07 ابريل 2022
فشل حل الدولتين.. ماذا بعد؟
ازدادت، في الآونة الأخيرة، قناعة فلسطينيين وإسرائيليين كثيرين بأن خيار حل الدولتين انتهى، ولم يعد خياراً موضوعياً، بسبب السياسات الإسرائيلية الممنهجة، والتي أدت إلى زيادة الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والتي يفترض أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران للعام 1967، والأهم أن حل الدولتين لم يكن أصلا خياراً مطروحاً، بشكل جدي في العقل الإسرائيلي، سواء في النظام السياسي أو المجتمع اليهودي بشكل عام، وكل ما كان مطروحاً لم يتجاوز سلطة فلسطينية ذات مسؤوليات أمنية واقتصادية محدودة على الحد الأقصى من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وذلك للتخلص الإسرائيلي من الأعباء السكانية والحياتية والقانونية والأخلاقية من استمرار السيطرة عليهم، مع بقاء السيطرة الإسرائيلية الكاملة على معظم ما تبقى من الضفة الفلسطينية، وخصوصاً المنطقة المسماة (C)، والتي تصل مساحتها إلى حوالي ثلثي الضفة، بما فيها الحدود الشرقية مع الأردن، إضافة إلى استمرار السيطرة الإسرائيلية الشاملة على المعابر والقدس الأجواء والمياه والثروات الفلسطينية الأخرى.
وفي هذا السياق، جاءت أقوال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قبل أسابيع في أثناء اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه لم يعد في الوسع العودة إلى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الفترة المتبقية من فترة رئاسته، والذي يمكن فهمه سياسياً غسل الإدارة الأميركية أيديها من العملية السياسية في الشرق الأوسط، نتيجة فشلها ووصولها إلى طريق مسدود، كما أن تصريحات مسؤولين ومحللين أميركيين عديدين تنسجم مع القناعة نفسها بانتهاء حل الدولتين خياراً دولياً، وليس إسرائيلياً فقط، والذي عبر عنه وزير الخارجية الأميركية الأسبق، هنري كيسنجر، وهو أحد أهم السياسيين الأميركيين متابعة لقضية الشرق الأوسط، عندما قال، قبل أيام، إن إقامة دولة فلسطينية لم تعد أمراً قائماً، ولا حتى مفيداً، بل مضرا، في ظل تفكك دول عربية قائمة منذ عقود أو قرون، وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق فيها، وهذا ينسجم مع الادعاء الإسرائيلي بعدم إمكانية حل الدولتين، بسبب أن الدولة الفلسطينية، في حال إقامتها، ستقع بين أيدي داعش والحركات الإسلامية المتطرفة.
بموازاة ذلك، بدأت تصدر أصوات من هنا وهناك، تارة واضحة، وتارة ضمناً، أن فشل حل
الدولتين سيؤدي إلى حل الدولة الواحدة الثنائية القومية، وقد تحدث عن ذلك وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في مؤتمر سابان أخيراً، ما قد يتم فهمه اعترافاً بفشل المساعي الأميركية باتجاه حل الدولتين، وفي الوقت نفسه، محاولة تخويف إسرائيل من حل الدولة الواحدة من جهة، وبث نوع من التفاؤل لدى الفلسطينيين من جهة أخرى. خصوصاً أن بعض الإسرائيليين والفلسطينيين يرون في ذلك الحل الأمثل، كونه يمثل للفلسطينيين العودة إلى فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وإنْ بشراكةٍ مع إسرائيل، ويمثل لشريحة إسرائيلية تحقيق إسرائيل الكبرى بموافقة فلسطينية وعربية وإسلامية. أفشلت إسرائيل حل الدولتين، لأنه يتناقض تماماً مع مشروع إسرائيل الكبرى، ما يعني فشل الحركة الوطنية الفلسطينية في تحقيقه، مع أنه الحد الأدنى فلسطينياً.
في ظل تراجع مكانة القضية الفلسطينية، عربياً ودولياً، لاعتبارات كثيرة، إضافة إلى انقسام الحركة الوطنية الفلسطينية، وتحول السلطة إلى سلطتين متناكفتين، وعدم قدرتهما على حمل إسرائيل على التعاطي بشكل مختلف مع القضية الفلسطينية. وإذا كان حل الدولتين مرفوضاً من دولة الاحتلال، لأنه يتعارض مع المشروع الإسرائيلي الكبير، والذي لم يكن يعطي الفلسطينيين أكثر من كيان صغير، غير قادر على الاستمرار والبقاء في ظل الاشتراطات الإسرائيلية والأميركية على طبيعة ذلك الكيان، من حيث عدم التسليح، والإبقاء على الكتل الاستيطانية، والمصالح الأمنية التي تلغي مضمون الدولة والسيادة. يقودنا ذلك كله إلى أن من رفض حل الدولتين، مع أنه الأقل خسارة له، سيرفض، قطعياً، حل الدولة الواحدة، والتي لا تتناقض فقط مع مشروع إسرائيل الكبرى، بل مع مشروع الدولة اليهودية الكبرى، في وقت تشعر إسرائيل فيه بأنها دولة عظمى عسكرياً واقتصادياً، خصوصاً بعد اكتشاف حقول الغاز وسيطرتها عليها، وإن قوتها تؤهلها للسيطرة على مناطق أخرى، وليس فقط فلسطين التاريخية. ويعد إخراج الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، وسن قوانين عنصرية عديدة تلغي الحقوق الفردية والجماعية للمجتمع الفلسطيني في دولة إسرائيل، أكبر دليل على ذلك، خصوصاً وأنهم جزء من تلك الدولة، بل إنهم المجتمع الأصلي، وإن الغالبية العظمى من اليهود في دولة إسرائيل هاجروا إليها في سنوات ما بعد قيامها عام 1948، إثر نكبة الشعب الفلسطيني. لذلك، وبعد فشل الجهود الفلسطينية في الوصول إلى حل الدولتين، واستحالة حل الدولة الواحدة في ظل المعطيات الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والدولية، يبقى الخيار الثالث، والذي يهواه الإسرائيليون، ولا يتحسّسون من عنصريته، والمتمثل بإحكام عزل التجمعات الفلسطينية في الضفة، بعد إخراج القدس منها، وتحويلها إلى جزر متناثرة ومقطعة الأوصال في بحرٍ كبير من الوجود الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي والجدران والشوارع الالتفافية.
وفي هذا السياق، جاءت أقوال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قبل أسابيع في أثناء اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه لم يعد في الوسع العودة إلى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الفترة المتبقية من فترة رئاسته، والذي يمكن فهمه سياسياً غسل الإدارة الأميركية أيديها من العملية السياسية في الشرق الأوسط، نتيجة فشلها ووصولها إلى طريق مسدود، كما أن تصريحات مسؤولين ومحللين أميركيين عديدين تنسجم مع القناعة نفسها بانتهاء حل الدولتين خياراً دولياً، وليس إسرائيلياً فقط، والذي عبر عنه وزير الخارجية الأميركية الأسبق، هنري كيسنجر، وهو أحد أهم السياسيين الأميركيين متابعة لقضية الشرق الأوسط، عندما قال، قبل أيام، إن إقامة دولة فلسطينية لم تعد أمراً قائماً، ولا حتى مفيداً، بل مضرا، في ظل تفكك دول عربية قائمة منذ عقود أو قرون، وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق فيها، وهذا ينسجم مع الادعاء الإسرائيلي بعدم إمكانية حل الدولتين، بسبب أن الدولة الفلسطينية، في حال إقامتها، ستقع بين أيدي داعش والحركات الإسلامية المتطرفة.
بموازاة ذلك، بدأت تصدر أصوات من هنا وهناك، تارة واضحة، وتارة ضمناً، أن فشل حل
في ظل تراجع مكانة القضية الفلسطينية، عربياً ودولياً، لاعتبارات كثيرة، إضافة إلى انقسام الحركة الوطنية الفلسطينية، وتحول السلطة إلى سلطتين متناكفتين، وعدم قدرتهما على حمل إسرائيل على التعاطي بشكل مختلف مع القضية الفلسطينية. وإذا كان حل الدولتين مرفوضاً من دولة الاحتلال، لأنه يتعارض مع المشروع الإسرائيلي الكبير، والذي لم يكن يعطي الفلسطينيين أكثر من كيان صغير، غير قادر على الاستمرار والبقاء في ظل الاشتراطات الإسرائيلية والأميركية على طبيعة ذلك الكيان، من حيث عدم التسليح، والإبقاء على الكتل الاستيطانية، والمصالح الأمنية التي تلغي مضمون الدولة والسيادة. يقودنا ذلك كله إلى أن من رفض حل الدولتين، مع أنه الأقل خسارة له، سيرفض، قطعياً، حل الدولة الواحدة، والتي لا تتناقض فقط مع مشروع إسرائيل الكبرى، بل مع مشروع الدولة اليهودية الكبرى، في وقت تشعر إسرائيل فيه بأنها دولة عظمى عسكرياً واقتصادياً، خصوصاً بعد اكتشاف حقول الغاز وسيطرتها عليها، وإن قوتها تؤهلها للسيطرة على مناطق أخرى، وليس فقط فلسطين التاريخية. ويعد إخراج الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، وسن قوانين عنصرية عديدة تلغي الحقوق الفردية والجماعية للمجتمع الفلسطيني في دولة إسرائيل، أكبر دليل على ذلك، خصوصاً وأنهم جزء من تلك الدولة، بل إنهم المجتمع الأصلي، وإن الغالبية العظمى من اليهود في دولة إسرائيل هاجروا إليها في سنوات ما بعد قيامها عام 1948، إثر نكبة الشعب الفلسطيني. لذلك، وبعد فشل الجهود الفلسطينية في الوصول إلى حل الدولتين، واستحالة حل الدولة الواحدة في ظل المعطيات الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والدولية، يبقى الخيار الثالث، والذي يهواه الإسرائيليون، ولا يتحسّسون من عنصريته، والمتمثل بإحكام عزل التجمعات الفلسطينية في الضفة، بعد إخراج القدس منها، وتحويلها إلى جزر متناثرة ومقطعة الأوصال في بحرٍ كبير من الوجود الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي والجدران والشوارع الالتفافية.