"معامل الموت" في ريف حلب هدف دائم للإسرائيليين

"معامل الموت" في ريف حلب هدف دائم للإسرائيليين

21 يوليو 2021
صُنعت البراميل المتفجرة في "معامل الدفاع" (علم الدين الصباغ/الأناضول)
+ الخط -

ضرب طيران، يُعتقد أنه إسرائيلي، مرة أخرى "معامل الدفاع" التابعة لقوات النظام السوري جنوب شرقي مدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري، فضلاً عن مواقع أخرى في محيط المدينة من المرجح أنها تحولت إلى قواعد لمليشيات إيرانية و"حزب الله" اللبناني.
وقالت مصادر محلية في حلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ القصف طاول منطقة السفيرة جنوب حلب، واستهدف "معامل الدفاع" التابعة لقوات النظام في المنطقة، مشيرة إلى أن القصف استهدف أيضاً قواعد للمليشيات الإيرانية في محيط منطقة العيس جنوب حلب ومطار كويرس العسكري شرقي المدينة.

من جهتها، نقلت وكالة أنباء النظام "سانا" عن مصدر عسكري في قوات النظام قوله إنه "حوالى الساعة 23:37 من مساء الاثنين، قام العدو الإسرائيلي بعدوان جوي باتجاه جنوب شرق حلب، مستهدفاً بعض النقاط في منطقة السفيرة، وقد تصدّت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها. ويتم حالياً تدقيق نتائج العدوان". وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الضربات الإسرائيلية "استهدفت منطقة جبل الواحة، قرب (مركز) البحوث العلمية ومعامل الدفاع التابعة للنظام السوري في منطقة السفيرة في ريف حلب"، مؤكداً وجود قاعدة إيرانية ومستودعات أسلحة لها، دُمّرت في القصف. ولفت إلى أن "انفجارات دوت في منطقة السفيرة بريف حلب الشرقي، نتيجة ضربات إسرائيلية على مواقع عسكرية لقوات النظام السوري، توجد فيها مقرات ومستودعات أسلحة للحرس الثوري الإيراني والمليشيات الإيرانية".
وكشفت مصادر، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام السوري والمليشيات التابعة له نقلت، ليل الإثنين الماضي، معدات عسكرية إلى ناحية مسكنة في ريف حلب الشرقي، وذلك بعيد تعرّض مواقعها بالقرب من مدينة حلب لقصف جوي، يعتقد أنه إسرائيلي.

وسبق أن ضرب الطيران الإسرائيلي "معامل الدفاع" في السفيرة عدة مرات على مدى السنوات الماضية، آخرها كان في مايو/أيار الماضي، بسبب تحوّلها إلى مركز نشاط عسكري للإيرانيين. وتقع منطقة السفيرة إلى الجنوب الشرقي من مدينة حلب بنحو 20 كيلومتراً، وهي لم تخرج عن سيطرة النظام، على الرغم من محاولات فصائل المعارضة السيطرة عليها، بسبب شدة التحصينات حول المعامل التي تُعدّ من المجمّعات الخاصة بالصناعات الحربية التابعة لوزارة الدفاع في حكومة النظام. وهي تمتد على مساحة كبيرة من أراضي منطقة السفيرة تُقدّر بنحو 15 كيلومتراً، و"تحوي مستودعات كبيرة للأسلحة، والذخائر فوق الأرض وتحتها"، وفق مصادر في المعارضة السورية. كما يُعتقد أن "معامل الدفاع" في منطقة السفيرة تضم معامل لإنتاج الغازات السامة التي استخدمها النظام عشرات المرات منذ عام 2011.

فاتح حسون: يوجد داخل المعامل مختبرات ومخازن وأنفاق عديدة

وأوضح القيادي في فصائل المعارضة السورية العميد فاتح حسون، لـ"العربي الجديد"، أنه "يوجد داخل هذه المعامل مختبرات ومخازن وأنفاق عديدة"، مضيفاً: "عملية تدميرها بالكامل بحاجة لجهد جوي كثيف ومركز، أي لعدد هائل من الغارات الجوية، وهذا غير ممكن في ظل وجود كتائب وأفواج دفاع جوي محيطة بالمعامل". وأعرب حسون عن اعتقاده بأن "إسرائيل تعتمد على معلومات أمنية تجسسية، تمكّنها من معرفة مكان البناء الذي تنفّذ فيه أعمال ترى أنها ليست لصالحها، وتمكنها كذلك من اختيار الزمان المناسب لاستهدافه". وأضاف: "أولوية الأماكن المستهدفة تكون لتلك التي تتعلق بالصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، والأجهزة الإلكترونية الدقيقة الخاصة بها، حيث تشكل هذه الصواريخ هاجساً لدى تل أبيب، تعمل على محاولة تبديده بهذه الغارات الهادفة للحد منه". وبيّن أن "معامل الدفاع" في منطقة السفيرة "تتميز بوجود خطوط لإنتاج أجزاء خاصة بالصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى، التي تنقلها مليشيات النظام وإيران سراً إلى الجنوب السوري، ما يشكل خطراً على إسرائيل من وجهة نظرها، لذا تكون الغارات غالباً لإعاقة تصنيع ونقل هذه الأجزاء الصاروخية".

وأطلق سوريون خلال سنوات الثورة على "معامل الدفاع" في السفيرة تسمية "معامل الموت المتنقل"، إذ تصنّع داخلها البراميل المتفجرة التي تُعدّ من الأسلحة "الرخيصة" لجهة التكلفة، ولكنها "الأشد فتكاً" بالمدنيين، والتي استخدمها النظام على نطاق واسع في حلب وريفها أواخر 2013 وبداية 2014، ما أدى إلى قتل وتهجير عدد كبير من سكان الأحياء الشرقية من المدينة. كما استخدمها في أغلب المدن والبلدات السورية، ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات آلاف المدنيين.

وفي السياق، تحوّل ريفا حلب الشرقي والجنوبي إلى منطقة نفوذ واسعة النطاق للمليشيات الإيرانية، وهو ما يفسر القصف، الذي يُعتقد أنه من طيران إسرائيلي، على منطقة العيس في ريف حلب الجنوبي ومطار كويرس العسكري في ريفها الشرقي. وتضم منطقة العيس، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن حلب، معسكرات لعدد من المليشيات الإيرانية و"حزب الله". وكانت المنطقة مسرحاً لسنوات لمعارك بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية وفصائل المعارضة التي فقدت مواقعها في ريف حلب الجنوبي، وأبرزها تلة العيس الاستراتيجية في الربع الأول من العام الماضي، بعد معارك تقدمت خلالها قوات النظام تحت غطاء ناري روسي.

أيمن محمد: المليشيات الإيرانية بدأت تنشط أخيراً في ريف حلب الشرقي

وبيّن رئيس تحرير موقع "إيران انسايدر" أيمن محمد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المليشيات الإيرانية تنتشر داخل المدينة وفي أريافها، مشيراً إلى أنها "تتمركز في اللواء 80 (تابع لقوات النظام جنوب شرقي حلب)، وفي مطاري النيرب وكويرس وفي الكليات العسكرية داخل مدينة حلب وفي مطار حلب الدولي، وصولاً إلى بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي". وأوضح أن المليشيات الإيرانية "بدأت تنشط أخيراً في ريف حلب الشرقي الذي خضع لسنوات لتنظيم داعش، بدءا من بلدة دير حافر وصولاً إلى بلدة مسكنة على تخوم مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) في ريف الرقة الغربي"، مشيراً إلى أن هذه المليشيات أنشأت أخيراً قاعدة "حبّوبة" بين مسكنة وبلدة الخفسة القريبة من نهر الفرات.

المساهمون