رئيس "شورى النهضة": نتعهد بإنجاح الحكومة التونسية والانحياز للشعب

رئيس "شورى النهضة": نتعهد بإنجاح الحكومة التونسية والانحياز للشعب

26 اغسطس 2016
الهاروني: الأولوية للملف الاقتصادي والاجتماعي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تكاد حركة "النهضة" تكون الحزب التونسي الذي أبدى تعاوناً أكثر من غيره مع رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد. على الرغم من ذلك انزعجت كثيراً عندما أعلن الشاهد عن تشكيلة الحكومة دون إعلامها بذلك ولا حتى إطلاعها على الوزارات التي تخصها. وقد عبر رئيس مجلس شورى الحركة، عبد الكريم الهاروني، عن ذلك في حديث خصّ به "العربي الجديد".
ووفقاً للهاروني فإنه "في لحظة تتويج المشاورات كنا نفضل أن يقوم رئيس الحكومة المكلف قبل الإعلان على التشكيلة التي اختارها، بإعلامنا بتفاصيلها حتى نتشاور مع مؤسساتنا وحتى تلقى الحكومة حظوظاً أكثر لمساندة برلمانية واسعة، لكن للأسف الأمور لم تتم بهذه الكيفية". لكنه استدرك قائلاً "نحن مع المشاركة في الحكومة لكننا تحفظنا على طريقة الإعلان عنها".
أما عن طبيعة هذه التحفظات، فأشار الهاروني إلى أن "التزامات حركة النهضة تجاه رئيس الحكومة المكلف تمنعه من التحدث عن التفاصيل إلى وسائل الإعلام". وأضاف "نحن نحترم اقتراحات كل حزب ساهم في صياغة هذه الحكومة، كما نحترم اختيارات رئيس الحكومة ولكن هذا لا يمنع أن نواصل الحوار كي تكون التشكيلة التي ستقدم للبرلمان أفضل وأن تراعي في أعضائها الكفاءة والنزاهة والبعد عن أي شبهة لها علاقة بالفساد أو الإقصاء أو الاستئصال".



النهضة مع فريق منسجم ومتضامن

كما أوضح الهاروني أن المحادثات التي أجرتها الحركة في الكواليس أكدت حرصها على أن يكون الفريق الحكومي "منسجماً ومتضامناً ولا يكون كل وزير يعمل لوحده، خصوصاً أن الحركة مستبشرة بأن هذه الحكومة جمعت عديد العائلات الفكرية والسياسية، وهو مظهر من مظاهر الوحدة الوطنية". وبالتالي اعتبر أن "تونس تقدمت خطوة على طريق الوفاق من حكومات الائتلاف الحزبي إلى حكومة وحدة وطنية تسعى إلى أن تكون فيها أكثر تنوعا ولديها قاعدة سياسية أوسع وتتمتع بدعم من المنظمات الاجتماعية".

الحركة تتجنب إحراج الشاهد

من جهة ثانية، لا يخفي الهاروني خشية النهضة من حصول تصدعات جديدة داخل الأحزاب بسبب هذه الحكومة بقوله "نتمنى أن لا تحصل تجاذبات داخل الأحزاب، نريد أحزباً قوية كي نصنع ديمقراطية حقيقية"، ولهذا "ننتظر من رئيس الحكومة أن يواصل الحوار كي تكون مشاركة الأطراف حولها وفاقية وتضمن الانسجام والتضامن بين أعضاء الفريق الحكومي".

أما في ما يتعلق بتهم الفساد التي وجهت لبعض الوزراء المعينين، فأكد الهاروني أن النهضة لا تبني مواقفها على اتهامات، ولا على أخبار تروج في مواقع الاتصال الاجتماعي". كما لفت إلى أنه "إذا اقتضت الضرورة القيام ببعض التعديلات التي يبدي رئيس الحكومة استعداده لها فلمَ لا"، وهو ما يدل على أن قيادة حركة النهضة لا تنوي إحراج الشاهد، وستكتفي بتقديم ما تعتبره "نصحا له".

الاختصاص ليس شرطاً في حكومة سياسية
ترفض "النهضة" الطعن في أي وزير بحجة أنه ليس مختصاً في القطاع الذي سيتولى إدارته، وذلك رداً على اعتراض البعض على تكليف القيادي زياد العذاري بوزارة الصناعة والتجارة بذريعة عدم اختصاصه في هذا المجال. ووفقاً للهاروني فإن "الوزير منصب سياسي، يشترط فيه إمكانه أن يقود فريقاً، وأن يكون قادراً على تحقيق الإصلاحات أو الأهداف التي جاء من أجلها إلى هذه الوزارة". وأضاف "نعطي أهمية لوجود السياسيين على رأس الوزارات نظراً لكوننا في حكومة سياسية، والانتخابات وجدت لاختيار الأفضل للحكم، فالتشكيك في كفاءة السياسيين نعتبره استهدافاً للأحزاب ولدورها، ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون أحزاب. وبقدر ما تنخرط الأحزاب في الحكم بقدر ما يتسنى لها أن تطور في كفاءاتها وخبرتها كما حصل للنهضة". وفي السياق، انتقد التجربة الماضية التي كان الاعتماد فيها على المستقلين أو التكنوقراط، وقال "هذا طريق جربناه في السنوات الفارطة وكانت نتائجه محدودة جداً".

النهضة تراهن على الوزارات الاقتصادية والفنية
وفي ما يتعلق بقبول النهضة بقبول وزارات اقتصادية وفنية، رأى رئيس مجلس شورى الحركة أن "الملف السياسي أخذ حظه"، معتبراً أن الأولوية يجب أن تعطي للملف الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني. ولفت إلى أن الحركة قررت أن تواجه مشكلات الواقع وأن "تتجنب الخوض في الجدل الإيديولوجي أو التورط في الصراعات السياسية والبحث عن المواقع من أجل المواقع، ولهذا طالبنا بالوزارات التي تكون أكثر تفاعلاً مع المواطن والتي فيها قدرة على تغيير أوضاع البلاد بسرعة". وأشار إلى أن "قيمة المشاركة في الحكومة لا تقدر فقط بالجانب الكمي لعدد الوزارات وإنما تقدر خاصة بالجانب النوعي الذي يخول لحزب ما بأن يساهم من مواقع مهمة في تحقيق مكاسب ملموسة للبلاد".

أما عن تقييم تجربة النهضة في السلطة، فقال الهاروني، الذي سبق له أن تحمل حقيبة وزارة النقل، إن "تجربتنا في الحكم تؤكد أننا مؤهلون كي نحكم في أصعب الظروف، الكفاءات التي لدينا، والتي شاركت في مختلف فرص تخطيط اللجان وتقديم الفرص والمقترحات، كانت من أفضل الخبرات، وكذلك نحن من مرحلة إلى مرحلة تجدنا نتجه أكثر إلى الاختصاصات الأكثر صعوبة".
وعن مدى استعداد الحركة للدفاع عن إجراءات غير شعبية قد تتخذها حكومة الشاهد، اعتبر الهاروني أن "القرارات غير الشعبية هي تلك التي لا تخدم مصلحة الشعب، أما القرارات التي تحقق مصلحته، ربما ليس اليوم بل غداً، فهي قرارات شعبية". وأضاف "نحن سنتخذ القرارات التي نراها تخدم شعبنا، وأن تتم عبر التواصل والحوار للتوضيح والإقناع". ولفت إلى أن "المشكل يطرح في صورة صدور قرارات جائرة تطلب من فئة دون أخرى من الشعب أن تضحي". وأضاف "إذا وقعت ردود أفعال نتفاعل معها، احتجاجات في إطار سلمي، وهذا جزء من الديمقراطية، فنحن لا نخشى من هذا، والذين يريدون إرهابنا فهم لا يريدوننا أن نتخذ مثل هذه القرارات لأن الإصلاحات لا تتوافق ومصالحهم، ويريدون الإبقاء على الوضع الحالي". ولفت إلى أن "المهم أن يكون الإصلاح مدروساً وعادلاً ونتيجة حوار وتواصل مع الشعب". أما في حالة "المس بحقوق الشعب، فالنهضة تنحاز إلى الشعب".

التعاون مع المؤسسات الدولية مشروط
وعن مدى استعداد الحركة للتعاون أو الوقوف في وجه البنك الدولي، اعتبر الهاروني أن تونس دولة "ليست معزولة عن العالم"، وأن حركة النهضة ليست ضد التعامل مع هذه المؤسسات الدولية لكن بشرط ألا يكون ذلك "على حساب السيادة الوطنية، وأقرب إلى الإملاءات منه إلى التعاون الذي يكون فيه احترام لسيادة البلاد أو لتبادل المصالح". وأشار خصوصاً إلى "حاجة تونس لدعم العالم لها حتى تتمكن من إنجاح تجربتها التونسية سياسياً واقتصادياً".
أما ما تعهد به رئيس مجلس شورى النهضة فلخصه بأن "الحركة ستعمل على إنجاح مهمة الحكومة الجديدة، وستكون حريصة بالخصوص على أن تجنبها التورط والسقوط في أي شكل من أشكال الصراعات الإيديولوجية سواء داخل الحكومة أو خارجها".