سورية: معارك خطوط الإمداد مستعرة بين المعارضة والنظام

سورية: معارك خطوط الإمداد مستعرة بين المعارضة والنظام

22 ديسمبر 2014
حلب شبه محاصرة من قوات النظام (صالح محمود ليلى/الأناضول)
+ الخط -
بدأت فصائل المعارضة المسلحة في الفترة الأخيرة، الردّ على الإستراتيجية التي تتبعها قوات نظام بشار الأسد منذ نحو سنتين، بقطع خطوط الإمداد عنها، واعتماد أسلوب الحصار، لتتحول المعارك بين الطرفين إلى معارك قطع خطوط الإمداد، بدل توسيع مناطق النفوذ.

ويعزو مراقبون سبب تحول المعارك بين الطرفين إلى معارك قطع خطوط الإمداد، إلى الحراك السياسي بشأن سورية، وعلى رأسه الجولات المكوكية للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا، من أجل تسويق خطته القائمة على تجميد القتال في حلب، وما تبعها من تحركات دبلوماسية روسية، الأمر الذي قد يدفع كلاً من المعارضة والنظام إلى العمل من أجل تأمين مواقع قوة له بأكبر سرعة ممكنة، تحسباً لتطبيق خطة المبعوث الدولي.


وتمكنت فصائل المعارضة المسلحة، التي تخوض معارك كرّ وفرّ مع النظام في شمال حلب من أجل الحفاظ على خطوط إمدادها، ومنع محاصرتها في المدينة، من السيطرة على وادي الضيف (الاستراتيجي)، في محافظة إدلب، والذي استمات النظام من أجل الحفاظ عليه وفك الحصار عنه، بغرض تأمين خط إمداد لكل من محافظتي حلب وإدلب.

في المقابل، يعمل نظام الأسد في محافظة حلب من أجل فتح خط إمداد برّي لمدينتي نبل والزهراء المواليتين، وقطع خطوط إمداد فصائل المعارضة في مدينة حلب. ويستميت من أجل استعادة مدينة الشيخ مسكين التي خسرها أخيراً في محافظة درعا جنوب البلاد، وذلك بسبب وقوعها بالقرب من خط إمداده إلى مدينة درعا والمنطقة الوسطى والجنوبية من حوران.


ففي محافظة حلب، استطاع النظام بداية العام الحالي قطع خط الإمداد (الباب ـ مدينة حلب) إثر استيلائه على اللواء 80،  كما تمكن في شهر مايو/أيار الماضي من الاستيلاء على المدينة الصناعية شمال حلب وقطع خط الإمداد ( أخترين ـ مدينة حلب)، فيما نجح في بداية تشرين الأول /أكتوبر الماضي في السيطرة على بلدة حندرات، التي قطع من خلالها خط الإمداد بين مارع ومدينة حلب.

وهكذا، أصبحت مدينة حلب شبه محاصرة من قبل قوات النظام، ولا يربطها بريفها سوى خط إمداد وحيد هو خط حريتان حلب أو ما يعرف بطريق "الكاستيلو"، الذي تعمل قوات النظام من أجل قطعه لتكمل حصار مدينة حلب، من خلال بسط سيطرتها الكاملة على منطقة الملاح الاستراتيجية بالكامل، والتي تقع في أقصى جنوبها تلال تشرف على خط إمداد قوات المعارضة في مدينة حلب. يأتي ذلك فيما تواصل هذه القوات عملها من أجل تحقيق المزيد من التقدم نحو مخيم اللاجئين الفلسطينيين في حندرات، الذي يقع إلى الجنوب مباشرة من مناطق سيطرة قوات النظام في بلدة حندرات.

وهي تهدف من وراء السيطرة على منطقة الملاح إلى فتح خط إمداد بري لبلدتي نبل والزهراء المحاصرتين من قبل قوات المعارضة من خلال إحكام القبضة على منطقة الملاح، ومن ثم قرية حردتنين وبعدها بلدتي بيانون والكروم المحيطة بها، وصولاً إلى قرية معرستة ومن ثم بلدة الزهراء.

في المقابل، نجحت فصائل المعارضة في محافظة حلب في التصدّي للمحاولات المتكررة للنظام من أجل السيطرة على خط إمداد حريتان.


 وكانت حركة "أحرار الشام" قد فشلت بقطع خط إمداد النظام الوحيد لمدينة حلب من خلال عملية في ريف حلب الشرقي أعلنت عنها في السابع من اكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحت اسم "زئير الأحرار"، وذلك بسبب ضعف الإمكانات.

وفي محافظة إدلب، أفشلت المعارضة كل محاولات النظام التوغل وفتح خط إمداد انطلاقاً من ريف حماه الشمالي؛ واستنفد النظام الكثير من قواته في معركة السيطرة على مدينة مورك كنقطة انطلاق لفتح خط إمداد باتجاه وادي الضيف والحامدية، اللذين يرجح أنّ النظام كان يهدف من ورائهما إلى فتح خط إمداد باتجاه مدينة إدلب عبر معمل القرميد، أو التوغل باتجاه الطريق السريع في حلب وتأمين مساندة لمطار أبو الظهور المحاصر.

وقد أدّت السيطرة على معسكري الحامدية ووادي الضيف إلى إضعاف قوة النظام في محافظة إدلب؛ الأمر الذي اجبر النظام على إعادة تمركزه في المناطق المتبقية له في محافظة إدلب.
 
وفي جنوب سورية، تحاول فصائل المعارضة المسلحة قطع خطوط إمداد قوات النظام في المنطقتين الوسطى والجنوبية من محافظة درعا، وذلك من خلال سيطرتها على مدينة الشيخ مسكين، التي تعد رابع أكبر مدن حوران، بعدد سكانها بعد مدن درعا ونوى والصنمين. وهي عقدة مواصلات هامة تربط محافظات المنطقة الجنوبية (درعا، دمشق، السويداء والقنيطرة)، فضلاً عن كونها نقطة الوصل بين مدن نوى وازرع وابطع وداعل والصنمين.

وتعدّ الشيخ مسكين ذات أهمية استراتيجية للجيش الحر، الذي يعتبر السيطرة عليها بداية إنهاء سلطة النظام في القطاع الأوسط. كما تعتبر نقطة ارتكاز رئيسية لقوات النظام في المنطقة، نظراً لما يتفرع عنها من طرق الإمداد لقواته في المنطقة الغربية، فضلاً عن كونها خط الدفاع الأخير عن الصنمين من جهة الجنوب، الأمر الذي دفع النظام إلى الاستماتة في الدفاع عنها ومحاولة استرجاعها بأي ثمن.

دلالات

المساهمون