رئيس الإنس والجان

رئيس الإنس والجان

31 مايو 2022
+ الخط -

اختلف المحللون في تفسير سلوك الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي توجّه، في أكثر من مرّة، نحو الفراغ مادّا يده لمصافحة أحد ما، وأجمعت الأكثرية على إرجاع ذلك إلى هلوسات بصرية، تم تحديد أسباب كثيرة لها، منها الأمراض النفسية والعصبية على أنواعها، ومرض الشقيقة أو متلازمة شارل بونيه التي تصيب من يعانون من بعض أمراض العيون، مثل الغلوكوما أو الضمور البقعي أو غيرها، أو تعاطي المخدرات، أو أسباب أخرى عديدة، لا مجال لذكرها الآن، أهمها الخرف، وهو سبب يناسب الرئيس بايدن الذي يصيب هذا المرض أكثر ما يصيب من هم في سنه. ولكن سببا واحدا أهمله وتجاهله الجميع، أن يكون ما يفعله الرئيس الأميركي ليس هلوسة بصرية، وإنما حقيقة لا يراها إلا هو، فما أدرانا أن يكون من يصافحه الرئيس هو الأمين العام للحزب الديمقراطي من الجن، يصافحه، وربما يجتمع معه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وربما يحارب جنوده في صفوف الجيش الأميركي. ما علينا لكي نثبت ذلك أن نتمتع بنعمة رؤية الجان التي أنعم الله بها على الرئيس الأميركي. في المقابل، لا يصافحون عندنا أحدا، ربما لأن أحدا لم ينتخبهم، لا من الإنس ولا من الجان.

لحم كتافك من خيرنا
راج، أخيرا، كلام عن لسان مسؤول كبير في سورية، عن مكرمات الحزب القائد على الجماهير، فهو الذي يعلمها مجانا ويعالجها ببلاش، ويوفر لها كل المقومات لكي تعيش من دون بعزقة نقود. وهذا الكلام يجب أن يذكّر الرفيق البعثي المواطن فيه، لكي يعرف فضل حزب البعث عليه، ويلتحق بصفوفه. بكلام آخر، أيها المواطن، تذكّر "لحم كتافك من خيرنا"، وعدم انتمائك لصفوفنا يعتبر قلة شرف ونكرانا للجميل، غير أننا إذا نظرنا إلى أكتاف المواطنين وأكتاف الرفيق سنكتشف بسهولة لحم كتاف مَنْ، مِنْ خير من. ويمكن القول إن هذا الأمر مألوفٌ لدينا، ففي حالات كثيرة تدعم الحكومة طفلا بعملية جراحية، ما ثم تطالبه بموقف سياسي لقاء ذلك. شعور البيك والمرابع لا يفارقنا، وكلام المسؤول الحزبي هذا لا يدلّ على شيء، بقدر ما يدلّ على غياب الدولة أو أنها مطية له، لأن كل ما ذكره في ما يخصّ التعليم والطبابة .. إلخ هو من مهمات الدولة، وليس من مهمات أي حزب، فميزانية التعليم يجب أن تذهب إلى وزارة التربية والمؤسسات التعليمية الأخرى، وميزانية الصحة إلى وزارة الصحة، فما علاقة الحزب بذلك .. ما علينا.

جئنا نسلّم عليك
لا يشكّل الكتاب مصدر دخل إلا لعدد قليل من الروائيين، أو لبعض الأسماء التي أصبحت تستفيد من مبيعات كتبها، بعد أن أصبحت في أرذل العمر، أي بعد أن تضاءل حجم الفرص للاستفادة من هذا المال إلى أقصى درجة ممكنة. في معارض الكتاب، لا يعتبر بيع الكتاب باب رزق بقدر ما هو احتفاء بالكتاب، كما لا يشكل سعر الكتاب عبئا ثقيلا على القارئ. وأتحدّث هنا عن المعارض التي تجري خارج سورية، حيث يمكن أن يشكّل الكتاب عبئا على القارئ بالفعل. يحضر بعض الأشخاص للسلام فقط، ثم ينسحبون حتى من دون إلقاء نظرة على الكتاب. ولمثل هؤلاء الضيوف، يمكن أن نقول: يا أخي، إذا كنت لا تريد شراء الكتاب، أو إذا كنت لا تقرأ من أساسه، أو أي سبب آخر، فألق نظرة على هذا الكتاب، امسكه بيدك وقلب صفحاته، وإذا كان مغلفا فانظر إلى ما هو مكتوب على الغلاف، أو افعل أي شيء يظهر درجة من الاهتمام بهذا المنتج. وتأكّد أن أحدا لن يجبرك على اقتناء هذا الكتاب، وإذا لم تفعل ذلك، فإن حضورك يشبه قلة حضورك. ويمكن القول، بكل ثقة، إن عدم حضورك أفضل من حضورك.

كلمة أخيرة
بيل غيتس يتوقع جائحة جديدة، وعندما يتوقع بيل غيتس جائحة جديدة فصدّقوه، فهو أكثر شخص قادر على التكهن بذلك، ليس لأنه عرّاف من شاكلة نوستراداموس، أو العرافة البلغارية العجوز فانغا أو أم كامل، بل لأنه "دافع حقها" للجائحة.

ممدوح حمادة
ممدوح حمادة
كاتب وسيناريست ورسام كاريكاتير سوري