مظاهرات 11 نوفمبر... هل يثور "الغلابة" في مصر؟

مظاهرات 11 نوفمبر... هل يثور "الغلابة" في مصر؟

20 أكتوبر 2016
قلق أمني من دعوات التظاهر في 11 نوفمبر المقبل(Getty)
+ الخط -

يشعر الكاتب الصحافي المصري تامر وجيه، بالدهشة من انتشار دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، على الرغم من ضبابية الدعوة للفعالية الاحتجاجية، الرافضة للغلاء وارتفاع الأسعار، غير أن تحقيق الفعالية لحالة من الانتشار الشعبي في الشارع تفوق ما وصلت إليه من اهتمام على مواقع التواصل الاجتماعي "هو أكثر ما يثير الاستغراب".

ويستبعد وجيه الكاتب اليساري، أن تكون الدعوة إلى الفعالية المعروفة بـ"ثورة الغلابة"، صنيعة المنظومة الأمنية، متوقعا ثلاثة سيناريوهات لهذا اليوم، أولها قريب الشبه بوقائع إضراب 6 إبريل/نيسان 2008 في القاهرة والذي وقع ضد الغلاء والفساد وتضامنا مع إضراب عمال شركة المحلة للغزل والنسيج في دلتا مصر، وهو ما يعني تعاملا أمنيا حادا يقوم على محاولة تقليص فرص التظاهر، والتجمعات الشعبية الكبيرة.

ويتمثل السيناريو الثاني، بحسب وجيه الباحث في شؤون الاقتصاد والعدالة الاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في خروج متظاهرين بأعداد متوسطة من المسيسين، إذ إن غضب المصريين العاديين غير المسيسين لم يصل بعد إلي مرحلة الخروج إلى الشارع، وبالتالي فإن أغلب من يتوقع خروجهم ضمن ملامح هذا السيناريو، سيكونون من مجموعات سياسية أغلبها مقرب لجماعة الإخوان، أما السيناريو الأخير فهو أن يمر اليوم بشكل عادي من دون تظاهرات أو فعاليات احتجاجية.

ويعتبر وجيه أن أيا من السيناريوهات الثلاثة، لا ينفي الحقيقة الأساسية، وهي أن الأجواء المصرية ملبدة، بحالة من الغضب الشعبي القابل للاشتعال سواء في 11 نوفمبر أو ظروف غيرها.


تخوفات سياسية

يوماً وراء يوم، تخرج إلى مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، مقاطع فيديو لمواطنين يشتكون من الغلاء أشهرها حتى الآن فيديو "خريج التوكتوك" الذي لقي إقبالا مدوياً تمثل في ملايين المشاهدات ومئات آلاف المشاركات، ووفقا لمراقبين وخبراء أمنيين فإن التدابير الأمنية المشددة البادية في الشوارع المصرية مؤخرا، ترجع إلى اتساع نطاق السخط الاجتماعي من قبل الفئات المطحونة اقتصاديا التي تشعر بالسخط جراء استهدافها بقرارات اقتصادية من قبل النظام تحملها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بينما يرفع النظام من رواتب الفئات الحاكمة ويستمر في تدليل طبقة رجال الأعمال.

ووفقا للتدابير الأمنية الجديدة، فقد تم توسيع دائرة الاشتباه في المترو والمواصلات العامة حتى آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وهو إجراء يسمح لأفراد الشرطة بالتحقق من هوية والسجل الجنائي لأي شخص داخل المترو وتفتيشه، بالإضافة إلي زرع عناصر من الشرطة النسائية وتكثيف عمليات تفتيش الحقائب.

ومع اقتراب موعد الدعوة، كثفت قوات الأمن من عمليات الاعتقال، إذ أمرت نيابة شرق القاهرة الكلية باعتقال 30 طالباً في جامعة الأزهر، لاتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان والتحريض على التظاهر في 11 نوفمبر وتأسيس تنظيم يحمل اسم "وكستونا" منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وفي محافظة دمياط الساحلية، ألقت قوات الأمن القبض على 9 أشخاص، لاتهامهم بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون والدستور والاستعداد لتظاهرات 11 نوفمبر المقبل. فيما تناولت تقارير صحافية نقلا عن مصادر مجهلة في وزارة الداخلية (لم تسمها)، ما قالت إنه عمليات فحص لأوراق وجدت في شقة القيادي الإخواني محمد كمال الذي تمت تصفيته مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تضم مخططاً لـ 11 نوفمبر.

وكان ما يسمى بـ"حركة غلابة" قد أطلقت دعوة للتظاهر في 11 نوفمبر تحت شعار "ثورة الغلابة" ورفعت سقف مطالبها إلى إسقاط نظام السيسي، بسبب ما اعتبرته على لسان المتحدث باسمها ياسر العمدة المقيم في تركيا، فشل في إدارة البلاد ما أدى لتحولها إلى شبه دولة تعاني تردياً اقتصادياً سحق غالبية المصريين.


موقف التيارات السياسية المصرية من ثورة الغلابة

بحسب استطلاع معدة المادة، فإن مواقف التيارات السياسية المصرية تراوحت بين عدم حسم موقفها من قبول الدعوة، أو الرفض لأسباب تتعلق بعدم معرفة الجهة الداعية، وهو ما يؤيده مدحت الزاهد، القائم بأعمال حزب التحالف الشعبي (يساري)، والذي قال إن "الحزب يؤكد على حرية التظاهر إلا أنه يرفض الدعوة والمشاركة في تظاهرات دعواتها مجهولة".

وأضاف الزاهد أن حزبه يدعم سيناريو الاحتجاج الموقعي المتصاعد الواعي المرتبط بمطالب محددة وأطراف واضحة المعالم، مشدداً علي أن الدعوات العامة تراهن في الأساس على القابلية الشعبية للانفجار العشوائي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حالة شغب وأعمال عنف لا يعول عليها في التغيير المنشود.

وتابع الزاهد "حتى الآن دعوات 11 نوفمبر تراهن علي سيناريو التغيير بالفوضى والغضب العشوائي"، مضيفاً أن رؤيته للتغيير تكمن في تقوية التنظيمات السياسية وإعادة بنائها وتنظيم كوادرها الشبابية من أسفل إلى أعلى حتى تتمكن من تقديم بديل.

ويتفق موقف حركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، مع الأطراف الرافضة لدعوات "ثورة الغلابة"، وطالبت الحركة أصحاب هذه الدعوات، بالقدوم إلى مصر، والتنسيق مع الحركات الثورية قبل إطلاق دعوات من تركيا على حد قول شريف الروبي القيادي في الحركة، بينما يرى أيمن عبد المجيد عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 إبريل (جبهة أحمد ماهر)، أن النظام سيجبر الحركات السياسية على المشاركة في فعاليات ثورة الغلابة، من خلال الملاحقات الأمنية ما يمكن أن يجر مصر إلى الفوضى.

أما حزب المصريين الأحرار فقد رفض على لسان المتحدث الرسمي باسمه شهاب وجيه، المشاركة في دعوة التظاهر، قائلا "دعوات التظاهر يوم 11 نوفمبر المقبل، هدفها الإضرار بالأوضاع الاقتصادية والأمنية للدولة"، مضيفا بأن الدولة المصرية أمام تحدي كبير، ولا بد من تكاتف كل الفئات لمواجهة هذا التحدي.

في موقف عدم الحسم يقف تيار الكرامة الشعبي، ووفقاً لما يؤكده السفير معصوم مرزوق القيادي بحزب تيار الكرامة الشعبي، فإن الحزب حتى الآن لم يقرر حتى الآن موقفه من دعوات 11 نوفمبر. وشدد مرزوق علي حق التظاهر السلمي قائلاً "التظاهر السلمي حق دستوري فإذا قررت مجموعة أو طائفة أو الشعب بأكمله الخروج يوم 11 نوفمبر، أو أي يوم آخر، فهو حق شعبي".

وأضاف مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه حتى الآن تبدو الدعوة مشبوهة، لأن من يتحدث عنها هو إعلام النظام أكثر من المجموعات الشبابية، مشيراً إلى أن بعض الأجهزة الأمنية والأنظمة السياسية تستخدم أسلوباً يسمى إطفاء الحرائق الكبرى عبر إشعال الحرائق الصغرى لإطفاء الكبرى، وهو ما جعل معصوم غير مستبعد لفكرة أن تكون الدعوة أمنية لتنفيس الغضب الشعبي.

السيسي و11 نوفمبر

يربط نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بين تصريحات السيسي التي قال فيها "أنا مش بخوف حد، بس هناك تخطيط إن الجيش يفرد في مصر خلال 6 ساعات" ودعوات التظاهر في 11 نوفمبر، ورغم أن خطاب السيسي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي أثناء افتتاح مشروع "بشاير الخير" بمنطقة غيط العنب في الإسكندرية، لم يتطرق إلى دعوات التظاهر تلك بشكل مباشر، إلا أن ربطاً جرى على مواقع التواصل الاجتماعي بين هذه الكلمات والدعوة.

ويرى ياسر العمدة، المتحدث باسم حركة غلابة أن "دعوة التظاهرة وصلت لجميع الناس"، قائلا في تصريحات على فضائية مكملين التي تبث من تركيا، "عبد الفتاح السيسي مرعوب من تلك الدعوات بدليل تهديده بنشر الجيش، هذه الدعوات لا تعنينا والجميع سينزل للتظاهر".


هجوم إعلام النظام

تزامنا مع تدابير النظام الأمنية دش إعلاميون مقربون من الأجهزة الأمنية، هجوما علي دعوات التظاهر، إذ بث الإعلامي محمد موسى فيديو في برنامجه "خط أحمر"، مدعيا أن ما فيه هو تدريبات لمنتمين إلى تنظيم "داعش" في معسكرات التدريب الموجودة على الحدود الغربية مع ليبيا استعداداً للنزول في تظاهرات 11 نوفمبر.

فيما قال الإعلامي أسامة كمال، مقدم برنامج "القاهرة 360" إن تاريخ دعوات الفوضى يوم 11 نوفمبر المقبل، يدل على أن جماعة الإخوان المسلمين وراء تلك الدعوات، حتى وإن شاركت أطراف أخرى، مضيفاً "اللي اختار التاريخ فاكر نفسه ذكي إنه اختار أربع وحايد لدلالة على إشارة رابعة، لا هو غبي لأنه كشف عن نفسه".

ويصف أحمد دراج أستاذ العلوم السياسة في جامعة القاهرة، التحركات الأمنية وتعليق دعوة التظاهرة في 11 فبراير على شماعة الإخوان، على أنها "ضرب من العبث"، إذ إن الاهتمام الكبير بالدعوات تلك وانتشاره في الشارع يعبران عن غضبة شعبية من سياسات النظام الحالي، قائلا :"النظام قرر التعامل مع تلك الدعوات، بالطريقة المعتادة وهي التشديد الأمني وإلصاق الاتهامات بالجماعة، من دون الالتفات للأسباب الحقيقية"، متابعاً: "لا أحد يمكنه التنبؤ بأحداث ذلك اليوم ومصيره".