الانتخابات العراقية في موعدها بقانون يقصي الأحزاب الصغيرة

الانتخابات العراقية في موعدها بقانون يقصي الأحزاب الصغيرة

23 يناير 2018
أقرّ البرلمان نظام "سانت ليغو" بمعدّل 1.7 (Getty)
+ الخط -

صوّت البرلمان العراقي بغالبية مريحة اكتسبها من الحكم القضائي الرافض لتأجيل الانتخابات التشريعية، أمس الاثنين، على تثبيت موعد الانتخابات المقترح من قبل الحكومة في 12 مايو/أيار المقبل. كما صوّت أيضاً على تعديل قانون الانتخابات، في بند آلية احتساب عدد الأصوات وتقاسم الكتل الانتخابية للأصوات في الدائرة الانتخابية الواحدة على نظام "سانت ليغو" وبقاسم انتخابي هو 1.7. ما اعتُبر بمثابة ضرب جميع فرص الأحزاب الصغيرة والتيارات المدنية والعلمانية والوطنية، وبقاء الهيمنة للأحزاب الإسلامية الكبيرة التي عرفها العراقيون مع الاجتياح الأميركي. كما يسمح القانون الجديد للأحزاب بمنافسة الأقليات في مناطق قوتها أو معاقلها التقليدية مثل المسيحيين والصابئة والشبك والإيزيديين في الموصل وكركوك وسهل نينوى وأربيل والبصرة وبغداد. ورأى مراقبون أن "القانون الجديد بالتفاف على الديمقراطية وسابقة كبيرة من نوعها في العراق مؤشرة إلى خوف الأحزاب الممسكة بالسلطة منذ الاحتلال الأميركي (2003) ولغاية اليوم، من فقدان جزء من نفوذها بالانتخابات المقبلة".

في هذا السياق، أقرّ البرلمان موعد الانتخابات في جلسة أمس بأغلبية 171 صوتاً من مجموع النواب الحاضرين، مع شروط وضعها للحكومة لإجراء الانتخابات، من بينها، إلزام الحكومة بإعادة جميع النازحين إلى مناطقهم، واعتماد التصويت الإلكتروني، وحصر السلاح بيد الدولة قبل إجراء الانتخابات، وضمان عدم مشاركة الأحزاب ذات الأجنحة المسلحة في العملية الانتخابية. وطالب بـ"زيادة عدد المراقبين المحليين والدوليين، وتوفير بيئة آمنة بالمدن وضمان عدم تدخل أي جهات مسلحة في عملية الاقتراع أو الحملة الدعائية للناخبين". وأكد قرار البرلمان أنه "سيقوم بمراقبة هذه الإجراءات من خلال لجان مختصة". كما صوّت البرلمان على تعديل عدد من فقرات القانون الخاص بالانتخابات، وصوّتت عليه الكتل الكبيرة وعارضته الأحزاب المدنية وممثلو الأقليات. وجرى تعديل القانون الخاص بطريقة احتساب أصوات الناخبين وتوزيعها بين المتنافسين، فأصبح القاسم الانتخابي 1.7 بدلاً من 1.6، وفقاً لطريقة "سانت ليغو".

واعتمد العراق طريقة "سانت ليغو" في احتساب أصوات الناخبين من دون تعديل عام 2013، في انتخابات مجالس المحافظات على قاسم 1.4. ما أدى إلى صعود أحزاب مدنية وأخرى صغيرة حديثة، نافست الأحزاب الإسلامية المهيمنة على المشهد في المحافظات العراقية المختلفة. بعدها، طُرح تعديل عام 2014 وتم اقراره بقاسم جديد وهو 1.6، الذي جرت انتخابات البرلمان السابقة على ضوئه، ما أدى إلى تراجع تمثيل الأقليات والأحزاب الصغيرة بشكل كبير، فضلاً عن انقراض صور المرشحين المستقلين المنفردين بذاتهم في الانتخابات.

ورأى نائب بالبرلمان العراقي عن التيار المدني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "موافقة القوى السنية على تثبيت موعد الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات يشي بأن هناك صفقة"، مبيّناً أنه "من المتوقع أن يتم إغراء الكتل السنية الكبيرة بتعديل آلية احتساب الأصوات، حتى توافق على تثبيت موعد الانتخابات، كون هذه القسمة الانتخابية ستجعلها في مكان مريح بالسباق الانتخابي في مناطق شمال العراق وغربه. والسبب هو أنها تراجعت شعبيتها بمناطقها وولدت أحزاب وقوى جديدة تخشى منها أن تزيحها عن الصدارة".



بالتزامن، أصدر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، مرسوماً جمهورياً، حدّد فيه موعد إجراء الانتخابات البرلمانية لدورة المجلس الرابعة. وذكر بيان الرئاسة، أنّ "رئيس الجمهورية حدد يوم السبت الموافق 12/5/2018 موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب لدورته الرابعة"، مبينا أنّ "المرسوم صدر استنادا إلى أحكام المادتين (56) و(73 – سابعاً) من الدستور، والبند (ثالثاً) من المادة (7) من قانون انتخابات مجلس النواب رقم (45) لسنة 2013".

من جانبه، أوضح الخبير بالشأن العراقي علي عمران، لـ"العربي الجديد" أن "القانون الجديد للانتخابات رسخ هيمنة الأحزاب الكبيرة وطرد الأحزاب الأخرى التي تحاول المشاركة في العملية السياسية"، واصفاً ما جرى بالبرلمان بأنه "مهزلة". وأضاف أن "القوى السياسية الكبيرة اعتادت على تمرير القوانين المهمة والمفصلية بطريقة السلة الواحدة".

ورأى عمران أن "الكتل السياسية الكبيرة مررت معادلة سانت ليغو 1.7 في قانون الانتخابات، لتكون عقبة في وجه القوى الصغيرة والناشئة، ودفعها باتجاه الدخول في تحالفات تقودها رموز العملية السياسية التقليدية التي اصبحت مرفوضة من قبل الناخب العراقي"، مشيراً إلى أن "تمرير هذا القانون يعني القضاء على أي أمل بالتغيير والحكم مسبقاً لصالح عودة الوجوه ذاتها للسلطة".

في هذا السياق، اعتبر الخبير في القانون الدستوري طالب موسى، أن "قانون الانتخابات الجديد سيثير كثيرا من الجدل بسبب اتهام مشرعيه بالانحياز إلى القوى السياسية المتنفذة"، مؤكداً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الآلية التي يعتمدها القانون لتحويل الأصوات الانتخابية إلى مقاعد برلمانية تعتبر مجحفة بنظر البعض المعترض على القانون".

وأضاف أن "مقترح قانون انتخابات 2018 يعتمد على آلية سانت ليغو ذات القاسم الانتخابي 1.7"، مبيناً أنه "من المتعارف عليه أن هذه المعادلة تنحاز للأحزاب الكبيرة وتقصي القوى السياسية الصغيرة والمستقلين". وأضاف أن "الجدل الذي يتم إثارته الآن بشأن قانون الانتخابات يعود لوجود مخاوف من احتمال بقاء الطبقة السياسية الحالية ذاتها"، مؤكداً أن "النخبة الحاكمة في العراق لا يمكن أن تتغير إلا بوجود قانون انتخابات عادل".

ولفت موسى إلى أن "قانون الانتخابات بصيغته الحالية (1.7)، يمنح الأحزاب الكبيرة فرصة كبيرة للفوز، في حين يقلّص حظوظ الأحزاب الصغيرة"، ناصحاً القوى السياسية الصغيرة والناشئة بـ"دخول الانتخابات بشكل منفرد، كي لا يتم استخدامها كأدوات لجمع أصوات انتخابية تذهب في النهاية لصالح رئيس التحالف، بحسب معادلة القانون الانتخابي".