العراق: مهنة البحث عن الموت

العراق: مهنة البحث عن الموت

02 نوفمبر 2014
مصير الصحافي مهند العكيدي لا يزال مجهولاً (فيسبوك)
+ الخط -
يعمل الصحافيون في العراق بين مطرقة التنظيمات المسلحة الفاعلة في الشارع العراقي وسندان المليشيات والأجهزة الأمنية، حتى أصبحت مهنة الصحافة في البلاد هي "مهنة الموت". ولجأ أخيراً أغلب الصحافيين العراقيين ممن وهويات تعريف مزيفة للنجاة من فخاخ الموت اليومية التي تعترض طريق عملهم في البلاد. 
وخلال العام الحالي، ووفقاً لما ذكرته"رابطة أقلام عراقي" قتل 34 صحافياً، قضى غالبيتهم
أثناء تغطية معارك واشتباكات مسلحة. وبعضهم اختطفوا على يد تنظيم "داعش" وتم إعدامهم فيما بعد بتهمة التجسس والتهجم على "دولة الخلافة". واعتبرت الرابطة أن العام 2014 هو الأعلى من حيث سقوط الصحافيين حيث سجل إعدام سبعة صحافيين في يوم واحد في نينوى على يد تنظيم داعش. ويقول الصحافي العراقي محمد الميالي لـ"العربي الجديد"، إنّ "مهنتنا باتت الأخطر بالعراق على الإطلاق، نحن أضعف مكونات ساحة الصراع بين مسلحين، وقوات نظامية، وأحزاب ومليشيات، وشخصيات نافذة في الدولة تزيح أي شخص يقف في طريقها وبأية طريقة كانت". ويشير الميالي الى أنّ "حكومة المالكي السابقة جنّدت المئات من الصحافيين، الذين اخترقوا المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والعالمية، بغية تزويدها بأسماء الصحافيين المعارضين لنهج الحكومة".

وانتقد الصحافي العراقي "ضعف المؤسسات الأمنية وتغاضيها عن الاغتيالات التي طالت عشرات الصحافيين، خصوصا في مدينة الموصل"، كما انتقد "تجاهل الحكومة والبرلمان للمطالبات المتكررة بإقرار قوانين تحمي الصحافيين من التنظيمات المسلحة وسطوة الحكومة التي تمارس التضييق من خلال هيئة الاتصالات".
وكان تنظيم "داعش" قد أعدم أخيراً سبعة صحافيين يعملون لمؤسسات محلية، واختطف 10

آخرين من مناطق متفرقة من الموصل واقتادهم إلى جهة مجهولة، جميعهم يعملون في فضائية "سما الموصل" التابعة لمحافظة نينوى.
من جهته، يقول أستاذ الإعلام في جامعة بغداد حميد النعيمي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصحافة في العراق أصبحت مهنة البحث عن الموت، بسبب تعرض الصحافيين للاستهداف من قبل أكثر من تنظيم مسلح". انتقد النعيمي ما أسماها بـ"صحافة السلطة"، التي نشأت خلال سنوات حكم المالكي الثمانية التي انتقل فيها إعلاميون من اليمين الى اليسار".
من جانبها، عبّرت مفوضية حقوق الإنسان في العراق عن قلقها من "تكرار حالات القتل والاختطاف التي تطال الصحافيين في العراق"، داعية في بيان لها المؤسسات الأمنية إلى "توفير الحماية الكافية للعاملين في المجال الإعلامي".
وكان مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي "أف بي آي"، قد حذّر من "وجود جماعة تابعة لتنظيم (داعش)، مكلفة باستهداف الصحافيين واختطافهم، وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. وأكّد المكتب أنّه "حصل أخيراً على معلومات ذات مصداقية، تشير إلى تكليف "داعش" لمجموعة مختصة باستهداف الصحافيين فى المنطقة واختطافهم ونقلهم الى معاقل التنظيم في سورية".
فيما حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"من الاستهداف الممنهج للصحافيين العراقيين، متهمة الحكومة العراقية بأنها "تتحدث فقط" عن فتح تحقيقات بتلك الاستهدافات، لكن فعلياً لا وجود لتلك التحقيقات. وأكّدت أنّ الإعلاميين في العراق يواجهون تهديداً مزدوجاً، الأول العصابات المسلحة التي تطلق النار عليهم او تختطفهم، والسلطات الحكومية التي تعتقلهم بسبب آرائهم. مشيرة الى أنّ الحكومة لم تعتقل ولا حتى متهماً واحداً بعمليات استهداف الصحافيين، رغم أنّهم طلقاء ويتجولون في وضح النهار.
ووفقا لنقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي في حديث لـ"العربي الجديد" فقد قتل 327 صحافي منذ العام 2003 من بينهم 200 صحافي قتلوا خلال تغطية المعارك وآخرين جرى اغتيالهم بواسطة هجمات مسلحة استهدفت منازلهم ومقرات عملهم.
ويضيف اللامي أن" النقابة لا تزال تبحث عن 15 صحافي فقد أثرهم ولا يعلم مكانهم رغم مرور سنوات طويلة من اختطافهم كما سجل إعاقة 39 آخرين بسبب عمليات اغتيال فاشلة تعرضوا لها".
أما المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن فيقول لـ"العربي الجديد" إن:

"الجماعات المتطرفة تسعى لاستهداف الصحافيين كونهم هدف سهل ويثير لغط وضجيج إعلامي. ونسعى لإدخال الصحافيين دورات في الحماية الشخصية بعد تجهيزهم بمعدات الأمن الخاصة بهم ونكرر الطلب منهم الابتعاد عن مواقع الخطر فلا قصة تستحق حياة الصحافي". واضطر العشرات من الصحافيين العراقيين إلى مغادرة بغداد والتوجه إلى إقليم كردستان الأكثر أمناً بسبب تهديدات إرهابية صادرة عن مليشيات شيعية أو جماعات تابعة لتنظيم "داعش".
وحول ذلك يقول الصحفي احمد محمود مراسل صحيفة بغداد اليوم في حديث لـ"العربي الجديد": "تلقيت تهديد بالقتل فأخذت عائلتي وانتقلت إلى أربيل حيث يمكن لي التحدث والكتابة بحرية أوسع دون الخوف من انتقام المليشيات أو هجمات داعش".


"العربي الجديد" يفتح ملف قتل الصحافيين: لا عدالة

لبنان: الدولة تُغطّي الاعتداء على الصحافيين

المساهمون