"أيام قرطاج السينمائية" الـ27: جيل تونسي جديد

"أيام قرطاج السينمائية" الـ27: جيل تونسي جديد

03 نوفمبر 2016
فيلم الافتتاح "زهرة حلب" (فيسبوك)
+ الخط -
تستمرّ "أيام قرطاج السينمائية" في إشاعة مناخٍ سينمائيّ يجمع بين الاحتفال والاستعراض والأضواء من جهة، والنتاج السينمائيّ العربي والأفريقي الجديد من جهة أخرى.

وإلى جانب ذلك، يُكرَّم سينمائيون عديدون، تُشكّل أفلام بعضهم مرجعية في الاشتغال البصري الإبداعي، ويُكمل آخرون مسارهم المهنيّ، بإنجاز أعمال متفرّقة: بدءاً من المصري الراحل يوسف شاهين، تحاول إدارة "أيام قرطاج السينمائية" ، في دورتها الـ27 التي تستمر حتى الخامس من الشهر الحالي، استعادة مرحلة سينمائية، إخراجاً وإنتاجاً وأدوات تعبير. يُعرض شريط قصير يتضمّن لقطات من أفلامه "الاختيار" (1970) و"عودة الابن الضال" (1976) و"المصير" (1997)، ويتم العرض بشكل متتالٍ على صوت محمد منير وأغنيته "عَلّي صوتك".

بالإضافة إلى ذلك، فإن الشريط يُقدِّم، ولو سريعاً، بعض المشاهد التي تكشف حضور يوسف شاهين في كواليس إنجاز أفلامٍ مختلفة له.

في لائحة السينمائيين الراحلين الذين تُكرِّمهم إدارة المهرجان، هناك الإيراني عباس كياروستامي، والتونسية كلثوم برناز، والسنغالي جبريل ديوب مامبيتي، بالإضافة إلى التونسي فريد بوغدير، والسوري محمد ملص، وإدريسا أودراووغو من بوركينا فاسو، وذلك كلّه عبر عروض أفلام مختارة من أعمالهم المتنوّعة.

والتكريم أساسيّ في المهرجان، إذْ يُقدِّم عبره، تحية وفاء لصانع أفلام، أو لمؤثِّرٍ في ابتكار أسلوب أو نهج، أو لعاملٍ في تطوير لغة أو أداء، أما اختيار المُكرَّمين، فعائدٌ إلى هاجسٍ سينمائي لدى إدارة المهرجان، أو بسبب وفاة سينمائيّ، أو لأن المُكرَّم لا يزال يعمل، أو أنه معتزل.

من ناحية أخرى، يتلقّى إبراهيم لطيِّف، مدير "أيام قرطاج السينمائية"، وسام "فارس الفنون والآداب"، من قِبَل الحكومة الفرنسية، "تكريماً لمسيرته الفنية". وفي هذا السياق، يعتبر أوليفييه بوافر دارفور، السفير الفرنسي في تونس، أن التكريم المخصّص برجل الثقافة، ومنظِّم هذه التظاهرة، "يُعدّ اعترافاً رمزياً، يعكس اهتمام فرنسا بالثقافة، وحرصها على تشجيع الفنانين، حتى خارج حدودها".

في هذه الدورة نفسها، التي تحتفل بمرور 50 عاماً على ولادة المهرجان الذي يُقام مرة واحدة كلّ عامين، يُمكن التوقّف عند حراك سينمائي تونسي شبابي، يُعتبر بمثابة "تجارب أولى" لجيل جديد. ولشدّة الاختبار التجديديّ في النتاج الشبابيّ، المُشارك في المسابقتين الرسميتين للأفلام الطويلة وللأفلام الأولى، فإن نقّاداً وصحافيين عديدين لفتوا الانتباه إلى أن النتاج المذكور "تصدَّر واجهة المشهد"، وأن "أعمال الجيل المخضرم" لم تصمد أمامه.

وبحسب تقرير لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، فإن النتاج الشبابي يحمل إلى السينما التونسية "زخماً جديداً، مختلفاً وخاصّاً"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن السينما التونسية تشهد، في مرحلة ما بعد "ثورة الياسمين"، "حركة نهوض جديدة، تُشبه تلك التي شهدتها السينما التونسية في الثمانينيات، مع بروز أسماء طبعت تاريخها".

وفي المسابقة الرسمية، هناك 3 أفلام روائية تونسية، بالإضافة إلى فيلم الافتتاح: "زهرة حلب" لرضا الباهي، ويتناول "قصة امرأة (هند صبري) تحاول إنقاذ ابنها من أهوال العنف والإرهاب، بعد ذهابه على غفلة منها إلى سورية للالتحاق بإرهابيين".

الأفلام الأخرى هي "تالة حبي" لمهدي حميلي، و"غدوة خير" للطفي بن عاشور، و"شوف" لكريم طريدي، أما مسابقة الفيلم الروائي الطويل الأول، فتضمّ فيلمين اثنين "نحبّك هادي" لمحمد بن عطيّة، و"آخر واحد فينا" لعلاء الدين سليم.

يُقدِّم فيلم حميلي "رؤية مختلفة للثورة التونسية"، رابطاً إياها بأحداثٍ مندلعة سابقاً، على خلفية احتجاجات اجتماعية، وذلك بين مدينتي "تالة" و"القصرين"، في المساحة الجغرافية الشاهدة على ولادة الحراك التونسي، المؤدّي إلى طرد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، من السلطة، في 14 كانون الثاني/يناير 2011.

أما "غدوة خير"، فيتناول عبر شخصياتٍ متشابكة المصير، إحباطات المرحلة الراهنة، وأوهامها وآمالها، عائداً إلى الليلة التي يهرب فيها بن علي.

في حين أن "شوف"، المُصوَّر مع ممثلين غير محترفين، يذهب إلى الضاحية الشمالية للمدينة الفرنسية "مرسيليا"، التي تعاني إهمالاً فظيعاً، لسرد حكاية أناسٍ يعيشون في ظلّ تجارة المخدرات، التي تفتك بالشباب.

إلى ذلك، هناك "نحبك هادي" لمحمد بن عطية، عن شاب يُفرض عليه الزواج بفتاة لا يُحبّها، لكنه يلتقي امرأة يرتبط معها بعلاقة حبّ تأخذه إلى اتجاهات عاطفية وإنسانية وانفعالية مختلفة. و"آخر واحد فينا"، يتناول قضية الهجرة، مُصوِّراً "نون" الأفريقي، الذي يعبر القارة، لاجتياز البحر الأبيض المتوسط وبلوغ أوروبا، مروراً بتونس أيام الثورة.



المساهمون