احتفاء إعلام السيسي باتهامات أبوالفتوح وصباحي يرجّح فرضية "المصيدة"

18 اغسطس 2016
أبوالفتوح أثناء الانتخابات الرئاسية في مايو 2012(جون مور/Getty)
+ الخط -
احتفت الصحف المصرية والبرامج التلفزيونية المقربة من السلطة بنبأ بدء التحقيق في البلاغ المقدم من أحد المحامين ضد المرشحين الرئاسيين السابقين، عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحي، لاتهامهما بالتخابر مع حزب الله وإيران، وحضورهما مؤتمر "دعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب" في لبنان، الشهر الماضي. ويرى مراقبون أن هذا البلاغ والانتقادات التي سبقته لأبوالفتوح وصباحي لحضورهما مؤتمراً نظمه حزب الله، المعادي استراتيجياً للنظام المصري، والذي تصفه أحكام قضائية في مصر بالإرهابي، كلها أمور تأتي كجزء من "مصيدة حكومية" نصبتها السلطات للرجلين، من أجل تحقيق عدد من المكاسب السياسية على حسابهما، وكذلك إزاحتهما من طريق عبدالفتاح السيسي، الذي يطمح إلى تمديد فترة رئاسته الحالية أو تجديد انتخابه لولاية ثانية.

ويؤكد أصحاب هذا الاتجاه أن "سلطات الأمن المصرية كان يمكنها منع أبوالفتوح وصباحي من المشاركة في ذلك المؤتمر بقرارات استثنائية أجرتها مع عدد من السياسيين المسافرين لحضور مؤتمرات مشابهة أخيراً، إلّا أن مشاركتهما فيه تكفل إيقاعهما في مأزق سياسي ربما يؤدي لخصومة دائمة (بينهما وبين) المملكة العربية السعودية باعتبارها الدولة الأكثر دعماً واهتماماً بمصر، وفي الوقت ذاته هي الدولة الأكثر خصومة مع إيران وحزب الله".

بمعنى آخر، لا ترحب السعودية بمشاركة أي من النشطاء السياسيين في مثل هذه المؤتمرات، لا سيما في ظل التعاون الوثيق بين حزب الله وإيران من جهة ونظام بشار الأسد في سورية من جهة أخرى. لذلك فإن مشاركة أبوالفتوح وصباحي قد تؤدي إلى قطع أي نوع من العلاقات والتنسيق المستقبلي مع السعودية، باعتبار أن الاثنين من أبرز الشخصيات على الساحة المصرية ضمن الأسماء المطروحة لخلافة السيسي.


وفي الوقت نفسه، فإن إعلان القضاء المصري بدء التحقيق في مثل هذا البلاغ سيجد صدى إيجابياً في الأوساط الدبلوماسية والسياسية السعودية، بغض النظر عن نتيجة التحقيقات. وتشير الصيغة، التي تم تعميم الخبر بها، إلى الحساسية التي يتعامل بها النظام المصري مع إيران وحزب الله، مع أن موقف السيسي تجاه الأسد لا يختلف كثيراً عن موقفهما.

كما أن مشاركة أبوالفتوح تحديداً في مؤتمر "دعم المقاومة"، أدى إلى ظهور تململ وغضب داخل حزبه، "مصر القوية"، الذي يعاني في الأصل من مشاكل في الاتصال والحراك السياسي بسبب التضييق الأمني والإعلامي عليه داخل مصر. تجدر الإشارة إلى أن نظام السيسي يعتبر هذا الحزب كأحد الأذرع السرية لجماعة الإخوان المسلمين، مع أن أبوالفتوح كان أحد رؤساء الأحزاب الذين شاركوا في اجتماعات التنسيق التالية لأحداث 30 يونيو/ حزيران 2013 مع السيسي والرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور.

وقد وجّه عدد من قيادات الحزب الشابة انتقادات لاذعة لمشاركة أبوالفتوح في ذلك المؤتمر، في ظل مساندة حزب الله وإيران لنظام الأسد. وهي الانتقادات التي تلقفتها أصوات إعلامية محسوبة على النظام، كالإعلامي أحمد موسى، لتشديد الخناق على أبوالفتوح والضرب على وتر ضرورة الانقلاب عليه من داخل حزبه، أو أن يترك قيادة الحزب لأشخاص أكثر شباباً.

أما صباحي، فقد جاء البلاغ ضده ليزيد الضغط عليه وإحراجه بعد تقديم بلاغات سابقة ضده حول اتهامات مماثلة، لا سيما بعدما أعلن عن مبادرة "البديل المدني" التي اعتبرتها الدائرة الاستخباراتية - الرقابية التابعة للسيسي خرقاً للخطوط الحمراء، التي رسمتها لتحركات صباحي وغيره من قيادات العمل "الناصري". وتقول مصادر سياسية قريبة من صباحي إنه "يتوقع أن يكون التحقيق في هذا البلاغ بداية حملة إعلامية ضده للهجوم والتضييق عليه". لكن في المقابل، ترى مصادر تنظيمية بحزب "مصر القوية" أن "البلاغ هزلي ولن يفضي إلى شيء، لكنه يعبّر عن رغبة السلطة في تشويه رموز المعارضة حتى إذا ابتعدوا أو أبعدوا عن الأضواء".

وسبق أن أدت مثل هذه البلاغات والدعاوى التي تبدو هزلية، والمقدمة من مواطنين مجهولين، إلى آثار قانونية خطيرة منذ 2013. فبناءً على بعضها صدرت أحكام التحفظ على أموال جماعة الإخوان وأعضائها، واعتبار حركة حماس وحركة "6 أبريل" وشباب الألتراس، منظمات إرهابية. كما جرت تحقيقات مع الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، وقضاة آخرين معروفين بمواقفهم من النظام.

المساهمون