أحزاب جزائرية تضغط على السلطة السياسية لفتح النقاش في الفضاء العام

أحزاب جزائرية تضغط على السلطة السياسية من أجل فتح النقاش في الفضاء العام

05 فبراير 2024
"جيل جديد": حشد الطاقات لتعزيز الجبهة الداخلية ﻻ ينجح إلا بتقبل النقاش الحر (فيسبوك)
+ الخط -

تواصل أحزاب جزائرية ممارسة الضغوط على السلطة السياسية لدفعها إلى رفع الإكراهات المسلطة على ساحة النشاط السياسي، والإغلاق الحاصل في وسائل الإعلام بشأن النقاشات السياسية الحرة، وتحاول القيام بخطوة مشتركة للدعوة إلى إعادة فتح وسائل الإعلام للحوار في القضايا الأساسية التي تهم الشأن الوطني، قبل أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية، المقررة في غضون الثلاثي الأخير من العام الجاري 2024.

في أحدث هذه المواقف، عبر حزب "جيل جديد" عن بالغ استيائه إزاء "تهميش مستمر وغير مثمر للحياة السياسية وإعدام النقاشات الوطنية التي لم تعد موجودة في الواقع".

وأكد بيان للمجلس الوطني للحزب، أمس الأحد، أن "سياسة حشد الطاقات الوطنية لتعزيز الجبهة الداخلية ﻻ يمكن أن تنجح إلا عندما تتقبل السلطات السياسية النقاش الحر وتحمل المسؤولية من جانب مختلف الأطراف بضمير كامل"، أما "العودة إلى الممارسات القديمة المتمثلة في التعبئة على أساس تحالفات وهمية أو مصالح انتخابية فلا يمكن أن تشكل خطوة نوعية في الممارسة الديمقراطية".

وحذّر الحزب، الذي التقى رئيسه جيلالي سفيان الرئيس عبد المجيد تبون أكثر من مرة، من نوايا السلطة "لاستبدال الأحزاب السياسية بمجتمع مدني غير معني قانونياً بالسياسة، يستدعي تساؤلات عن نوايا السلطة، خاصة وأن مشروع القانون التمهيدي للأحزاب السياسية لا ينبئ تماماً بالانفتاح الديمقراطي، بل بخطر انهيار الوساطة بين الطبقة السياسية والسلطة، مع الشعب، يمكن أن يؤدي إلى أزمة ثقة عميقة على المدى الطويل".

وأشار، إلى أنه "يجب أن تعالج السلطات مسألة التعددية الحزبية بضمير جاد، كما أنه من المستحيل العودة إلى الحزب الواحد. سيكون من غير المسؤول أيضاً الاعتماد على أجهزة سياسية مقيدة ذات قابلية مؤكدة للاستغلال"، في إشارة إلى أحزاب السلطة.

وفي السياق نفسه، قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، في لقاء تلفزيوني بث أمس الأحد، "نحن بصدد سنة انتخابية بامتياز، يجب فتح المجال أمام تنافس الأفكار والبرامج والمشاريع حتى يتمكن الشعب الجزائري من استرجاع الثقة، ويعطي فرصة للأحزاب السياسية للمنافسة، نحتاج إلى فتح المجال أمام التنافس بين الأفكار والرؤى لتمكين الجزائريين من استرجاع الثقة واستبعاد كل الإكراهات القائمة". مؤكداً أن انفتاحاً كهذا "يسمح "بإنهاء الصورة المشوشة على البيئة السياسية".

ويصف رئيس حركة النهضة محمد دويبي الوضع المرتبط بحالة النقاش السياسي في الجزائر، بأنه "وضع خانق"، ويفسر ذلك بوجود "فوبيا سياسية لدى السلطة من ارتدادات الحراك الشعبي".

وأضاف دويبي، في حديث لـ" العربي الجديد"، أن "الكثير من المتابعين على أكثر من صعيد يلاحظون هذه الحالة غير الإيجابية، أعتقد أن السلطة ومنذ حراك 2019 أصبح لديها رد فعل غريب ومبالغ فيه لكل ما هو سياسي، ما أدى إلى هذا الغلق الخانق، على الرغم من أن تحديات الوضع التي تفرض نقاشاً وحواراً مجتمعياً لتنوير الرأي العام بمخاطر هذه التحديات".

استحقاقات انتخابية

وفي غضون الأسبوع الماضي كان حزب التحالف الجمهوري قد دعا "السلطات العمومية إلى تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح الموعد الانتخابي المقبل، لا سميا ما تعلّق برفع التضييق على العمل الحزبي وفتح الفضاء الإعلامي، بما يسمح بإبراز الرأي والرأي الآخر، والدعوة إلى نقاش من أجل تمكين المواطنين من ممارسة سيادتهم الشعبية وحقّهم الدستوري في اختيار أعلى سلطة في البلاد".

وكانت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، قد أكدت السبت الماضي، في لقاء مع أطر حزبها أن "الجزائر التي ستشهد هذا العام انتخابات رئاسية، بحاجة إلى تحسين المناخ السياسي وتعزيز مجال الحريات العامة، وفتح المنابر الإعلامية للنقاش السياسي الحر، وبخاصة وسائل الاعلام العمومية لتشجيع المنابر المستقلة على ذلك".

ولكن، كيف ستتصرف الأحزاب الجزائرية في حال استمر موقف السلطة في إبقاء الوضع على ما هو عليه، رغم استحقاقات الانتخابات الرئاسية التي تفرض فتحاً أوسع لمجالات النقاش؟

يؤكد القيادي في حزب "جيل جديد"، حبيب براهمية، أن الأحزاب الجزائرية قد تعمد إلى "اتخاذ خطوة مشتركة بشأن ما يلاحظه الجميع من نقص كبير في النشاط السياسي بصفة عامة في الجزائر".

ويقول لـ" العربي الجديد"، إن "الجميع معنيون بالضيق الحاصل في المنابر الإعلامية تجاه الأحزاب السياسية، وهذا ناتج من إرادة السلطة في وضع الأحزاب في مرتبة ثانية في العمل السياسي ومنعها من التعبير عن مواقفها، لأننا في مرات عديدة نطالب بان يكون هناك ما يسمح بتقديم تقديرات سياسية تمكن من تحقيق توافقات مشتركة، للأسف هذا غير موجود".

وأشار براهمية إلى أنه "قد تكون هناك ضرورة للقيام بعمل مشترك بين القوى السياسية، ونحن مهيؤون لذلك، وقد كانت هناك مبادرات في هذا السياق للضغط على السلطة لإجبارها على الوفاء بالتزاماتها، وإحداث تغييرات سياسية عميقة، كما نادى بذلك الحراك الشعبي".

وأضاف: "سنستمر في الضغط لأجل ذلك، وإذا كان هناك إمكانية لأي عمل مشترك بين الأحزاب في هذا الاتجاه فنحن مستعدون لذلك، ونأمل في أن تفهم السلطة هذه الرسالة بجدية، وأن يتحقق الفتح السياسي والإعلامي، وأن يفتح المجال لكل الجزائريين في عملية اتخاذ القرار".

المساهمون