"رامباج": الفشل في صناعة التسلية

"رامباج": الفشل في صناعة التسلية

23 مايو 2018
من الفيلم (فايسبوك)
+ الخط -
ينتمي فيلم Rampage 2018 لبراد بايتون إلى نوع سينمائي هوليوودي قائم على إعادة تدوير أفكار مضمونة النجاح، ويعتمد على عوامل جذب مختلفة لأكثر من شريحة عمرية وجماهيرية. لكن، من الناحية الفنية، هل يمثّل إضافةً، أو يحقّق متعة حقيقية في أي جانبٍ من جوانبه؟

الفيلم مقتبس من لعبة "فيديو" قديمة تحمل الاسم نفسه، ويستلهم الخطّ الرئيسي للأحداث منها: تقوم إحدى الشركات بتجربة علمية تؤدّي إلى طفرة جينية في 3 حيوانات، غوريلا وذئب وتمساح، فيتضاعف حجمها، ويمتلك كلّ منها صفات أخرى ليست لديه في الأصل. ومع محاولة الشركة السيطرة على الوضع والتخلّص من المشكلة، تبدأ الحيوانات في معاداة البشر وتدمير المدينة. ومع الفشل العسكري في احتواء الأمر، يصبح الأمل الوحيد للنجاة في العلاقة القديمة القائمة بين الغوريلا وبطل الفيلم أوكايا، الذي لا يرغب فقط في احتواء المشكلة، بل في إنقاذ الحيوانات كذلك.

يلتقي الفيلم مع نوعين من الأفلام الجماهيرية التي نجحت مؤخّراً؛ أفلام ذات روح طفولية ترتكز على علاقة شخصيات/ أبطال آدميين وحيوانات، كـ"كتاب الأدغال" (2016) لجون فارفو (حقّقت إيراداته الدولية مبلغ 966 مليونًا و550 ألفًا و600 دولار أميركي، مقابل ميزانية إنتاج تبلغ 175 مليون دولار أميركي) و"جومانجي: أهلاً بكم في الأدغال" (2017) لجايك كاسدان (حقّقت إيراداته الدولية مبلغ 957 مليونًا و721 ألفًا و136 دولاراً أميركياً، مقابل ميزانية إنتاجية تساوي 90 مليون دولار أميركي). والنوع الثاني متمثّل في أفلام مبنية على صراع البشر مع كائنات معتدية: "كونغ: جزيرة الجماجم" (2017) لجوردان فوت ـ روبرتس (566 مليونًا و652 ألفًا و812 دولاراً أميركياً كإيرادات دولية، مقابل 185 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج)، والثلاثية الجديدة لـ"كوكب القرود"، بدءًا من "نهوض كوكب القرود" (2011) لروبرت وايت (481 مليونًا و801 ألف و49 دولاراً أميركياً إيرادات دولية، مقابل 93 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج)، ثم "فجر كوكب القرود" (2014) لمات ريفيز (710 ملايين و644 ألفًا و566 دولاراً أميركياً كإيرادات دولية، مقابل 170 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج)، وأخيرًا "حرب من أجل كوكب القرود" (2017) لريفيز أيضًا (490 مليونًا و719 ألفًا و763 دولاراً أميركياً إيرادات دولية، مقابل 150 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج).


الرهان الأساسي على فيلمٍ قائمٍ على إعادة التصنيع إلى هذا الحدّ كامنٌ في ضرورة أن يكون "مُمتعًا"، أو بحسب المصطلح الأميركي: "بوب كورن موفي"، حيث التسلية تكون الهدف وليس أي شيء آخر. ولتحقيق ذلك، هناك عوامل عديدة: حدّ أدنى من "منطق الأحداث" وتماسكها، وتطوّرات مفاجئة، ومشاهد حركة ذات طابع جديد ومنفَّذة بمؤثّرات جيدة، وشخصيات يتماس معها المتفرّج بشكل بسيط لتدعيم القصة.

هذه العوامل ليست صعبة، لكن Rampage يفشل فيها كلّها.

العلاقة بين البطل والغوريلا، في مستهل الأحداث الدرامية، ضعيفة جداً، ولا تقدّم الحدّ الأدنى من المنطق أو العاطفة التي ستقوم عليها تلك الأحداث لاحقًا. الحوار طفولي إلى أبعد حد، تقوله الشخصيات بتلقين ذواتها ودوافعها والحديث عن خلفيتها الدرامية بشكل مباشر طوال الوقت. الإيقاع بطيء إلى درجة "الملل" في أغلب الأحيان، وهناك "مطٌّ" مستمرٌ للأحداث بمشاهد حوارية عديمة الجدوى، وأحياناً من خلال شخصيات غير مهمّة، تختفي بعد مرور ربع مدّة الفيلم. أشرار كرتونيون، وأداءات متكلّفة من الممثّلين جميعهم بلا استثناء، وعلى رأسهم دْواين (ذو روك) جونسون، الذي ـ على الرغم من حضوره الخفيف في بعض الأفلام ـ لا يغيِّر ملامحه وتعبيراته وتمثيله أبدًا، وتكون الشخصيات كلّها التي يؤدّيها متشابهة.

الأسوأ من هذا كلّه كامنٌ في المعرفة المسبقة للذروة الأساسية للفيلم (من اللعبة والعروض الدعائية والقصّة)، حيوانات عملاقة ستهاجم المدينة، وستحدث معركة ضخمة لإيقافها. لكن تلك الذروة (التي يُفترض بموقعها الدرامي أن يظهر بعد مرور 30 دقيقة من الفيلم، أو في منتصفه على أبعد تقدير) لا تحدث إلا في الـ20 دقيقة الأخيرة فقط. حتى ذلك الجزء لا يقدّم أي شيء مختلف (تقنيًا) عمّا قدّمته سابقًا أفلامٌ أخرى، كـ"كينغ كونغ" مثلاً، وتحديدًا نسخة عام 2005 التي أخرجها بيتر جاكسون، أو "هالك" بنسختي 2003 لآنغ لي و2008 للوي لوتيرّييه. تُختَصر المعركة نفسها إلى أصغر حدّ ممكن، وبشكل مثير للسخرية، لينتهي الفيلم من دون أن يُخلِّف شيئًا، حتى إنه لم يُقدِّم مُشاهدة مسلية.

المساهمون