حرب العصابات تستعر في حلب... والمعارضة تصمد

حرب العصابات تستعر في حلب... والمعارضة تصمد

07 ديسمبر 2016
قوات النظام داخل بعض أحياء شرقي حلب (فرانس برس)
+ الخط -

بات من شبه المؤكد، أن المساعي السياسية، التي برزت أخيراً، في تركيا ثم في مجلس الأمن لحلحلة قضية حلب تعثرت، إذ يستشعر محور النظام ــ روسيا، بطغيان قوتهما الميدانية في هذه المعركة المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع من دون توقف، والتي أدت فصولها اليومية المتوالية، لتدهورٍ غير مسبوق للوضع الإنساني المأساوي، لنحو ربع مليون مدني في أحياء شرقي حلب.

ومنذ الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء، تواصلت غارات الطيران الحربي على الأحياء، التي ما زالت المعارضة السورية تسيطر عليها شرقي المدينة، مع استمرار الاشتباكات التي لم تتوقف على محاور عدة. ذلك لأن قوات النظام تحاول إحراز تقدمٍ فيها، ساعية لقضم المزيد من المساحات، حسبما تُظهر المجريات الميدانية، في ظلّ تمكن فصائل المعارضة السورية من صد معظم هذه الهجمات الجديدة، بعد أن كانت قد تداعت خطوطها الدفاعية في الأيام القليلة الماضية.

واستهدفت غارات الطيران الحربي وقصف قوات النظام المدفعي، أحياء المعادي، جسر الحج، والكلاسة، والسكري، والفردوس، وغيرها، مُسقطة المزيد من الضحايا المدنيين، فيما طاولت ضربات جوية أخرى مناطق مختلفة في ريف المحافظة الغربي. كما "قُتل ثلاثة مدنيين وأصيب آخرون نتيجة قصف شنّه الطيران الروسي بصواريخ فراغية على قرية البوابية بريف حلب الجنوبي"، حسبما أكد المتحدث باسم الدفاع المدني، إبراهيم أبو الليث لـ"العربي الجديد".

ونوّه إلى أن "فريق الدفاع المدني أُصيب في قصفٍ مدفعي شنّته قوات النظام على حي الزبيدية في المنطقة المحاصرة شرقي حلب، التي تشهد تواصل المعارك العنيفة، خصوصاً على محاور الإذاعة وسيف الدولة والزبدية والشعار ومنطقة حلب القديمة، وسط المدينة".

وبعد أيامٍ أسفرت فيها المعارك، عن خسارة فصائل المعارضة لمساحات جديدة في حلب، استطاعت، يوم الإثنين، صدّ هجماتٍ واسعة، شنتها قوات النظام والمليشيات المساندة لها، واستعادت المعارضة أجزاء كانت خسرتها من حي الميسر، لكن مصادر ميدانية تحدثت، أمس الثلاثاء، عن أن قوات النظام ومليشياته، شنت هجوماً آخر أبعدت إثره مقاتلي المعارضة، من المناطق التي كانوا تقدموا إليها.

وأخذت المعارك الدائرة حالياً في محاور عدة شرقي حلب، طابع حرب العصابات، إذ إن الاشتباكات تدور وسط أزقة وأبنيةٍ متلاصقة، وهو ما يمنح أفضلية للقوات المدافعة، كون أغلب مقاتليها، يعرفون هذه الجغرافية، باعتبارهم أبناء تلك الأحياء.

وعلى الرغم من أن غالبية أفراد القوات المهاجمة هم مليشيات أجنبية، لا تعرف طبيعة المناطق التي تدور فيها المعارك، لكنهم تقدموا، منذ أيام، بفضل عاملين رئيسين، أولهما: الغطاء الناري الكثيف الذي تؤمنه لهم الطائرات الحربية ومدفعية النظام، وثانيهما: وجود خطوط إمداداتٍ بالذخيرة والعنصر البشري. وهو ما لا يتوفر لدى مقاتلي المعارضة، بسبب الحصار المفروض عليهم منذ نحو أربعة أشهر، بعد خسارتهم طريق الكاستيلو.




وأمس، حاولت فصائل من المعارضة من خارج الأحياء المحاصرة، فتح معارك جانبية لتشتيت قوات النظام، قائلة إنها استهدفت بعض ثكناته العسكرية، إن كان على أطراف المدينة الغربية أو الجنوبية، وقصفت بصواريخ "غراد"، مواقع النظام في كلية المدفعية والأكاديمية العسكرية، جنوب غربي حلب. كما كشف قائد غرفة عمليات "فتح حلب"، أنه "تمّ تفجير عربة مسيرة بحصون قوات الأسد في حي جمعية الزهراء".

وغير بعيدٍ عن حلب، واصلت طائرات النظام الحربية، أمس الثلاثاء، تصعيد غاراتها في محافظة إدلب، مخلفة المزيد من الضحايا المدنيين. وفي هذا الصدد، أفاد الناشط الإعلامي المتواجد في المحافظة جابر أبو محمد لـ"العربي الجديد"، أن "خمسة مدنيين قتلوا وجرح 15 آخرين، بينهم أطفال ونساء، إثر قصف جوي من الطائرات الحربية الروسية والسورية على بلدة كفرسجنة في ريف إدلب". ولفت إلى أن "امرأة وطفلتها قُتلتا وجرح خمسة بقصف مماثل على بلدة حاس، وقُتلت امرأة بقصف مماثل على بلدة زردنا القريبة". كما طاولت ضربات جوية مماثلة، مدينة معرة النعمان وقرية الشيخ مصطفى ومدينة بنش وبلدة تفتناز في ريف إدلب، الذي قتلت فيه الغارات نحو 80 مدنياً خلال الأيام القليلة الماضية فقط.

أما في وسط البلاد، فقد نوّه المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي" محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قتل وجرح قرابة عشرين عنصراً من قوات النظام، ودمّر عربة وسيارتين لها، خلال كمين نصبه في جنوب شرق مدينة تدمر، بريف المحافظة الشرقي".

وفي سياق التطورات الميدانية في سورية أمس، فقد شن الطيران الحربي غارات جوية على مدينتي دوما وحرستا، وبلدة الشيفونية في غوطة دمشق الشرقية، موقعاً أضرارا مادية كبيرة، وفق ما ذكر الدفاع المدني في المنطقة.
وجاء ذلك، مع استمرار المعارك بين قوات النظام ومقاتلي "جيش الإسلام" الذي أعلن أمس، أن "قواته تقدمت في قرية الميدعاني بالغوطة الشرقية، وباتت المعارك في محيط مبنى البلدية"، متحدثاً عن تكبيده القوات المهاجمة خسائر بشرية ومادية وأن "المعارك لا تزال مستمرة في محاولة لاستعادة النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام المدعومة بالمليشيات الطائفية".

وفي ريف دمشق، أفاد الدفاع المدني السوري، عن مقتل إثنين من عناصره، وجرح عنصر آخر، خلال قيامهم بإسعاف جرحى مدنيين، سقطوا بقصفٍ جوي من طيران النظام السوري على مدينة مضايا المحاصرة من "حزب الله" شمال غربي دمشق. كما أدى القصف لمقتل مدني، وجرح عشرين آخرين.

وجاء تصعيد النظام بقصف مضايا الداخلة في اتفاق هدنة "الزبداني – الفوعة"، إثر استهداف المعارضة السورية، بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب خلال اليومين الماضيين، كرد على مجازر النظام، التي سقط ضحيتها عشرات المدنيين، بغارات الطيران الحربي في إدلب خلال الأيام الماضية.