سورية: هدنة حيّ برزة الدمشقي مهدّدة بالانهيار

سورية: هدنة حيّ برزة الدمشقي مهدّدة بالانهيار

23 ديسمبر 2014
يطالب النظام بتسليم عناصر الفصائل المعارضة أنفسهم(فرانس برس)
+ الخط -

يشهد حي برزة الدمشقي، المتربّع على كتف العاصمة السورية دمشق الشمالي الشرقي، توترات عديدة خلال الأيام الأخيرة، ما يهدّد بانهيار واحدة من أوائل الهدن التي عقدها النظام مع الفصائل المسلحة المعارضة منذ نحو سنة، جرّاء قيام القوات النظامية باعتقال عدد من نساء الحي، بحجة انتماء ذويهن إلى فصائل المعارضة المسلحة.

وفي سياق متصل، تقول الناشطة الإعلامية، يمنى الدمشقي، من حي برزة، لـ"العربي الجديد"، إنّه "كثرت أخيراً حالات الاعتقال على حواجز النظام للنساء والطالبات"، لافتة إلى أنّ "الهدف بثّ الذعر والخوف في نفوس عائلات الحي، التي امتنعت معظمها عن إرسال بناتها إلى المدارس".
ويطالب النظام، وفق الدمشقي، أن "يُسلّم بعض ذوي المعتقلات أنفسهم مقابل إطلاق المعتقلات"، مؤكّدة على أن "النظام يعمل على ترويع الأهالي وزيادة ترهيبهم وإفقادهم الأمان". وتوضح أنّ "هذه الأحداث تأتي في وقت يعيش فيه الناس أوضاعاً مأساويّة، فلا كهرباء ولا ماء ولا عمل، في حين تعتمد الكثير من العائلات على المساعدات بشكل أساسي، وتُعدّ فيه المدفأة اليوم رفاهية"، مشيرة إلى "تخوّف الناس اليوم من انهيار الهدنة، بعد أن أنهكت الحرب، عدا الحصار، الناس".

ولم يطبّق النظام، بحسب ما يفيد به الناشط الإعلامي عدنان الدمشقي، لـ "العربي الجديد"، حتى اليوم "أيّاً من بنود الهدنة، وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين، في حين يتواصل القنص على أهالي الحي". ويلفت إلى أنّ "الفصائل المعارضة أنذرت النظام من مسألة الاعتقالات، وطالبته بإطلاق سراح المعتقلات أخيراً، لكنّه لم يستجب إلى الآن لتلك الطلبات، ما يهدّد باندلاع صدامات في أيّ لحظة".

ويتمتّع حي برزة بموقع استراتيجي، لإشرافه على أوتوستراد دمشق حمص، وقربه من مشفى تشرين العسكري، وحي عشّ الورور، الذي يُعتبر من المناطق الموالية للنظام.
ويوضح مصدر معارض، لـ"العربي الجديد"، أنّه "قبل موجة الاعتقالات الأخيرة في برزة، كان النظام قد هدّد الفصائل المسيطرة على برزة، بإعادة حصارها، في حال لم يتمّ إغلاق نفق فتح أخيراً بين الغوطة الشرقية وبرزة"، مبيناً أن "موضوع النفق كشف إثر نشوب خلافات بين الفصائل المسلحة في الغوطة من جهة، والموجودة في برزة من جهة أخرى، حول إدارته".
ويلفت إلى أنّ "هذا النفق كان سيشكل الشريان الوحيد والأهم لإمداد الغوطة الشرقيّة بالمواد الغذائيّة والطبيّة، في ظلّ الحصار الخانق الذي يمارسه النظام عليها منذ عدة أسابيع، لولا تنافس الفصائل للسيطرة عليه".

وكان ناشطون معارضون تداولوا أخيراً بأنّ الخلافات التي نشبت بين الفصائل حول النفق، تسبّبت في كشف أمره للنظام، ما أجبر الفصائل في الغوطة على تفجيره من جهة الغوطة، علماً أنّ انجاز هذا النفق استغرق أشهراً عدّة، وعشرات ملايين الليرات، بحسب ناشطين. وباتت الأنفاق إحدى أهم أدوات المواجهات العسكريّة وإمداد المناطق المحاصرة، وغدا الإعلان عن تفجير أو اكتشاف نفق هنا أو هناك حدثاً عسكرياً ذا أهميّة. وتصبّ الصراعات الداخليّة بين فصائل المعارضة المسلحة في مختلف المناطق، وفق المصدر، في "مصلحة النظام بشكل كامل، وتُعدّ هذه الصراعات إحدى الأسباب الرئيسة لسلسلة الخسائر، التي تكبّدتها تلك الفصائل خلال الفترة الماضية وخصوصاً في الغوطة الشرقية"، معتبراً أنّ "أهداف الكثير من الفصائل تبدّلت من الصراع مع النظام إلى الصراع على السيطرة والظهور والمكتسبات المحلية".

ويعتبر النظام ملفّ المعتقلين، كما يتابع المصدر، "أحد أهم ملفات التسوية، لما له من بعد اجتماعي ضاغط، وقد يكون في مرحلة ما من أهم الملفات، لذلك يحتفظ اليوم بعشرات الآلاف من المعتقلين في سجونه، وآلاف الجثامين لمن سقطوا قتلى في المعتقلات". ويضيف: "سبق للنظام أن قال عبر مفاوضيه إنّ ملف المعتقلين ملف يشمل جميع المناطق وحلّه سيأتي ضمن حلّ الأزمة". وتفيد تقارير عدّة بأنّ "عشرات المعتقلين يموتون يومياً في مختلف معتقلات النظام، إثر تعرضهم للتعذيب ونتيجة قلّة الرعاية الصحيّة".

وكان النظام السوري عقد عدة هدن مع فصائل مسلّحة تسيطر على أحياء في العاصمة السورية ومناطق من ريفها، اقتصرت على وقف إطلاق النار مقابل إدخال المواد الغذائيّة والطبيّة في الحدود الدنيا، الأمر الذي تعتبره قوى سياسيّة معارضة، "هدن جوع" مهدّدة بالانهيار في أيّ وقت، ما قد يهدّد بنشوب مواجهات عسكريّة أكثر دمويةّ، في وقت يعيش فيه السوريون أزمة إنسانية تُعدّ الأسوأ منذ الحرب العالميّة الثانية.