أناقة الأجداد الباهظة

أناقة الأجداد الباهظة

02 مارس 2015
ثمن ثوب الكيمونو الأصلي 10 آلاف دولار (Getty)
+ الخط -
يطلق اليابانيون على زيّهم التقليدي اسم "كيمونو"، وكانت الكلمة في لغة اليابانيين تعني "الملابس" بشكل عام، لكن مع مرور الزمن صارت تدل على اللباس التراثي التقليدي الطويل، الذي يلبسه الرجال والنساء والأطفال.

في أعراف المجتمع الياباني، كانت الفتيات قبل الزواج يلبسن الكيمونو بأكمام طويلة جداً، يصل طولها إلى الأرض تقريباً، فالثوب ملتف بكامله حول الجسم، والجانب الأيسر ملتفٌ على الأيمن، ويحيط به حزام عريض معقود من الخلف يدعى "أوبي".

لاحقاً انتشر هذا الزي في منطقة الشرق الأقصى، حتى وجد منه الكيمونو الصيني والفلبيني والتايواني، ثم غزا عالم عروض الأزياء الأوروبية. أخذ "الكيمونو" شكله المعروف منذ تسعة قرون، وبقي منذ ذلك الحين بدون تغيير جوهري. وقديماً كان الكيمونو النسائي ذا مقاس واحد، حيث تتمّ ملاءمة المقاس مع أطوال الجسم المختلفة، من خلال الثنيات والعطفات، وتعتمد صناعته على المهارة اليدوية. أما حديثاً، فإن ملابس الكيمونو الرجالية والنسائية أصبحت متوفرة بمقاسات مختلفة، وإن كانت المقاسات الكبيرة جداً، كمقاسات لاعبي السومو، تصمّم لهم خصيصاً.

مقاومة التغريب

على الرغم من زحف الحضارة الغربية على المجتمع الياباني، فإن هذا اللباس التقليدي يبقى الروح النابض بأصالة هذا الشعب وعنايته بجذوره، فلا تزال المناسبات الاجتماعية تحتفي به وتتصدى للحياة المستغربة التي بدأت تنشب بأذيال المجتمع الياباني.

وتتعدّد أنواع الكيمونو بتعدّد المناسبات الاجتماعية، فمستوى الرسمية لزيّ المرأة يتحدّد من خلال مظهر الكيمونو ونوع قماشه ولونه. فالحرير أكثر رسمية وجاذبية، والقطن والبوليستر أقل رسمية، أما زي الرجال فعادةً ما يكون ذا شكل واحد، وغالباً ما يكون داكن اللون غير مبهرج.

وما زال اليابانيون يهتمون بارتداء الكيمونو في المناسبات الخاصة، كالزواج والوفاة والاحتفالات الشعبية، والنساء هنّ أكثر من يلبسنه، وبالرغم من أنه أصبح الآن زيّاً غير عملي لصعوبة الحركة به، فإنّ هناك العديد من السيدات والرجال كبار السن الذين ما زالوا يرتدونه في حياتهم اليومية.

غالباً ما يرتديه الرجال في حفل الزفاف وفي مراسم احتفال الشاي، كما يرتديه أيضاً كل من الرجال والنساء في رياضات يابانية تقليدية محددة مثل الكيندو. أما مصارعو السومو المحترفون فإنهم مُلزَمون بارتداء الكيمونو كلما ظهروا في مكانٍ عام خارج الحلبة.


ومصارعو السومو يلبسون ملابس كيمونو فاتحة اللون، كالأبيض أو النيلي الفاتح. والتصميم الأكثر رسمية للكيمونو الرجالي هو كيمونو ذو لون أسود، مع خمس شارات "كامون" على الصدر والأكتاف والظهر، وأقل منه رسمية أن يكون للكيمونو ثلاث شارات "كامون"، وهذه الملابس عادةً ما تقترن مع قطعة بيضاء من الملابس الداخلية.

أسعار باهظة
والكيمونو غالي الثمن جداً، فسعر الأنواع النسائية منه تتجاوز العشرة آلاف دولار أميركي، كما أن ملحقاته من ملابس داخلية وأوبي وأحزمة وجوارب و"شبشب" وبقية الملحقات التكميلية يمكن لها أن تتجاوز العشرين ألف دولار، و"الأوبي" بمفرده قد يكلف بضعة آلاف من الدولارات.

ولكن كثيراً من هواة الأعمال اليدوية ونُسّاج الكيمونو تكون ملابسهم التي يصنعونها أقلّ كلفة، وكذلك هناك بعض الطموحين الذين يقومون بصنع الكيمونو الخاص بهم بأنفسهم، نظراً لأنّهم يتبعون نموذجاً معيناً أو أنهم يعيدون تصنيع الكيمونو القديم المتوفر لديهم، وهناك تجارة مزدهرة ومربحة في بيع الكيمونو المستعمل في اليابان.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الأوبي الخاص بالنساء يبقى سلعة غالية الثمن، حتى الأوبي المستعمل يمكن أن يكلف مئات الدولارات، ويصعب على الأشخاص ذوي الخبرة القليلة أن يقوموا بصنعه، بينما الأوبي الخاص بالرجال أرخص، حتى وإن كان مصنوعاً من الحرير، لأن الأوبي الرجالي أضيق وأقصر من الأوبي النسائي.

نظراً للكلفة العالية لهذا النوع من الملابس، فإن الكيمونو القديم لا يتبدد أو يذهب سدى، بل يعاد تصنيعه، كأن يصنع منه معطف قصير يلبس فوق الكيمونو، أو كيمونو للأطفال، أو يستخدم في ترقيع كيمونو له نوع القماش ذاته، حيث يصنعون من الأجزاء الكبيرة من القماش بعض الملحقات التكميلية كحقائب اليد النسائية، أو يصنعون من الأجزاء الصغيرة أغطيةً وأكياساً.

مدارس خاصة
ونظراً لصعوبة ارتداء الكيمونو، فهناك العديد من المدارس التي تعلّم كيفية ارتدائه، وكذلك الدورات الخاصة بذلك والتي تحضر إليها النساء بشكل خاص، وهناك المدارس التي تعلّم كيفية صناعة الكيمونو وخياطته.

لوازم الكيمونو النسائي النموذجي تتطلب لبس اثنتي عشرة قطعةً مستقلةً أو أكثر، متصلةً ومرتبةً بطرق محددة، لذا فإن معظم اليابانيات لا يستطعن لبس الكيمونو بمفردهن وبدون مساعدة من شخص آخر. لذا يستدعي الأمرُ امرأة محترفة، متخصصة في المساعدة على ارتدائه في المناسبات الخاصة. وهي وظيفة مستقلة ويصرح بها القانون الياباني، على طريقة صالونات التجميل.

واختيار المرأة للنوع الذي ترتديه يحمل إشارات اجتماعية اصطلح عليها المجتمع الياباني في ما بينهم، مثل عمر المرأة وما إذا كانت متزوجة أم لا، ومنزلتها الاجتماعية، كأن تكون من سيدات المجتمع أو امرأة عادية، وكذلك يدلّ اختياره على نوع المناسبة ومدى رسميتها.
وعلى عكس كيمونو النساء، فإن لوازم الكيمونو الرجالي أبسط وأقلّ تعقيداً، والشكل النموذجي للزيّ الرجالي يحتوي على خمس قطع كحدٍّ أقصى، إضافة إلى الجوارب والشبشب.


والاختلاف الرئيس حالياً بين كيمونو الرجال يكمن في نوع القماش والتصميم، فالأنواع النموذجية منه تكون ذات ألوان داكنة اللون، كالأسود والكحلي والأخضر غامق، والبني الداكن. وغالباً ما تكون الأقمشة باهتة اللمعان، كما أن بعضها يحتوي على نقوش دقيقة. والنوع العادي أو غير الخاص بالمناسبات الرسمية يكون لونه أفتح، مثل اللون البنفسجي الفاتح، والأزرق والأخضر الفاتح.

المساهمون