إيران: هناك "انعطاف أميركي"...ونخوض مفاوضات "معقدة" حول الاتفاق النووي

إيران: هناك "انعطاف أميركي"... ونخوض مفاوضات "معقدة" حول الاتفاق النووي

31 اغسطس 2019
عراقجي: أميركا تواجه عزلة في سياستها تجاه الاتفاق النووي(الأناضول)
+ الخط -

في وقت لم يبق سوى أسبوع على مهلة الستين يوما الثانية، التي منحتها إيران للأطراف الأوروبية لتلبية مطالبها لكي تنفذ كامل تعهداتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق النووي، تعلن طهران أنها تخوض مفاوضات "صعبة ومعقدة" مع الفرنسيين، لكنها لم تصل إلى "نتيجة بعد"، مشيرة في الوقت عينه إلى "انعطاف أميركي" في تحقيق تلك المطالب، التي تلخص في عنوانين رئيسين، هما أن تتمكن إيران من بيع نفطها وتحصل على عوائدها.

قال ذلك، مساعد الشؤون السياسية للخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، اليوم السبت، في حوار مع إذاعة "معارف" الإيرانية، لافتا إلى أن بلاده واجهت على مدى أكثر من عام سياسة "الضغوط القصوى" الأميركية بـ"المقاومة القصوى" و"حشد أكبر للقدرات".

وفي السياق، أضاف عراقجي أن هذه "المقاومة أفشلت خططا أميركية لتشكيل إجماع عالمي وتحالف دولي ضد إيران"، مشيرا إلى ما جرى في مؤتمر وارسو المنعقد في فبراير/شباط الماضي في إسبانيا، ليعتبر ذلك محاولة أميركية "فاشلة" لتشكيل إجماع دولي في مواجهة طهران بعد "فشل ذلك في أروقة مجلس الأمن الدولي"، بحسب قوله.

عراقجي الذي قدم سردية لاستراتيجية الحكومة الإيرانية في مواجهة السياسات الأميركية بمناسبة أسبوع "الحكومة" في التقويم الإيراني، قال إن بلاده "منعت أميركا والكيان الصهيوني ودولا عربية من تحويل المشكلة معها إلى مشروع أمني"، معتبرا أن "أميركا تواجه عزلة في سياستها تجاه الاتفاق النووي وإيران"، متحججا في هذا الإطار بـ"خلافات بين أميركا وأوروبا وأميركا ودول أخرى في العالم في هذا الصدد".

انطلاقا من هذه القراءة، وفيما تعلن واشنطن أن ضغوطها على إيران "مثمرة"، رأى المسؤول الإيراني أن "ملامح فشل استراتيجية الضغط الأقصى الأميركية بدأت تظهر اليوم"، وللتدليل على ذلك، أشار عراقجي إلى المبادرة الفرنسية الأخيرة، من دون أن يكشف عنها، قائلا إنه "عندما ترضي أوروبا وفرنسا ترامب بمبادرتها الأخيرة بشكل أو آخر فذلك يعني أن استراتيجية الضغط الأقصى فشلت في تحقيق أهدافها".

وجدد عراقجي التأكيد على مطالب بلاده حول تنفيذ الاتفاق النووي، قائلا إنها "واضحة تتمثل بالتحديد في بيع النفط والقضايا المصرفية المرتبطة به"، في إشارة إلى الحصول على عوائد صادرات النفط، داعيا إلى تأمين هذه المطالب "لكي تعود إيران إلى تنفيذ الاتفاق النووي بالكامل ... ومن دون ذلك لا يمكن تنفيذ كامل تعهداتنا".

وفي هذا الصدد أشار إلى "جدية" إيران في تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات النووية بعد أسبوع من الآن.

وأوضح أنه خلال مشاورات بين إيران وفرنسا، واتصالات هاتفية متعددة بين الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تقدمت طهران بمقترحات حول مطلبها الرئيس المتمثل في بيع نفطها، قائلا "اقترحنا على أوروبا إما أن تشتري نفطنا أو أن تحصل على ترخيص من أميركا لشركاتها لتشتري النفط الإيراني، أو إذا عجزوا في ذلك أن تؤسس الدول الأوروبية خطا ائتمانيا لإيران بمقدار النفط الذي يجب أن نبيعه".

وأضاف عراقجي أن "السيد ماكرون أعد مقترحا في هذا الاتجاه، وأجرى لقاءات حوله مع (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب خلال قمة مجموعة السبع في فرنسا"، كاشفا أن الأخير أبدى "انعطافات لمنح تراخيص لبيع نفطنا"، معتبرا ذلك "شرخا في سياسة الضغط الأقصى الأميركية" تجاه إيران.

إلا أن التحرك الفرنسي لخفض التوتر بين طهران وواشطن من بوابة الحفاظ على الاتفاق النووي تنفذه إيران بالكامل، وفي المقابل تحصل على جزء من مكاسبها الاقتصادية منه "لم يثمر عن نتيجة بعد"، بحسب عراقجي، مشيرا إلى أن طهران "تخوض مفاوضات صعبة ومعقدة للوصول إلى حل محدد"، مهددا في الوقت ذاته بأنها ستنفذ المرحلة الثالثة من خفض تعهداتها النووية في السابع من أيلول/سبتمبر المقبل "ما لم تتمكن من بيع نفطها وتحصيل عوائده".

ويستبعد أن تفضي المباحثات بين إيران وفرنسا إلى نتيجة محددة خلال الفترة القليلة المتبقية من مهلة الستين يوما الثانية، التي ستنتهي في السابع من الشهر المقبل، ولذلك على الأغلب أن إيران ستنتقل إلى تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها، لكن يبقى السؤال المحوري عما إذا كانت خطواتها في هذه المرحلة ستكون "أقوى وأشد"، كما توعدت بذلك خلال الفترة الماضية أو أنها ستتخذ خطوات "هادئة" بالنظر إلى "التقدم" الذي يتحدث عنه مسؤولون إيرانيون آخرون في المباحثات مع فرنسا.

وفي الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/ أيار الماضي، أعلنت إيران قرارات "مرحلية" لتخفيض تعهداتها النووية، ونفذت إلى الآن مرحلتين منها، أوقفت فيهما تعهدات طاولت إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة وكذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، مع منح مهل مدة كل منها ستين يوماً.

وفي السابع من يوليو/تموز الماضي، وفيما أعلنت السلطات الإيرانية، تدشين المرحلة الثانية من وقف تعهدات نووية، بعد انتهاء مهلة الستين يوما الأولى، منحت مهلة ثانية بالمدة نفسها، تنتهي في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، لتبدأ في هذا اليوم المرحلة الثالثة، لكن مع الفارق، أنها لم تكشف عن الخطوات التي ستتخذها خلالها، لتبقيها رهن الغموض والتكهنات، وذلك على عكس السياسة الإعلامية التي تبعتها في إذاعة الخطوات التي تتضمنها المرحلتان الأولى والثانية، قبل تنفيذهما.

المساهمون