عودة الاحتجاجات إلى جنوب العراق

عودة الاحتجاجات إلى جنوب العراق

09 يونيو 2020
جرح وإصابة العشرات من المتظاهرين (فرانس برس)
+ الخط -
عادت مدن جنوب العراق إلى واجهة المشهد من خلال مئات الشبان الغاضبين في النجف والديوانية والناصرية والسماوة والحلة، ومدن أخرى، والذين خرجوا محتجين رغم توسلات السلطات الصحية لهم للعودة إلى منازلهم، محذرة من أن تكون التظاهرات في الوقت الحالي قنابل لانتشار كورونا، وفي ظل اتهامات بوقوف أطراف خلف التظاهرات لتصفية حسابات سياسية.

وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع اشتداد الأزمة الصحية في العراق، والتي تصاعدت معها معدلات الفقر والبطالة، وفي تراجع ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، وتكرار انقطاع مياه الشرب، مع عدم تقديم السلطات العراقية أي بوادر بتغيير أو تلبية مطالب المتظاهرين. ويطالب المحتجون، أيضا، بتقديم المتورطين بقتل المتظاهرين للقضاء، فضلا عن "اتخاذ خطوات تشير إلى نوايا إصلاح حقيقية"، بحسب وصف أحد المتظاهرين في النجف، الذي قال إن "الفاسدين ما زالوا يتنعمون بأموالنا، ونحن نموت جوعا". 

وحذر متظاهر آخر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من مصير مشابه لسلفه عادل عبد المهدي، في إشارة إلى رفع مطالب استقالته.

وواجه الأمن العراقي التظاهرات بالأسلوب السابق نفسه، وهو الرصاص الحي وقنابل الغاز، كما اعتقل متظاهرين اتهمهم بالتحريض وممارسة العنف، خاصة في مدينتَي النجف والديوانية. وتسبب تصعيد الاحتجاجات في جرح وإصابة العشرات من المتظاهرين، وكذلك القوات الأمنية، خلال اليومين الماضيين، فيما بدت النجف أكثر سخونة من المدن الأخرى، إذ ما زالت تشهد عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن. 

مطالب

الناشط في تظاهرات النجف علي الشمري قال، لـ"العربي الجديد"، إن التظاهرات التي تشهدها المدينة والمدن المجاورة بالجنوب جاءت بعد "مماطلة وتسويف ومحاولات خداع"، مبينا أن "المتظاهرين يجدون أن خطر وباء كورونا لا يمثل شيئا أمام المشاكل التي هم يعانون منها حاليا، وكل من خرج للشارع مرة أخرى متضرر".

وذكر الشمري أن "الحكومة أعلنت إجراءات لمواجهة كورونا، مثل حظر التجول وإغلاق الأعمال دون أن تمنح الناس شيئا تأكله، والوضع بات مزريا، والناس بحاجة إلى متنفس سريع، لأن الغضب وصل إلى مستوى كبير". 

واعتبر متظاهر آخر يدعى عبد الله، من مدينة الديوانية، أن "عدم تغيير المسؤولين المحليين الموجودين في مناصبهم بالمحافظات الجنوبية منذ سنوات طويلة رغم فشلهم دليل على عدم وجود نية إصلاح"، مضيفا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كثيرا من المسؤولين المحليين عليهم ملفات فساد، لكن لا يتم تغييرهم أو حتى محاسبتهم، بسبب المجاملات والضغوطات السياسية، ولهذا تحرك المتظاهرون نحو إجبار هؤلاء لتقديم استقالتهم".

وأكد أن "التصعيد في مدن الجنوب، سيستمر إلى حين تحقيق مطالب المتظاهرين، بتوفير الخدمات وتغيير كافة المسؤولين في الحكومات المحلية، وهذا التصعيد ربما ينتقل قريباً إلى العاصمة العراقية بغداد، فهناك حوارات وتواصل مع عدد من معتصمي وناشطي ساحة التحرير، لتوحيد المواقف والحراك الشعبي".

اتهامات

في المقابل، تتهم جهات سياسية عراقية شخصيات وأطرافا سياسية (لم تسمها) بالوقوف خلف تصعيد الاحتجاجات في مدن الجنوب، والمطالبة بإقالة المسؤولين المحليين فيها، بدافع الاستحواذ عليها. 

وقال القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، سعد المطلبي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "اختيار المحافظين من صلاحيات رئيس الوزراء في الوقت الحالي، ولا نعلم هل سيكون هناك تأثير لهذه التظاهرات للضغط على رئيس الوزراء لإجراء تغييرات في المحافظين أم لا"، معتبرا أن "التظاهرات في مدن الجنوب تقف خلفها جهات سياسية، تريد إخراج عدد من المسؤولين المحليين حتى تستحوذ هي على تلك المواقع والمناصب، خصوصاً أن التظاهرات خرجت عن سلميتها"، وفقا لقوله.

وأضاف أن "المتظاهرين في مدن الجنوب، الذين يحاولون اقتحام الدوائر ومنازل المسؤولين وحرق المقرات والاعتداء على قوات الأمنية، مدفوعون من قبل جهات سياسية، لخلق الفوضى لغرض السيطرة على مناصب حكومية". وتابع أن "هذه الجهات استغلت الفشل الخدمي في تلك المحافظات، ودفعت ببعض الشباب لغرض تنفيذ مخططاتها السياسية، بالاستحواذ على الحكومات المحلية". 

واتهم النائب بالبرلمان العراقي عن تحالف "سائرون"، علي اللامي، من وصفهم بـ"الشخصيات المندسة"، بالوقوف وراء أعمال العنف والحرق بالتظاهرات الجارية في الجنوب، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب إعطاء حكومة الكاظمي فرصة لتحقيق الإصلاحات، فهي لم يمر عليها ثلاثة أشهر". 

وأضاف اللامي أنه "غير مستبعد أن تكون هناك جهات سياسية تقف خلف التصعيد في تظاهرات الجنوب من أجل تحقيق مكاسب وأهداف سياسية، فعلى المتظاهرين الحذر من استخدامهم كورقة ضغط سياسية لبعض الجهات، وعليهم إبعاد كل المندسين عنهم، والذين يعملون وفق مخططاتهم السياسية".

المساهمون