جولة جديدة من احتجاجات "السترات الصفراء": "مسيرة الجرحى الكبرى"

جولة جديدة من احتجاجات "السترات الصفراء": "مسيرة الجرحى الكبرى"

02 فبراير 2019
"السترات الصفراء" تواصل احتجاجاتها (Getty)
+ الخط -


كثير من المستجدات جرت منذ الجولة الحادية عشرة وسبقت الجولة الثانية عشرة من حراك السترات الصفراء في فرنسا، يمكن أن تفسّر حجم المشاركة فيها وشعاراتها.

ولعل أكثرها تأثيراً ومأساوية هو إصابة أحد وجوه الاحتجاج، الأكثر معارضة للرئيس إيمانويل ماكرون وللحوار الوطني الكبير، في عينه اليمنى، ويتعلق الأمر بجيروم رودريغيز. وعلى الرغم من السجال الذي دار حول السلاح الذي استخدمته الشرطة، والذي أصاب المتظاهر، وهل يتعلق بمقذوف عادي، كما يصر وزير الداخلية ومساعده الأمني، أم بقاذف رصاصات الدفاع، المثير للجدل، كما يصر رودريغيز، علماً أن أحد رجال الأمن اعترف باستخدامه لهذا السلاح، ولو أنه يَحلف بأنه لم يُصِب هذا المتظاهر.

ومن هنا عزم السترات الصفراء، وكما تؤكد صفحاتهم على فيسبوك على تنظيم تجمعات وتظاهرات "سلمية ومعلن عنها"، في باريس وروان وليل وتولوز وفالونس وغيرها، هذا السبت، 2 فبراير/شباط، لدعم المتظاهرين الجرحى "تكريم الجرحى"، الذين سيكون بعضهم على رأس التظاهرات. ويمكن قراءة شعارات الغد، ومن بينها: "العدالة للجرحى، تكريم الضحايا، وحظر استخدام القنابل اليدوية والفلاش بول".

وتنشر صفحات فيسبوك، التابعة للسترات الصفراء نداء نشره إيريك درووي، أحد وجوه الحراك، في فيديو، طالب فيه المتظاهرين بأن يأتوا مقنعين وكأنهم جرحى، وعلى أعينهم ضمادات، وستراتهم الصفراء ملطخة بالصبغ الأحمر، في محاكاة للدماء. ونفس النداء بالتظاهر وجّهه جيروم روديغيز من أجل "المطالبة بوقف العنف البوليسي وحظر استخدام فلاش بول"، في جو من الهدوء. كما ستتظاهر يوم الأحد 3 فبراير/شباط، "نساء السترات الصفراء"، في مدن فرنسية عديدة، منها باريس، حيث تنادي تظاهرة باريس بـ "إبراز تضامننا مع جيروم رودريغيز، الذين رافقنا دوماً والذي ساندنا منذ التظاهرات الأولى لنساء السترات الصفراء".
وتعدد صفحات السترات الصفراء في شبكات التواصل الاجتماعي: أكثر من 90 جريحا، إصاباتهم خطيرة منذ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.



وتترافق الجولة الثانية عشرة من الحراك مع رفض "مجلس الدولة"، يوم الجمعة 1 فبراير/شباط، لتعليق استخدام قاذقات رصاص الدفاع، بعد شكوى تقدمت بها نقابة "سي جي تي" العمالية ورابطة حقوق الإنسان، مُقدّرا أن "مخاطر العنف تجعل من الضروري إتاحة الفرصة لقوى الأمن باللجوء إلى هذه الأسلحة"، التي تظل "مُناسِبةً من أجل مواجهة هذا النوع من الأوضاع، مع الاحترام الصارم لشروط الاستخدام".

كما أن إضراب السبت يأتي بعد تصويت مجلس النواب على بعض البنود في "مشروع قانون مكافحة الشغب"، الذي صوّت عليه مجلس الشيوخ، بأغلبيته اليمينية، قبل ثلاثة أشهر، وخاصة البند الثاني الذي يمنح وُلاة الأمن الحقّ في اتخاذ قرارات بحظر التظاهُر. ويتعلق الأمر بصلاحية الولاة في منع بعض المتظاهرين من المشاركة في تظاهُرات.

وتكمُن الجدة في هذا البند في كون القضاة وحدهم من كان يحق لهم في السابق اتخاذ هذا الإجراء كقرار مُكمِّل لإدانة. كما صوّت مجلس النواب على إنشاء "جُنحة إخفاء الوجه" في التظاهرات، وقد ورد هذا البند في قانون "مكافحة الشغب"، الذي أقرته الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ، ولم يتم بعدُ مناقشته، ويعرّض هذا القانون الأشخاصَ المدانين بسنة سجناً و15 ألف يورو غرامة، ولكن الأغلبية الرئاسية حاولت تلطيفه، بموافقة الحكومة، وبالتالي سيكون على الشخص موضع الاتهام أن يقدّم "مبررا شرعيا" لإخفائه وجهه.

وبينما تواصل حركة السترات الصفراء احتجاجاتها مع ما يرافقها من عنف وعنف مضاد، يَتواصَل الحوار الوطني الكبير، الذي لخّصته الفنانة الساخرة آن رومانوف بقولها: "كنتُ أعتقد أن الحوار الوطني الكبير يعني أن 60 مليون فرنسي يعطون آراءَهم أثناء عدة أيام، وفي الواقع فإن ماكرون هو الذي يعطي رأيه لـ60 مليون فرنسي أثناء عدة ساعات".

ولا أحد يعرف نتائجَ هذا الحوار الفرنسي غير المسبوق، بسبب طرحه لأعداد لا تحصى من القضايا والأسئلة، ولا كيف ستتم المصادقة على نتائجه. وفي هذه الأثناء يتواصل صعود شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون، ولو أنه بطيءٌ، حيث بلغ عدد الراضين عن سياساته، 27,29 في المائة، إذا أخذنا بعين الاعتبار سبعة استطلاعات شهرية للرأي، ورغم أنها بعيدة عن نسبة 47 في المائة، التي عرفها في يناير/كانون الثاني 2018، إلا أنه آخذٌ في الصعود، ويتصاعد معه أملُ الرئيس في استعادة وهج حملته الانتخابية.