ليبيا: قصف مصراتة يُهدّد حوار ليون

ليبيا: قصف مصراتة يُهدّد حوار ليون

30 ديسمبر 2014
قصف مصراتة هو الأول بعد سقوط القذافي (فرانس برس)
+ الخط -
تعرّضت مدينة مصراتة، يوم الأحد الماضي، للمرة الأولى بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إلى قصف جوي، على الرغم من انضمام قوات فيها إلى عمليّة "فجر ليبيا"، في معارك مع كتائب الزنتان و"جيش القبائل"، وخوض قوات منها في الرابع عشر من الشهر الحالي، اشتباكات تحت مسمى "عملية الشروق" لتحرير الموانئ النفطيّة.
وكانت طائرات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، قصفت، صباح الأحد، عدة مواقع مدنيّة وعسكريّة في مدينة مصراتة، شرقي العاصمة الليبية طرابلس، من دون أن يسفر القصف الجوي عن أيّة أضرار بشريّة.
ويرى مراقبون أنّ استهداف مصراتة بقصف جوي، يأتي في إطار الانتقام من المدينة، التي تزعّمت كتائب منها، متحالفة مع قوات أخرى في غربي ليبيا، الحرب على كلّ الموالين لحفتر. وبرزت قيادات عسكرية وسياسية من المدينة، معارضة للانقلاب العسكري الذي تزعّمه حفتر في نسخته الأولى في شهر فبراير/شباط الماضي، وفي نسخته الثانية الذي أعلنه في بنغازي في السادس عشر من شهر مايو/أيار الماضي تحت دعوى محاربة الإرهاب.
ورفض كل نواب مصراتة، في مجلس النواب الليبي، المنحلّ بحكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية، الحضور إلى مقر مجلس النواب في طبرق، سواء أكان ذلك عن قناعة أم تحت تأثير الضغط الشعبي الذي مارسه سكان المدينة على نوابهم في برلمان طبرق.
ويعتقد الفيدراليون، سواء في مجلس نواب طبرق المنحل أو خارجه، أنّ مصراتة كانت سبباً في إفشال جولة حوار غدامس الأولى، التي عُقدت برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة برناردينو ليون، على الرغم من حضور النائب فتحي باشا آغا، أبرز ممثلي مصراتة في مجلس النواب المنحل.
وفي سياق متّصل، يتهم أنصار حفتر مصراتة، بتزويد مقاتلي "مجلس شورى ثوار بنغازي" بأسلحة، وتوفير جرافات بحريّة تحمل مقاتلين من غربي ليبيا، يدعمون بشكل مباشر ويقاتلون في بنغازي ضدّ قوات حفتر.
كما أيدت تظاهرات في مصراتة، وكذلك سياسيون وقادة كتائب مسلحة، أبرزهم صلاح بادي، حكم الدائرة الدستوريّة بحلّ مجلس طبرق، ودعموا بقوة عودة المؤتمر الوطني العام وانعقاده، بل واشتراط الاعتراف بشرعيّته للدخول في حوار مع مؤيدي حفتر، ومجلس نواب طبرق المنحل.
ويرى متابعون أنّ لعملية القصف الجوي أثراً بالغاً على دفع بعض الشخصيّات والقيادات السياسيّة من مدينة مصراتة، إلى رفض الحوار والتفاوض والحلول السياسيّة بين أطراف الأزمة الليبية، علماً أنّهم كانوا يؤيدون، قبل القصف الجوي على المدينة، السير في طريق التفاوض والحوار الذي حدّده ليون في الخامس من شهر يناير/كانون الثاني المقبل.

وتُعدّ قوات درع الوسطى، والتي أعلن المتحدث الرسمي باسمها، أحمد هدية، في أكثر من مناسبة موافقة قواته على مبدأ الحوار، مع التمسك ببعض الثوابت التي وصفها بالوطنية، من أبرز الداعمين للحوار في مصراتة. وبالتالي، من شأن عملية القصف الأخيرة، أن تدفع الأجنحة العسكريّة والسياسيّة من معسكر الاعتدال إلى التشدّد أكثر، وهو ما سيؤثر على عمليّة الحوار والتفاوض من الأساس.
ويُقدّر عدد المقاتلين الفعليين في مصراتة بحوالي 25 ألف مقاتل، موزعين على قرابة 230 كتيبة، شكّلت ما يُعرف بـ "قوة درع ليبيا الوسطى". وتمتلك هذه الكتائب مجتمعة ما يزيد على 3500 سيّارة مجهزة بمضادات الطائرات وراجمات الصواريخ، وما يزيد على 200 دبابة يتمركز معظمها في معسكرات تابعة للنظام السابق، فيما تتمركز بقيّة الكتائب في ضواحي المدينة.

كما تمتلك مصراتة دفاعات جويّة حصلت عليها من النظام السابق، على غرار رادارات رصد وصواريخ مضادة للطائرات، لكنّها عجزت اليوم عن التصدي للطائرات التي قصفت مواقع فيها. ويقول عسكريون إنّ ذلك مرتبط بحصول القصف من ارتفاعات لا تطالها الدفاعات الأرضيّة في مصراتة، ولذا جاء ضرب الأهداف وإصابتها بشكل دقيق ضعيفاً.
ويتوقع المتابعون أن ترد قوات مصراتة بشكل عنيف على القصف الجوي الذي تعرضت له، سواء في شرق ليبيا أو غربها، مع تركيزها بشكل رئيس على شرق ليبيا، بسبب الاعتقاد السائد لديها بأنّ هذه الطائرات انطلقت من مطارات فيها، وقد يأتي الرد على صورة توسيع العمليات في الهلال النفطي واشتدادها، وعدم مراعاة حماية المنشآت والموانئ النفطيّة، والذي كانت تضعه في حسبانها قوات "عملية الشروق".

المساهمون