة، سواء كانت فلسطينية متعاونة أم دولية.

وعن سؤال "العربي الجديد" عمّا إذا قدمت الجبهة الشعبية ملاحظاتها للفصائل، أجاب الطاهر: "التقينا الفصائل وتحديدًا حماس حيث ضمّ الوفد شخصيات قيادية من المستوى الأول، وأبدت تفهمًا واتفاقًا مع ملاحظاتنا (...) وما زلنا نعول على فشل المشروع بفعل الصمود الشعبي والمقاومة".