المغرب: مجلس استثنائي لـ"العدالة والتنمية" لتجاوز تداعيات التطبيع

المغرب: مجلس وطني استثنائي لـ"العدالة والتنمية" لتجاوز تداعيات "زلزال" التطبيع

24 ديسمبر 2020
غضب داخل الحزب وصل إلى حد المطالبة باستقالة أمينه العام (Getty)
+ الخط -

قرر المجلس الوطني والأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، الخميس، الدعوة إلى عقد دورة استثنائية لبرلمان الحزب، يوم الأحد المقبل، وذلك في خطوة أخرى لتصريف تداعيات ما يعيشه البيت الداخلي من غضب حاد وصل إلى حد المطالبة باستقالة أمينه العام سعد الدين العثماني بسبب توقيعه لاتفاق التطبيع مع إسرائيل.

وكشف المجلس الوطني لـ"العدالة والتنمية"، في بيان أصدره اليوم، عن عقد دورة استثنائية، الأحد القادم تخصص لمناقشة "أداء الحزب بخصوص التطورات السياسية المرتبطة بقضيتنا الوطنية الأولى للصحراء المغربية ومستجدات القضية الفلسطينية"، فيما تم إلغاء اجتماع لجنة الشؤون السياسية والسياسات العمومية، الذي كان مبرمجا في نفس الموضوع، يوم السبت المقبل.

ويأتي قرار عقد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، في وقت يتجه فيه الحزب الإسلامي لتجاوز الانعكاسات السلبية للتوتر التنظيمي الذي يعيشه بسبب الجدل المحتد في قواعده وقيادته بين مؤيد ومعارض لتوقيع أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني على الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.

وبدا لافتا، ساعات قليلة بعد الخروج الإعلامي للأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، أمس الأربعاء، للدفاع عن رئيس الحكومة وامتصاص غضب مناضلي الحزب، دعوة الأمانة العامة إلى عقد اجتماع استثنائي خصص لمناقشة تداعيات الخلافات الحادة التي ظهرت مباشرة بعد التوقيع على قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل.

وبحسب مخرجات الاجتماع، التي كشف عنها بيان أصدرته الأمانة العامة للحزب، فقد تمكن العثماني من الظفر بدعم أعضائها و"تثمينهم لما يقوم به من أدوار في إطار مسؤولياته السياسية والحكومية وما يقتضيه ذلك من دعم وإسناد الملك".

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الحزب الإسلامي يسير نحو تجنيب بيته الداخلي انعكاسات "زلزال التطبيع" مع إسرائيل، على الأقل في المرحلة الحالية، يرى عضو الأمانة العامة للحزب، عبد العزيز أفتاتي، أن المرحلة الجديدة التي دخلها  المغرب بعد التوقيع على اتفاق التطبيع تقتضي تأهيلا سياسيا للحزب ومؤسسات جديدة وقيادة جماعية منسجمة، وذلك للمساهمة في مواجهة المشروع الصهيوني.

واعتبر أفتاتي، في حديث مع "العربي الجديد "، أن موقف المغاربة الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان هو المؤطر لحزب العدالة والتنمية وباقي الأحزاب المغربية، مضيفا: "يلزمنا الاستماتة في الدفاع عن القضية الوطنية أي ترصيد التراكم في شأن الحسم النهائي للنزاع المفتعل من لدن الجزائر، لكن دونما أي التباس بمقايضة القضية الوطنية بالموقف من الكيان الصهيوني".

وفي تعليق له على الجدل، كتب القيادي في "العدالة والتنمية"، عبد العالي حامي الدين، بصفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "في الحاجة إلى التمييز بين الدولة والسلطة.. الدولة هي ذلك الكيان المعنوي الذي يظللنا جميعا ومن واجبنا أن ندافع عنه جميعا.. أما السلطة فهي معنية باتخاذ القرارات وهي قد تصيب وقد تخطئ.. والأصل فيها هو المساءلة والمحاسبة..".

وكان الأمين العام السابق لـ"العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، قد دعا، أمس، في كلمة بثها عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مناضلي حزبه إلى الكف عن انتقاد رئيس الحكومة الحالي، لافتا إلى أن توقيع العثماني على الإعلان الثلاثي مع الإسرائيليين أمام الملك، قد لا يعجب البعض، لكن المطالبة بإقالته أمر غير منطقي.

وشدد بنكيران على أنه من حق حزبه أن يستاء من قرار التطبيع، بعدما شكلت هذه القضية لعقود من الزمن نقطة أساسية في عقيدته، لافتا إلى أنه "من غير المناسب أن يقف هذا الحزب الذي يترأس الحكومة ضد قرارات الدولة، وأنه لا يمكن له أن يؤيد قرارا ويرفض آخر، فوجوده في الحكومة يفرض عليه القبول بكل القرارات. وأوضح أنه إذا كان الحزب سيرفض أي قرار فالمفروض أن يظل في المعارضة، وحينها يمكن أن يقول ما يشاء، أما والحال أن الحزب يترأس الحكومة وأمينه العام هو الرجل الثاني في الدولة، فلا يمكن للرجل الثاني أن يخرج عن الرجل الأول".

 

ويعيش "العدالة والتنمية"، منذ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في العاشر من الشهر الجاري، الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، على صفيح ساخن، بالتزامن مع تباين مواقف هيئاته التنظيمية بخصوص الاتفاق.

ووجد الحزب، الذي يبني عقيدته السياسية، منذ نشأته، على رفض التطبيع، نفسه في موقف محرج أمام قواعده والرأي العام، وهو يصطدم بقرار استئناف العلاقات مع تل أبيب باعتباره أول حزب إسلامي سيسهر على تفعيل القرار من موقع توليه لرئاسة الحكومة المغربية.

وزاد الحرج، بعد أن أصدرت الأمانة العامة للحزب بيانا لم تتطرق فيه بشكل مباشر لقرار التطبيع مع إسرائيل، مكتفية، بالمقابل، بإعادة التأكيد على "مواقف الحزب ثابتة بخصوص الاحتلال الصهيوني وما يقترفه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم تقتيل وتشريد وعدوان على المقدسات".

وفي الوقت الذي تجنبت فيه الأمانة العامة للحزب الإسلامي إعلان موقف صريح مباشر إزاء استئناف العلاقات مع إسرائيل، سارعت كل شبيبة العدالة والتنمية وحركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوي للحزب، إلى إعلان رفضها للخطوة.

وكان العثماني قد وقع الثلاثاء، بمعية مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، إعلانا مشتركا أعلن عن الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المغاربة وإقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة، وإعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب.