جيل من المقاومين بجنين يقلب المعادلة ويعيد الضفة إلى أيام الانتفاضة

جيل من المقاومين في جنين يقلب المعادلة ويعيد الضفة إلى أيام الانتفاضة الثانية

09 ابريل 2022
استعان جيش الاحتلال بعدة وحدات مختارة للعدوان على مخيم جنين (Getty)
+ الخط -

احتاج جيش الاحتلال الإسرائيلي المئات من الجنود لاقتحام منزل الشهيد رعد خازم، منفذ عملية الهجوم المسلح في تل أبيب، لأخذ قياسات منزله، في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية تمهيداً لهدمه.

وأسفر الاقتحام، صباح اليوم السبت، عن استشهاد الشاب أحمد السعدي، أحد مقاتلي مخيم جنين، وإصابة نحو 15 آخرين، في حين فشلت قوات الاحتلال في اعتقال والد الشهيد خازم الذي أصبح مطارداً من قبل الاحتلال منذ اليوم السبت. واستعان جيش الاحتلال بعدة وحدات مختارة من جيشه، مثل "كتيبة الاستطلاع" ولواء "الكوماندوز" والطيران العسكري، للعدوان على مخيم جنين الذي استمر نحو ساعتين، لأخذ قياسات منزل الشهيد خازم ومحاولة اعتقال والده وأشقائه، واشتبك شبان فلسطينيون مع جنود الاحتلال، ما أسفر عن استشهاد السعدي، وهو أحد عناصر "كتيبة جنين" التابعة للذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

ونعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وذراعها العسكرية الشهيد أحمد ناصر عبد الرحمن السعدي (23 عاماً)، القائد الميداني في كتيبة جنين، إحدى التشكيلات التابعة لسرايا القدس بالضفة الغربية. 

ووالد الشهيد السعدي ضابط متقاعد من جهاز الاستخبارات الفلسطيني، والشهيد السعدي هو رفيق الشهيدين جميل العموري، أحد مؤسسي "كتيبة جنين"، الذي استشهد أيضاً في اشتباك مسلح في جنين منتصف العام الماضي، وعبد الله الحصري الذي استشهد مطلع مارس/ آذار الماضي في اشتباك مسلح أيضاً.

وقضى السعدي وهو يضع صورة الحصري على سلاحه، وكانت وصيته أن يدفن قرب صديقه الحصري، علماً أن السعدي كان أُصيب بجراح قبل فترة، وكان ملاحقاً من قبل الاحتلال الإٍسرائيلي وأجهزة السلطة الفلسطينية، حسب تصريحات والده لشبكة "قدس" المحلية اليوم، فيما يأتي استشهاده بعد أقل من 48 ساعة على اسشهاد رفيقه في المخيم رعد خازم.

ونفذ خازم، مساء أول من أمس الخميس، هجوماً مسلحاً في أكثر شوارع تل أبيب حيوية "ديزنغوف"، الذي تعتبره إسرائيل يحاكي أوروبا من حيث الملاهي الليلة والمقاهي الثقافية، وأوقع خازم ثلاثة قتلى إسرائيليين وتسع إصابات.

وفرض خازم (29 عاماً)، الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات ومعروف بأنه "قرصان معلومات"، حالة من الهلع والطوارئ في تل أبيب لمدة نحو تسع ساعات، من مساء الخميس وحتى فجر الجمعة، "ما أجبر الاحتلال على استدعاء القوة الخاصة التابعة لسلاح الجو (شلداج) التي تسبب نزولها بحالة من الهستيريا بين الإسرائيليين، وهي القوة التي استُدعيت آخر مرة عام 1978 إثر عملية الفدائية دلال المغربي"، حسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية معاوية موسى في حديث لـ"العربي الجديد".

وعلى الرغم من أن خازم "هاكر"، فإنه لا يوجد له أي حساب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يعتقل سابقاً لدى الاحتلال، ويملك شقة وسيارة من عمله الخاص، حسب ما أكد جيرانه في مخيم جنين لـ"العربي الجديد".

وبات العقيد فتحي خازم، والد الشهيد الذي يعمل في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، مطارداً من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن بارك يوم أمس الجمعة، في كلمة له، عملية ابنه، ودعا الفلسطينيين للمقاومة أمام عدسات الكاميرا قائلاً: "نحن نريد حرية، وليس تسهيلات كما تريد إسرائيل".

ونشرت قناة (12) الإسرائيلية أن "مكتب رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت طلب من مسؤولين في الإدارة الأميركية دعوة الرئيس محمود عباس إلى حرمان والد الشهيد رعد خازم، منفذ عملية (ديزنغوف)، من راتبه التقاعدي الذي يتقاضاه كموظف متقاعد في السلطة الفلسطينية، وتعزيز انتشار قواتها في شمال الضفة الغربية".

ورغم تأكيد أمين سر حركة فتح في جنين عطا أبو رميلة لـ"العربي الجديد" أن حركة فتح تتبنى الشهيد خازم، وهو أحد عناصرها، وإعلان الحركة لذلك عبر مكبرات الصوت في المساجد، إلا أن الحركة لم تصدر أي تبنٍ رسمي للشهيد أو عمليته.

ويقول قيادي فتحاوي اشترط عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد": "هناك فرق بين تبني الشهيد من قبل قيادي فتحاوي أو من الحركة بشكل رسمي، وتبني العملية، لأنه لا يمكن التملص من أي بيان رسمي تصدره الحركة".

وتأتي عملية الشهيد رعد خازم في خضم ما تقدمه حكومة الاحتلال على أنه "تسهيلات" للفلسطينيين، تسمح بموجبها للفلسطينيين بالصلاة في المسجد الأقصى ضمن أعمار معينة، وتتزامن موجة العمليات مع الذكرى الـ20 لاجتياح الضفة الغربية ضمن العملية العسكرية الإسرائيلة "السور الواقي".

ونفذ مقاومان اثنان حتى الآن عمليات إطلاق نار في العمق الإسرائيلي من بلدة يعبد جنوب غرب جنين، وهما ضياء حمارشة ورعد خازم من مخيم جنين، الذي تم تدميره عام 2002 بشكل شبه كامل، ولم يكن رعد وضياء يتجاوزا من العمر ثماني سنوات .

وذات الأمر ينطبق على الشهداء الذين اغتالتهم إسرائيل، سواء في جنين أو نابلس، منذ بداية العام الجاري، إذ كانوا أطفالاً لم يتجاوزوا العاشرة من العمر حين شنت إسرائيل عملية "السور الواقي" وبنت جدار الفصل العنصري بذريعة منع المقاومين الفلسطينيين من الوصول إلى العمق الإسرائيلي لتنفيذ عملياتهم.

ويأتي تصاعد العمليات واستهداف الشبان الفلسطينيين في الآونة الأخيرة مع تنفيذ قوات الاحتلال علميات اعتقال في جنين. وأوضح نادي الأسير الفلسطيني، في بيان صحافي، أنه منذ مطلع العام الجاري، اعتقلت قوات الاحتلال نحو 200 فلسطيني من محافظة جنين، كانت أعلى حصيلة للاعتقالات في مارس/آذار الماضي حيث بلغت 100 حالة، وهي نصف حصيلة الاعتقالات، وتركزت عمليات الاعتقال في عدد من البلدات في جنين، إضافة إلى مخيم جنين الذي يشهد مواجهة عالية مع الاحتلال.

المساهمون