خلفيات سياسية وراء إقالة محافظ البنك المركزي في تونس

خلفيات سياسية وراء إقالة محافظ البنك المركزي في تونس

14 فبراير 2018
العياري يرفض الاستقالة (أمين لندولسي/ الأناضول)
+ الخط -

كشفت إقالة محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، صراعات سياسية بين مواقع صنع القرار، ما ينبئ بجلسة عامة ساخنة جداً غداً الخميس، لا تختلف كثيراً عن جلسة حجب الثقة عن رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد التي عرفت جدلاً واسعاً.

وعقدت لجنة المالية والتخطيط في البرلمان، صباح اليوم الأربعاء، جلسة مساءلة العياري، حول أسباب وتبعات التصنيف الصادر عن البرلمان الأوروبي في حق تونس بوصفه رئيساً للجنة التونسية للتحاليل المالية، فيما يستعد العياري بالقدر ذاته إلى جلسة الغد للتصويت على عزله.

وتشبّث محافظ البنك المركزي بحصانته التي منحها له البرلمان في 24 يوليو/ تموز 2012، رافضاً الاستقالة، في سيناريو شبيه بما حدث مع رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد الذي تمسّك بالمرور عبر البرلمان الذي منحه الثقة.

ويبدو أن الرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد دعا العياري إلى الاستقالة، في وقت سابق، إلا أنّه طلب مهلة إلى نهاية شهر مارس/ آذار المقبل، حسب ما بيّنه مصدر لـ"العربي الجديد"، لإعداد خروج يليق بنهاية مشواره في رئاسة هذه المؤسسة، ولكنه يرفض الخروج من النافذة محمَّلاً بأوزار الفشل الدبلوماسي والسياسي.



ويرى مراقبون أن قرار الإعفاء في هذا التوقيت حمّال أوجه ويخفي صراعاً بين السلطات الحاكمة في البلاد ومواقع القرار من جهة، ومن يقود السياسة النقدية والسلطة التنفيذية والسياسة الخارجية من جهة أخرى، كذلك تفوح من قرار الإقالة رائحة الحرب التي يقودها الشاهد على الفساد بالعودة إلى الوثائق المسربة التي تتحدّث عن تجاوزات مالية وفساد في حق شخصيات وأحزاب وجمعيات.

واتخذ الشاهد، الأسبوع الماضي، قرار إقالة العياري وتعيين مروان العباسي خلفاً له واتفق مع الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، على ذلك، وبدوره بعث الأخير بطلب الإعفاء والتعيين الجديد إلى البرلمان، مقترحاً عرضه على تصويت الجلسة العامة.

وفوجئ الرأي العام الوطني برسالة وجهها رئيس كتلة "نداء تونس" السابق الفاضل بن عمران وعضو لجنة المالية في البرلمان يطعن فيها في الطلب المرسل من الرئيس السبسي بشكل غير مسبوق.

وأكد القيادي في "نداء تونس"، بن عمران، بطلان إجراءات السبسي، مشيراً إلى أن الدستور يفرض أن يقترح الشاهد الإعفاء والتعيين، وبعد مصادقة البرلمان يأتي دور السبسي للتسمية.

وأوضح أن "رئيس الجمهورية يتولّى إصدار الأمر الرئاسي والإذن بنشره تطبيقاً لأحكام الفصل 78 المذكور بناء على مراسلة صادرة عن رئاسة مجلس نواب الشعب، متضمّنة لقرار الجلسة العامّة وبعد مصادقة المجلس على هذا الاقتراح".

ويخفي موقف بن عمران رفضاً لقرار إعفاء العياري، إذ عبرت مجموعة مهمة داخل حزب "النهضة" عن استغرابها لهذا القرار، وهو ما أكّده القيادي محمد بن سالم، في تصريحات صحافية، معتبراً أن "هذا القرار ارتجالي ويدعم التصنيف الذي جاء في حق تونس، وإقرار به"، داعياً جميع الأطراف إلى "التوحد لدحضه".

وعلى الرغم من أن رئيس كتلة "نداء تونس"، سفيان طوبال، أكد في تصريحات إعلامية توجه الحزب وكتلته إلى التصويت لمصلحة إعفاء العياري وتعيين العباسي خلفاً له، فإن بوصلة نجاح ذلك ليست بالأمر الهين، إذ يفرض الدستور غالبية مطلقة لا تقل عن 109 أصوات، علماً أن المعارضة لن تقف إلى جانب الشاهد في خياره، كما يمكن لرافضي هذا القرار التغيب عن الجلسة العامة.

ووجّه القضاء، أمس الثلاثاء، تهماً إلى كوادر في البنك المركزي وشرع في التحقيق معهم، على خلفية عمليات غير قانونية بالعملة الصعبة، وهو ما اعتبره بعض المعارضين ضغوطاً ورسائل سياسية لإجبار العياري على المغادرة.
ويعد المحافظ المسؤول الأول عن السياسة النقدية في البلاد، وهو بمثابة عضو حكومة مميز أو وزير فوق العادة، إذ يخضع تعيينه وإعفاؤه إلى إجراءات خاصة، وتدوم ولايته ست سنوات قابلة للتجديد، مبينة في قانون البنك المركزي وفي دستور البلاد.

ويرفض العياري، بحسب ما أكّده مصدر مقرب منه "أن يكون شماعة تعلّق عليها الأخطاء وإلصاق قرار الإعفاء بقرار البرلمان الأوروبي بتصنيف تونس ضمن القائمة السوداء المتعلقة بمخاطر غسل الأموال وتبييض الإرهاب"، خصوصاً أنه لا يفصل العياري عن نهاية ولايته أقل من خمسة أشهر.





المساهمون