فرقة الصعاليك...دمج الماضي بالحاضر

13 مارس 2017
صعوبة تأشيرات السفر تعرقل عمل الفرقة (العربي الجديد)
+ الخط -

تمكَّن الفنّانون السوريون الذين يعانون من التهجير حول العالم، من تقديم أنشطة ثقافيّةٍ حيّة في البلاد التي لجأوا إليها. واستطاع الفنانون السوريون الشباب أن يُغْنُوا الحركة الثقافيّة في دول الجوار، ولا سيما في لبنان.

وتعتبر فرقة "الصعاليك" من أوائل الفرق الموسيقيّة التي أسَّسها اللاجئون السوريون في لبنان. وازداد نشاط الفرقة في الآونة الأخيرة، فانتشرت العديد من الفيديوهات لفرقة "الصعاليك" السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتَّسِع انتشار الفرقة التي تأسَّست منذ قرابة الأربعة أعوام في لبنان، وتتجاوز حدود جمهورها لبنان. لبنان الذي احتضن كل حفلات الفرقة ومبادراتها الثقافية.


والتقى فريقُ "العربي الجديد" بمحمد خيّاطة، أحدُ الأعضاء المؤسِّسين في فرقة "الصعاليك"، وأخبرنا عن تأسيس الفرقة وتكوينها الحالي وأهدافها، وقال "فرقة الصعاليك هي فرقة مُلوّنة موسيقيّاً وفكريّاً، والرسالة التي تريد الفرقة أن تنشرها، هي "كلنا شركاء في الحياة، الأرض لنا، والموسيقى للجميع".

تأسّست الفرقة في عام 2013، وأسّستها أنا وأحمد نفوري، وهو عازف غيتار وفنان تشكيلي سوري، وأنا، أيضاً، أعمل كفنّان تشكيلي وعازف إيقاع من سورية، وانضمّ إلينا عدد من العازفين السوريين واللبنانيين وآخرون من جنسيّات أوروبية متعددة. وأعضاء الفرقة الحالية متواجدون في لبنان، باستثناء أحمد، المقيم حالياً في هولندا، وهم: سام، عازف عود ومغن، وعازفة الكمان إنغر، وعازف الغيتار نذير، والمغنية منى، بالإضافة لي أنا وعبد الله على الإيقاع".



أما عن سبب اختيار تسمية الفرقة باسم "الصعاليك"، فقال خياطة: "اسم الفرقة جاء كنتيجة للحالة العامة السائدة بين عدد كبير من الشباب السوريين الذين اضطروا للسفر خارج بلادهم، وجمعتهم الغربة بعد ذلك، وبسبب حالة الفقدان التي يعاني منها السوريون مع عائلاتهم وذكرياتهم. فالصعاليك عبر التاريخ، هم فئة من الأشخاص الذين كان لديهم رفض للسائد مجتمعياً، من عادات وتقاليد، وعُرِف عنهم نخوتهم ومروءتهم وكرمهم، وأخذهم من الغني وإعطاء الفقير.

وكانت للصعاليك إسهامات شعرية مهمة في التاريخ، مثل عروة بن الورد، الملقب بـ"أمير الصعاليك" والمعروف بالفروسية والكرم، وتأبط شراً والشنفرى. وباختصار، اخترنا اسم الصعاليك ﻷننا كأفراد نملك التوجهات نفسها التي كانت للصعاليك تاريخياً، ولكننا اخترنا أداة فنية مختلفة عن الشعر الذي اشتهر به الصعاليك القدامى، فنحن صعاليك الغناء والموسيقى".


ومن خلال متابعة حفلات الصعاليك وأعمالهم المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، يتبيّن أن أعضاء الفرقة يتبدلون باستمرار، فيبدو من الصعب تحديد الرابط الذي يجمع أعمال الفرقة منذ تأسيسها وحتى الوقت الحالي، ويبرر خياطة ذلك: "صحيح، الكثير من أعضاء الفرقة اضطروا للسفر لأسباب متعددة، لكن ذلك لم يؤثر سلباً على مسيرة الفرقة، فانضمام أعضاء جدد أعطى للفرقة طابع التجدد والحيوية موسيقياً، ولا سيما أن أعضاء الفرقة ينتمون لبيئات مختلفة ومهاراتهم متنوعة. فالفرقة لم تكن مشروعاً شخصياً وإنما هي مشروع جماعي يحمل رسالة يؤمن بها كل أعضاء الفرقة، وهذا ما حافظنا عليه حتى اليوم".



ورغم أنّ فرقة الصعاليك أسّسها فنانون سوريون لجأوا إلى لبنان، وانتقل بعضهم للعيش في أوروبا، إلا أن الفرقة لم تنتقل لإحياء الحفلات في البلدان التي سافر إليها مؤسّسوها، ويبرر خياطة ذلك: "ارتبطت حفلات الفرقة بلبنان، لأن لبنان هو البلد الذي تأسّست فيه الفرقة، وكافة الأعضاء الحاليين مقيمون في لبنان، عدا أحمد المقيم في هولندا. إلا أن فكرة إقامة حفلات خارج لبنان هي فكرة واردة في المستقبل، ولكن هناك بعض الصعوبات حالياً في الحصول على تأشيرات السفر".


وبالنسبة لمشاريع فرقة الصعاليك في المستقبل، والأعمال التي يتم التحضير لها حالياً، صرح خياطة: "نعمل حالياً على إنتاج ألبومنا الأول، الذي سيضم أغاني خاصة لفرقة الصعاليك، وبعض الأغاني التراثية بتوزيع جديد. ولدينا أيضاً الكثير من الدعوات للمشاركة بمهرجانات عربية وغربية، لكننا، كما نوهت سابقاً، نعاني كباقي السوريين من مشكلة تأشيرات السفر، وذلك ما دفعنا لنشر أغانينا على مواقع التواصل الاجتماعي".


ويضيف خياطة: "نحن في حالة بحث وعملٍ دائم للتحضير لأعمال جديدة، خاصة بالصعاليك، ونعمل بشكل موازٍ على إحياء التراث السوري، ونبش معالمه لاسترجاع الصورة الجميلة للكثير من المناطق السورية التي تعرَّضت للدمار والتشويه، من خلال إعادة توزيع الأغاني التراثية السورية، أغان تنتمي لبيئات متعددة داخل سورية، وهي معروفة من قبل أبناء كل بيئة، وقد لا تكون معروفة في مناطق سورية أخرى، ونوجّه أعمالنا لأبناء البيئة التي تنتمي إليها الأغنية، وللآخرين ممن عاشوا داخل سورية أو حتى في خارجها، فما نقدمه يساعد الجميع على التعرف على مدخرات سورية الثقافية، بشكل أو بآخر، وخاصةً أن الفرقة تنتمي لأماكن وبيئات مختلفة من سورية، فذلك زاد من غنى خياراتنا الموسيقية. ونحن نعتبر أن هذا جزء من مسؤوليتنا تجاه الثقافة المجتمعية، وأيضا هو جزء من دمج الماضي بالحاضر، فنحن نحاول أن نحافظ على روح الأغنية التراثية، بموسيقى معاصرة، وحتى في أغانينا الخاصة، تحمل الفرقة الطابع الفكري نفسه، ونحاول أن نعكس حالة المجتمع بكلمات بسيطة وموسيقى لطيفة، لتكون قريبة من الجميع".






المساهمون