ألمانيا: جدل حول دور ومخاطر تمديد مهمة الجيش في أفغانستان

ألمانيا: جدل حول دور ومخاطر تمديد مهمة الجيش في أفغانستان

26 مارس 2021
ترقب ألماني للقرار الأميركي (كنوت مولر/Getty)
+ الخط -

وافق أغلبية نواب البوندستاغ الألماني، مساء أمس الخميس، للمرة العشرين، على تمديد ولاية مهمة الجيش الألماني في أفغانستان، أطول وأغلى تكاليف انتشار خارجي للبوندسفير، وأكثرها إثارة للجدل من الناحية السياسية من ضمن التفويض المعطى له للمشاركة في مهمة حلف شمال الأطلسي (ناتو). 

وأيد تمديد المهمة 432 نائبا، فيما صوت 176 نائبا ضد القرار، وامتنع 21 عن التصويت.

وبهذا التصويت، فإن 1300 جندي سيبقون في منطقة هندوكوش حتى 31 يناير/ كانون الثاني 2022، والجميع في حال من الترقب للقرار الأميركي المتعلق بقواتها، بصفتها صاحبة القوة العسكرية الأكبر والمزود الأساسي لقوات حلف الأطلسي على الأراضي الأفغانية.

وعلى ما يبدو، فإن الحكومة الألمانية تعول على أن يكون الانسحاب محتملا بعد نجاح مفاوضات السلام بين حركة "طالبان" والحكومة في كابول، وهذا ما كان واضحا من خلال ترحيب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بالقرار، فكتب على "تويتر": "نحن بحاجة إلى المرونة، نريد إنهاء مشاركتنا العسكرية في أفغانستان معا في التحالف، ولكن للقيام بذلك بشكل مسؤول يحتاج المرء إلى مزيد من الوقت"، وذلك في إشارة إلى أنه لا يمكن تعريض ما تم تحقيقه بانسحاب سريع قد تكون له عواقب سيئة، علما أن الألمان يقدمون التدريب والمشورة والدعم لقوات الدفاع والأمن الأفغانية، وهم مسؤولون عن إحدى مناطق حلف شمال الأطلسي الخمس في شمال أفغانستان.

وعن الحجة الأساسية للحكومة، قال النائب عن المسيحي الديمقراطي، يوهان فادفول، إنه "بانسحاب حلف شمال الأطلسي ستختفي رغبة "طالبان" بالتفاوض، ومن أجل عدم تضييع فرصة التوصل إلى حل سلمي من خلال المحادثات، وكي لا تنزلق البلاد إلى حرب أهلية كبرى". 

إلى ذلك، برزت تبريرات أخرى عن الائتلاف الحاكم، وتفيد بأنه "لا ينبغي لأحد أن يسيء إلى الرئيس الأميركي جو بايدن بجهد ألماني منفرد"، إذ اعتبرت المتحدثة باسم السياسة الدفاعية عن كتلة الاشتراكي الديمقراطي، سيمتيي مولر، أنه "لا يجب التخلي عن النسوة اللواتي عشن في حكم "طالبان" الوحشي لسنوات، والقوات الأفغانية، والسكان الذين يعتمدون علينا". فيما برز انقسام لدى الخضر بعد أن رفضت أغلبية كتلة الحزب في البوندستاغ تمديد المهمة.

في المقابل، وصف حزبا اليسار والبديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المهمة بـ"الفاشلة"، وطالبا بالانسحاب الفوري للبوندسفير من أفغانستان مع تزايد الخطر والاستهداف للقوات الغربية. 

وصف حزبا اليسار والبديل من أجل المانيا اليميني الشعبوي المهمة بـ"الفاشلة" وطالبا بالانسحاب الفوري للبوندسفير من أفغانستان مع تزايد الخطر والاستهداف للقوات الغربية

وحث خبير الدفاع في البديل روديغر لوكاسن الأحزاب الحاكمة على "البدء بالخروج من هذه الحرب التي لا نهاية لها"، وفق ما ذكرت "إيه آر دي" الإخبارية، فيما قال السياسي عن اليسار توبياس بفلوغر: "إذا كان على حلف شمال الأطلسي أن يكسر اتفاق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مع "طالبان"، والذي نص على انسحاب القوات الدولية بحلول 30 إبريل/ نيسان 2021، فإنه سيعرض القوات الغربية لمزيد من الخطر في حرب لا تستطيع الانتصار فيها". مع العلم أن الأمم المتحدة، وفق "شبيغل أون لاين"، سجلت في النصف الثاني من العام 2020 حوالي 10439 حادثة أمنية، اي بزيادة 18 % مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019".

ورغم اليقين بأنه في نهاية المطاف، فان الفترة التي سيقضيها البوندسفير في أفغانستان مرتبطة بفترة وجود 2500 عنصر من الجيش الأميركي هناك، برزت آراء تفيد بأن هناك أسبابا لإنهاء مهمة الجيش الألماني على وجه السرعة.

واعتبر الباحث ماركوس كايم، المتخصص في مجموعة أبحاث السياسة الأمنية التابعة لمؤسسة العلوم والسياسة في برلين، مع "شبيغل أون لاين"، أن للسياسة الألمانية اهتمامات أخرى غير مستقبل مهمة البوندسفير في أفغانستان، وأن "قوات حلف شمال الأطلسي، ومعها البوندسفير، وتضم 10 آلاف جندي، بعيدة كل البعد عن استكمال المهمة بنجاح، ومن الواضح أن ألمانيا لن تواجه سوى خيارات سيئة هناك".

علاوة على ذلك، أصبح من الصعب تبرير وجود البوندسفير في أفغانستان ربطا بالمصالح الأمنية الألمانية.

كذلك، فإن هناك إشكالية أن يتم إلزام البوندستاغ الجديد، الذي لن يتم انتخابه قبل الخريف المقبل، بأهداف واستراتيجيات السياسة الأمنية الخارجية بعد أن تم تمديد المهمة حتى نهاية يناير/ كانون الثاني 2022.

كل ذلك وسط تساؤلات عما إذا كان لدى شركاء الحلف أي نفوذ لحل تفاوضي، خاصة وأن الالتزام بالانسحاب من قبل ترامب العام الماضي كان مرتبطا بشروط، كالالتزام الطوعي من قبل المتمردين بمنع الجماعات المتشددة من دخول الأراضي الأفغانية وتهديد الأميركيين وحلفائهم هناك، وهناك تشكيك الآن بشأن ما إذا كانت "طالبان" قد أوفت بوعودها بالفعل. 

ويبرز أيضا الحديث عن غياب لأي شريك سياسي محلي فاعل يساند الحكومات الغربية ، مع مقاومة حكومة الرئيس أشرف غني للنفوذ الغربي، والتي اعتقدت لوهلة أن انتخابات 2019 ستمنحها اعترافا دبلوماسيا دوليا ودعما ماليا لا ينتهي من الغرب.

المساهمون