إمام الروك.. تركي يمزج بين الفن والدين

إمام الروك.. تركي يمزج بين الفن والدين

19 ابريل 2015
توزار خلال جولة فنية قادته إلى نيويورك (كيم أوزدال/الأناضول)
+ الخط -
في مايو/ حزيران 2013، ذاع صيت من أطلق عليه الإعلام التركي "إمام الروك"، وهو أحمد محسن توزار (44 عاماً)، الذي يعمل إماماً بدوام كامل في أحد المساجد الصغيرة في جنوب غرب تركيا، إضافة إلى كونه مغنياً في إحدى فرق موسيقى الروك.

بعد التحقيق الاول الذي أجري عنه، أصبح إمام الروك مشهوراً في تركيا والخارج، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو عن حفلاته، سواء في تركيا أو حتى في نيويورك، بل وصدرت أخيراً رواية كاملة عن حياته باسم "إمام الروك: حياة غير اعتيادية".

بدأت حكاية توزار في مدينة سياحية ساحلية صغيرة على البحر المتوسط تدعى كاس، حيث ولد وترعرع وما زال حتى الآن يعمل كإمام في مسجد صغير في قرية بينارباشي، حيث تخرج توزار من مدارس الإمام الخطيب والتي تعتبر مدارس تركيا الشرعية التي تخرج أئمة المساجد والمؤذنين.

ولجمال صوته، تم اختياره للعمل مؤذناً للمسجد الأزرق أو مسجد السلطان أحمد، في التسعينيات لفترة صغيرة في مدينة إسطنبول، حيث التقى حينها زوجته المستقبلية، أوانا مارا، التي كانت إحدى المهاجرات الرومانيات. تزوجا في 1999، وبقيت الزوجة محافظة على دينها وتذهب إلى الكنيسة بشكل دوري إلى أن قررت التحول إلى الإسلام، وذلك في الوقت الذي بقي فيه توزار إماماً غير اعتيادي، يرتدي الجينز بشعر طويل ويركب موتورات كاواساكي.

عاد "إمام الروك" إلى مدينته كاس عام 2010، وأسس فرقة روك سماها تسمية عربية "في روك"، حيث كانت إحدى أغانيه المشهورة بعنوان "تعالَ إلى الله"، مزج فيها بين الغناء الصوفي التركي والغيتار الإلكتروني.

اقرأ أيضا:مهرجان فاس للفن الصوفي يرفع شعار "دين الحب"

أصبح أمام الروك عام 2013 مشهوراً بين ليلة وضحاها، ما استفز الكثير من العقول المحافظة التي عدت ما يقوم به خروجاً عن الثقافة الإسلامية، ومحاولة لدس السموم الغربية في الإسلام، هذه الاتهمات التي أحبطت توزار بشكل كبير بل وعرضته لتهديدات بالقتل، بعد أن هاجمته بعض المواقع التركية المحافظة على الإنترنت واصفة إياه بالإمام المزيف.

كل هذا دفع إدارة الشؤون الدينية التركية (ما يشبه وزارات الأوقاف بالدول العربية) المسؤولة عن تعيين الأئمة إلى فتح تحقيق بما يقوم به توزار، وبعد ثمانية أشهر لم تتخذ الإدارة أي قرارات سوى إصدار تحذير بحقه، ليس بسبب أغنياته ولكن بسبب تصريحاته على الإنترنت بخصوص التحقيق، فيما بدا درءاً لأي اتهامات قد تنال الإدارة إن لم تتخذ أي إجراءات بحق إمام الروك.

ويؤكد توزار أن بعض العاملين في الهيئة كانوا يودون لو يصدر بحقه قرار بالطرد، لكن رئيس الهيئة الإمام محمد غورماز هو من وقف إلى جانبه حتى اللحظات الاخيرة.

في غضون ذلك، يؤكد توزار أنه تلقَّى الكثير من التعاطف والدعم من القسم العلماني من المجتمع التركي، قائلاً: "لقد تلقيت الكثير من الرسائل الداعمة وإيجابية جداً من الملحدين، غير المتدينين، المسلمين غير المحافظين، والكماليين".

أصبح توزار أيقونة وممثلا للقسم العلماني من المجتمع التركي، الذي هو بطبيعة الحال مسلم لكنه ليس متديناً ولا تقليدياً كالمحافظين الأتراك، حيث إن أفراد هذا القسم العلماني العاديين، قد لا يرتدون الحجاب، ولا يذهبون إلى المساجد بشكل منتظم، وقد يشربون الكحول لكنهم يمتنعون عنه في شهر رمضان، ولا يفوتون الاحتفال بالأعياد الدينية، لكنهم في الوقت ذاته أقرب للذائقة الغربية في الموسيقى.

في المقابل فإن إمام الروك نفسه يبدو مثالاً للتركي المتدين لكن ليس المحافظ، إذ تمتلئ كلمات أغانيه بالقيم الصوفية كالحب والرحمة الإلهية، وتبدو بعيدة تماماً عن العقاب والحساب، ما يجعلها أقرب للشباب الاتراك، ويضعه جنباً إلى جنب مع بعض الرموز الإسلامية التركية الليبرالية التي أصبح لها مكانة وشعبية عالية بين الشباب، مثل المفكر والمنظِّر الإسلامي جانر تاسلامان، والناشط والمفكر التركي إحسان إلياجك، اللذين عملا ويعملان بحماسة عالية للدفع نحو تفاسير أكثر ليبرالية وعالمية للإسلام.


اقرأ أيضا:
"دموع العارفين" في افتتاح مهرجان سَمَاع الجزائري
الراي من الصوفية إلى الشارع..مسار فن على درب الآلام
كارولين ماضي: أغنّي النصوص الصوفية لنشرها جماهيرياً

دلالات

المساهمون