مسلسل "سر".. ضعف في الأداء وذكورية في المضمون

مسلسل "سر".. ضعف في الأداء وذكورية في المضمون

10 فبراير 2020
طاقم عمل مسلسل "سر" (فيسبوك)
+ الخط -
حتى بعد مشاركته بالمسلسل اللبناني السوري المشترك "سر"، لم يَعدُل الممثل السوري بسام كوسا عن تصريحاته المناهضة للدراما العربية المشتركة؛ والتي سبق له أن وجه إليها انتقادات نارية في السنوات العشر الماضية، بعد أن تهافتت عليها شركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية، وانكفأ كوسا في مستنقع "الدراما الوطنية" الذي خلفته الدراما السورية بعد أن تدهورت أحوالها عقب الثورة الشعبية. فتصريحات كوسا في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، كانت أشبه بمكابرة هشة، تشبه إلى حد بعيد تصريحاته ومواقفه السياسية المؤيد لنظام بشار الأسد؛ فأصر على انتقاد المسلسلات المشتركة، وفبركة العلاقات فيها، وعدم رغبته بالمشاركة بالنماذج المرسخة منها كـ"الهيبة"، ليوحي بأنه ينطق بلسان العقل، وينذر بأن مسلسل "سر" قد يكون استثناءً. ولكن بعد أن تم عرض 15 حلقة من المسلسل على قناة MBC4، بدا واضحاً أن انحياز كوسا غير المنطقي لمسلسله، لا يختلف عن انحيازه السياسي الغريب لكفة النظام، الذي لطالما انتقد مؤسساته. 

تدور الأحداث في مسلسل "سر" حول قضية اختفاء "عامر بدران" (بسام كوسا) في حفلة عيد ميلاده، إذْ تقوم جهتان بالتآمر على قتله؛ الأولى زوجته "تالين" وابن أخيه "مهند" اللذان اتفقا أن يدسّا له السم للتخلص منه بسبب علاقة حب تجمع بينهما، والجهة الثانية تتمثل بشريكه في العمل "بهاء" الذي كلف عصابة من القتلة المأجورين لاختطافه وقتله، لتبدأ بعد ذلك التحقيقات بالقضية الجنائية المفضوحة درامياً، والتي يتولى زمامها المحقق "جاد حرب" (باسم مغنية)، والذي يلقبونه في المسلسل بـ"شارلوك هولمز"، لنتابع خلال حلقات المسلسل الباردة والطويلة مهارات التحقيق الجنائي لدى الأمن اللبناني، دون أن تخلق هذه القضية أي نوع من الإثارة، وذلك من خلال الاعتماد المفرط على تقنية "الفلاش باك" وتداخل المشاهد ما بين الماضي والحاضر، دون أن تساهم الخطوط الدرامية المبعثرة برسم أي معنى.

وقد يبدو غريباً أن ذات المعايير التي انتقدها كوسا مطولاً واعتبر أنها تتعارض مع "روحية الدراما"، تنطبق على مسلسل "سر"، فالعائلة الواحدة قد تضم أفراداً لبنانيين وسوريين، إذْ يلعب الممثل بسام كوسا دور عم الممثل اللبناني وسام حنا. بل من الممكن القول إن مسلسل "سر" يتخطى جميع المسلسلات المشتركة التي سبق عرضها بدرجة السوء التي وصل إليها، فهو ضعيف من الناحية الفنية ولجهة فكرته. فمن الناحية الفنية، يبدو أن مخرج المسلسل، مروان بركات، لم يتمكن حتى اليوم من تجاوز أسلوبه الذي اتبعه في مسلسل "أبناء القهر" (2001) الذي كان فاتحة العمل بينه وبين كوسا؛ إذْ لا يزال يقوم بحركات وظيفية للكاميرا تفتقد الإبداع، وليلقي المسؤولية بشكل كلي على أداء الممثلين؛ والمشكلة أن الأداء في "سر" ضعيف للغاية، فهو ليس سوى مزج ما بين المبالغة والتهريج. وأما من ناحية فكرة المسلسل، فهو يروج لأفكار ذكورية عنيفة، ابتداءً من المشهد الافتتاحي الذي يقتل فيه "عامر بدران" طفلاً وامرأة بدافع الانتقام، ومروراً بالصراع حول إدارة الشركة التي كان يديرها "بدران"، والتي يصعب تحديد ما هية عملها؛ فرغم أحقية النساء نجدهنَّ يخضعن لسلطة الرجال، وذلك للتسليم بالأدوار الوظيفية القائمة على التمييز الجندري، ووصولاً إلى المشهد العنيف الذي تقتل به قطة.

المساهمون