النظام يدفع بتعزيزات عسكرية لشمال سورية قبيل قمة طهران

النظام يدفع بتعزيزات عسكرية لشمال سورية قبيل قمة طهران

19 يوليو 2022
استقدم النظام أسلحة ثقيلة لريف منبج الغربي (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

دفع النظام السوري بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى خطوط التماس مع فصائل المعارضة السورية، الموالية للجيش التركي، في ريف حلب الشمالي، في سياق تفاهم عسكري مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تتخوف من عملية عسكرية تركية واسعة النطاق. 

وجاءت هذه التطورات قبيل  قمة طهران الثلاثية والتي تضم رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران إبراهيم رئيسي، والتي من المرجح أن يكون ملف الشمال السوري على رأس أولوياتها، فيما كان لافتاً أمس الإعلان عن زيارة وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد لطهران اليوم الثلاثاء بالتزامن مع عقد القمة من دون إعلان ما إذا كان سيشارك في أي لقاءات إيرانية - روسية.

ووفق مصادر محلية، فقد وصلت، فجر أمس الإثنين، دفعات جديدة من وحدات قتالية تابعة لقوات النظام إلى نقاط التماس مع فصائل المعارضة السورية في ريف منبج شمال شرقي حلب، مشيرة إلى أن قوات روسية رافقت هذه الدفعات.

تعزيزات النظام لإغلاق جبهات القتال

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أن التعزيزات تأتي ضمن خطط لاستكمال إغلاق جبهات القتال لـ"مواجهة أي عدوان باتجاه تل رفعت ومنبج"، في ريف حلب الشمالي. وأشارت إلى "تسارع إيقاع قرع طبول الحرب التي ينوي نظام (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان شنها في الشمال السوري"، وفق تعبيرها.

هشام اسكيف: الجيش الوطني أكمل استعداداته من أجل البدء بعملية واسعة النطاق ضد قسد

وبيّنت أن قوات النظام استقدمت مئات الجنود مع أسلحة ثقيلة من خلال معبر التايهة إلى ريف منبج الغربي، على طول خط تماس نهر الساجور، الذي يفصل بين مناطق سيطرة النظام و"قسد" من جهة، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة من جهة أخرى.

وفي المقابل، يبدو أن فصائل المعارضة في الشمال السوري استكملت الاستعدادات لشن عملية عسكرية واسعة، بدعم من الجيش التركي، من المتوقع أن تكون باتجاه منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، التي شهدت أخيراً تعاوناً عسكرياً بين قوات النظام ومليشيات إيرانية من جهة، وبين "قسد" المسيطرة على المنطقة من جهة أخرى.

"الجيش الوطني" أكمل استعداداته للعملية

وأكد هشام اسكيف، وهو عضو مكتب العلاقات في "الفيلق الثالث" في "الجيش الوطني" الذي يضم فصائل الشمال السوري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذا الجيش اتخذ كل الخطوات واستكمل كل الاستعدادات" من أجل البدء بعملية واسعة النطاق ضد "قسد".

وأضاف: قواتنا اتخذت مواقعها بشكل كامل انتظاراً لانطلاق العملية، والذي نعتبره حتمياً. وأشار إلى أنّ الجانبين الروسي والإيراني "يمارسان مناورات سياسية للحيلولة دون البدء بالعملية، كونهما متضررين منها"، مضيفاً: "إيران الأكثر تضرراً من العملية، ولكن في النهاية، فإنها ليست بموقع يتيح لها أكثر من المشاغبة".

ومن المرجح أن يكون ملف الشمال السوري على رأس أولويات القمة الثلاثية في طهران اليوم الثلاثاء، والتي تضم رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران إبراهيم رئيسي.

وتأتي القمة في إطار مسار أستانة حول الملف السوري، والذي كان بدأ مطلع 2017. وتعد الدول الثلاث الضامنة لتنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها في جولات مسار أستانة.

وكانت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية ذكرت، في بيان أمس الأول الأحد، أن "القمة الثلاثية ستناقش مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً لأمن المنطقة، وفي مقدمتها تنظيم واي بي جي (الوحدات الكردية)/ بي كي كي (حزب العمال الكردستاني) وداعش الإرهابيان، والجهود المتعلقة بالحل السياسي في سورية".

وتعتبر أنقرة "قسد" مصدر تهديد لأمنها القومي، وتهدد منذ شهرين بشن عملية ثالثة ضدها في الشمال السوري، في حين ترفض طهران وموسكو أي تحرك تركي يزيد من مساحة نفوذ الأتراك في هذا الشمال. وينظر الأتراك إلى "قسد" بأنها نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني "تسعى إلى إقامة إقليم يحمل صبغة كردية في شمال شرقي سورية" وهو ما تعتبره أنقرة خطاً أحمر لا تسمح بتجاوزه.

رفض إيراني وروسي للعملية التركية

وتؤكد التعزيزات العسكرية المتتابعة من قبل النظام والجانب الروسي أن الأخير لم يوافق حتى أمس الإثنين على شن الأتراك أي عملية عسكرية، سواء كانت محدودة أو واسعة النطاق ضد "قسد". إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى أن أنقرة جادة في التوغل مرة أخرى في العمق، وخاصة في ريف حلب.


آرام حنا: قواتنا تتأهب لصد هجوم تركي محتمل

وكانت تركيا شنت عمليتين ضد "قوات سورية الديمقراطية"، الأولى مطلع 2018، أدت إلى طردها من منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، والثانية أواخر 2019، سيطرت عبرها على شريط حدودي داخل الأراضي السورية شرقي نهر الفرات بطول 100 كيلومتر، وبعمق 33 كيلومتراً.

وتريد أنقرة توسعة نفوذها في الشمال السوري من خلال دفع "قسد" بعيداً عن الحدود التركية الجنوبية، لكن الأتراك حتى اللحظة لم يحصلوا على ضوء أخضر من الجانبين الروسي والأميركي للقيام بهذا الأمر.

"قسد" تستعين بقوات النظام لصد الأتراك

وأجبر الوعيد التركي "قسد" على الاستعانة بقوات النظام والجانب الروسي لصد أي عملية محتملة ضدها، وهو ما يعني مزيداً من التنازلات للنظام في غرب الفرات وشرقه، حيث انتشرت وحدات قتالية تابعة لهذا النظام في العديد من المواقع، منها تل رفعت وريف منبج، وريف الرقة الشمالي، وفي منطقة عين العرب (كوباني) شمال شرقي حلب.

وأكد المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية" آرام حنا، لـ"العربي الجديد"، أن "قواتنا بمختلف الفصائل والمجالس العسكرية تتأهب لصد هجوم تركي محتمل". وكان القائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي قال، في مؤتمر صحافي الجمعة الماضي، إن "لدينا ثقة بأن روسيا وإيران لن توافقا على مطالب تركيا". وأشار إلى أن المباحثات مع الجانب الروسي أفضت إلى دخول مزيد من قوات النظام إلى مناطق تتعرض للتهديدات، والتي "هي تحت النفوذ الروسي"، مشيراً إلى أن قوات النظام انتشرت بـ"أعداد كبيرة ومع أسلحة ثقيلة".

المساهمون