الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا: "الدكتاتور الأخير" نحو الفوز

الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا: "الدكتاتور الأخير" نحو الفوز

10 أكتوبر 2015
لوكاشينكو يحكم بيلاروسيا منذ 1994 (Getty)
+ الخط -
يتجه "الديكتاتور الأخير في أوروبا"، كما يلقب الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو (61 عاماً)، إلى الفوز بولاية رئاسية جديدة، في الانتخابات التي تجري غداً الأحد، وهو الذي يتولى مهام منصبه منذ عام 1994.

ولإطلاق لقب الديكتاتور على لوكاشينكو أسباب، منها أن بيلاروسيا ما زال البلد الوحيد في القارة الأوروبية الذي يطبق عقوبة الإعدام، والأهم أن جهاز الأمن السوفييتي ذائع الصيت "كي جي بي" لا يزال قائماً فيها من دون تغيير اسمه حتى.

وعلى الرغم من أن لوكاشينكو، المدعوم من موسكو، واجه عقوبات غربية على مدى سنوات، إلا أنه استغل الأزمة الأوكرانية للتصالح مع الاتحاد الأوروبي، بل أصبح لاعباً دولياً مؤثراً، ومن مؤشرات ذلك استضافة مينسك لمحادثات السلام بين الحكومة الأوكرانية وممثلي منطقة دونباس الواقعة في شرق أوكرانيا والموالية لروسيا.

وأعاد الاتحاد الأوروبي النظر في علاقاته مع مينسك، بعدما نجح النظام البيلاروسي بالسيطرة على كامل أراضي البلاد ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين وتهريب المخدرات إلى بلدان الاتحاد.

ويتوجه الناخبون في بيلاروسيا إلى مكاتب الاقتراع، غداً الأحد، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي يخوضها أربعة مرشحين، وسط توقعات مؤكدة بفوز لوكاشينكو بولاية خامسة.

ويرى أليس ميخاليفيتش، المرشح في انتخابات الرئاسة في بيلاروسيا لعام 2010، أن نتيجة الانتخابات محسومة سلفاً.

ويقول ميخاليفيتش، في حديث لـ"العربي الجديد" من مينسك، إنه "بعد بدء الحرب في أوكرانيا، ازدادت شعبية لوكاشينكو، وسينتخبه العديد من البيلاورس خوفاً من وقوع حرب في بلادهم، وهم يدركون أن أي تغيير سيترتب عليه دخول القوات الروسية".

وعلى الرغم من أن بيلاروسيا شهدت احتجاجات بعد الانتخابات الرئاسية في عامي 2006 و2010، إلا أن ميخاليفيتش الذي سبق له أن اعتقل على خلفية مظاهرات 2010، يستبعد احتمال خروج أية تظاهرات كبرى هذه المرة، ويقول: "يخاف الناس من المشاركة في التظاهرات بسبب الحرب في أوكرانيا. أظهر النزاع في أوكرانيا أن الحرب قد تدور بالقرب من بيلاروسيا".

ومع ذلك، يرى المرشح السابق أنه حتى أثناء احتجاجات 2006 و2010، فإن الوضع في بيلاروسيا لم يكن ثورياً على غرار جورجيا وأوكرانيا. ويشير إلى أن "الفرق بين لوكاشينكو وغيره من الطغاة، أنه لم يكن يسرق، بل كان يستثمر كثيراً في مشاريع اجتماعية ومنشآت رياضية.. إلخ".

ويضيف المرشح الرئاسي السابق، أنه "في الفترة من عام 1996 وحتى عام 2010، كان مستوى المعيشة في بيلاروسيا يتحسن عاماً بعد عام، ولا يوجد تفاوت كبير بين الفقراء والأغنياء، ولذلك كانت الاحتجاجات ذات طابع أيديولوجي وسلمي".

ومن أسباب ما يطلق عليه الخطاب الرسمي في بيلاروسيا اسم "المعجزة الاقتصادية البيلاروسية"، الدعم الضخم الذي كان يحصل عليه لوكاشينكو من روسيا من خلال تسويقه مشاريع التكامل بين جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة.

يقول ميخاليفيتش إن "لوكاشينكو كان يشتري، مثلاً، النفط والغاز بأسعار السوق الداخلية في روسيا، ثم يبيع منتجات النفط لبلدان الاتحاد الأوروبي بأسعار عالمية، كما كانت المنتجات البيلاروسية تستفيد من تسهيلات وامتيازات مهمة في السوق الروسية". 

وفي ظل استمرار الدعم الروسي يبقى الأمل الوحيد للمعارضة البيلاروسية في حدوث تغييرات ديمقراطية في البلاد هو عدول روسيا عن دعم لوكاشينكو وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بسبب تدني أسعار النفط، مثلما تخلى الاتحاد السوفييتي عن النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية في نهايات الثمانينيات من القرن الماضي.

وفي هذا السياق، يقول ميخاليفيتش: "تكمن المشكلة في وجود روسيا المتسلطة شرقاً. آمل في حدوث تغيير ديمقراطي سريع في حال تخلي موسكو عن لوكاشينكو".

الجدير بالذكر أن لوكاشينكو انتخب كأول رئيس لبيلاروسيا المستقلة في عام 1994، وذلك بحصوله على 80.1% من أصوات الناخبين في الجولة الثانية. وكان من بين أسباب نجاح حملته الانتخابية تسويقه شعارات إعادة إحياء الاتحاد السوفييتي، بعدما شهدت الجمهوريات السوفييتية السابقة أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية بعد تفكك الاتحاد.

ومنذ توليه زمام الرئاسة، توجه لوكاشينكو نحو التقارب والتكامل الاقتصادي مع روسيا وبلدان رابطة الدولة المستقلة، وأجرى في عام 1995 استفتاء أسفر عن منح اللغة الروسية صفة اللغة الرسمية الثانية بعد اللغة البيلاروسية.

وبعد إعادة انتخابه في عام 2001، نظم لوكاشينكو استفتاء على تعديل الدستور أسفر عن إلغاء العدد الأقصى للولايات الرئاسية. وفاز لوكاشينكو بنسبة كبيرة في انتخابات 2006 و2010.

اقرأ أيضاً: قمة ثلاثية بدون بوتين في برلين بعد التصعيد بأوكرانيا