الحوار الأفغاني- الأفغاني وشيك: تشكيك وقلق

الحوار الأفغاني- الأفغاني وشيك: تشكيك وقلق

20 يونيو 2020
مخاوف من عودة التوتر بعد هجمات من جهات مجهولة(الأناضول)
+ الخط -


تقترب أفغانستان من مرحلة مهمة وحساسة ينتظرها الشعب منذ فترة طويلة، هي مرحلة الحوار المباشر بين حركة "طالبان" وحكومة الرئيس أشرف غني، بعد إزالة الكثير من العقبات التي كانت موجودة في طريقها، إذ تنازل الطرفان عن موقفيهما السابقين، فغني أعلن الإفراج عن ألفي أسير جدد لـ"طالبان" الأسبوع الماضي، بعد أن اكتملت عملية الإفراج عن ثلاثة آلاف سير سابقاً، ليصبح عدد المفرج عنهم خمسة آلاف، وهو ما تنص عليه اتفاقية الدوحة. كما أكدت الحركة أنه بعد إكمال عملية تبادل الأسرى يمكن انطلاق الحوار المباشر في غضون أسبوع، وهو ما يعني أنها قبلت أيضاً الحوار مع هيئة التفاوض الحكومية، بعدما رفضت ذلك سابقاً، واصفة إياها بغير الشاملة لجميع أطياف الشعب.

ويُتوقع أن تعلن الحكومة هذا الأسبوع ما وصفه الرئيس الأفغاني أشرف غني بخبر هام بشأن الحوار مع الحركة، وهو موعد انطلاق الحوار المباشر بين الطرفين في الدوحة. وبالتزامن مع ذلك، أكد المتحدث باسم مكتب مستشار الأمن القومي الأفغاني جاويد فيصل، أن الهيئة التقنية لـ"طالبان" المتواجدة في كابول، والتي أتت أصلاً من أجل التباحث حول عملية الأسرى، تناقش حالياً مع الوفد الحكومي انطلاق عملية الحوار المباشر بين الطرفين، وما ترتبط به من أمور.

ومن التطورات اللافتة أيضاً موقف الحكومة الأفغانية من تعامل باكستان مع القضية، تحديداً بعد زيارة قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوه في 12 يونيو/حزيران الحالي إلى كابول، برفقة رئيس الاستخبارات فيض حميد والمندوب الخاص إلى أفغانستان محمد صادق. وبحسب الرئاسة الأفغانية، فإن تلك الزيارة كانت تحمل رسالة مهمة بشأن المصالحة، بينما قال غني في كلمة له في معهد أتلانتك الأسبوع الماضي، إن كابول وإسلام آباد وواشنطن اتفقت على الخطوات المستقبلية حيال المصالحة الأفغانية، معتبرا ذلك إنجازاً.

ولكن على الرغم من هذا التقدّم الذي أحرزته عملية السلام الأفغانية بعد أن مرت بمراحل صعبة، تبقى المخاوف قائمة من مشاكل خلال الحوار المباشر بين الأطياف الأفغانية، لا سيما في ظل استمرار الغموض حول عدد من النقاط، منها على سبيل المثال موقف الطرفين من حكومة غني. وتؤكد الحكومة أن بقاء السلطة الحالية، التي أتت نتيجة قرار الشعب، خط أحمر لا مساومة عليه، وهي تتوقع أن تكون المصالحة مع "طالبان" كالمصالحة مع الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار، الذي دخل المسار السياسي وخاض الانتخابات وأصبح تياراً فاعلاً في النظام السياسي، من دون إجراء أي تغيير في الحكم آنذاك. وتعتقد الحكومة، وهو ما أشار إليه الرئيس الأفغاني الأسبوع الماضي، أن تغيير النظام واستقالته أمر غير وارد وغير مطروح على طاولة الحوار، مشدداً على أنه لن يكرر تجربة الرئيس الأسبق محمد نجيب الله، إذ بعد استقالته دخلت البلاد في أتون حرب أهلية.


في المقابل، قال قيادي مهم في "طالبان"، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه مع انطلاق الحوار المباشر بين الطرفين سيكون التركيز على ثلاث نقاط أساسية، هي: وقف إطلاق نار شامل، والتغيير الجذري وإعادة النظر في دستور البلاد، وتشكيل حكومة إسلامية شاملة لجميع أطياف الشعب، تحل محل حكومة غني، معتبراً أن الحكومة الحالية شكّلتها الولايات المتحدة لا الأفغان.
مطلب تشكيل حكومة جديدة يجمع قيادات الحركة وبعض السياسيين في كابول، إذ قال السياسي المعروف كريم خرم، الذي تولى مناصب مختلفة في عهد الرئيس السابق حامد كرزاي، إن تشكيل حكومة انتقالية من أجل الإشراف على سير المصالحة وتعيين مستقبل البلاد أمر أساسي لا بد منه.

وبالنظر إلى وجود الكثير من التعقيدات ثمة خشية لدى بعض الأفغان أنه في حال فشل الحوار ستدخل الحرب الأفغانية في منعطف خطير جداً وتأخذ طابعاً جديداً، ويكون للمفرج عنهم الخمسة آلاف من أسرى "طالبان" تأثير كبير، وهو ما أشار إليه المحلل السياسي، أحد العاملين سابقاً في المجلس الأعلى للمصالحة، نجيب ننجيال، الذي قال إن الحكومة الأفغانية قامت بأمر خطير بإطلاق سراح خمسة آلاف سجين من "طالبان" وهي لا تعرف إلى حد الآن مصير عملية الحوار المباشر، لأن جزءاً كبيراً من هؤلاء سوف يعودون إلى ميادين القتال في حال فشل هذه المرحلة المهمة.

إلى ذلك، شهدت أفغانستان في الأيام الماضية سلسلة هجمات من جهات مجهولة، مثل الهجوم التفجيري على مسجد وزير أكبر خان في قلب العاصمة كابول، ما أدى إلى مقتل العالم الشهير محمد أياز نيازي، تلاه هجوم مماثل على مسجد شير شاه سوري، ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص بينهم خطيب المسجد المولوي عزيز الله مفلح، وهو ما أثار مخاوف على مستقبل الأمن في أفغانستان حتى لو نجحت المصالحة مع "طالبان". وبينما تقول جهات حكومية إن الحركة نفذت تلك الهجمات وغيرها، تنفي "طالبان" مسؤوليتها وتتهم استخبارات البلاد بالوقوف وراء تلك العمليات لتصفية علماء الدين من أجل عرقلة عملية السلام.

ويبرز على الخط أيضاً التباين في تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين في واشنطن حول خروج القوات الأميركية من أفغانستان، إذ أكد قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، الأسبوع الماضي، أن هناك سيناريوهات مختلفة حول خروج القوات الأميركية يتم التباحث بشأنها ولا قرار نهائياً حتى الآن. وعلى العكس من ذلك يؤكد سياسيون أميركيون أن واشنطن ماضية في العمل بناء على اتفاق الدوحة وإخراج قواتها. ويربط مراقبون في أفغانستان ما سيجري بمستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ففي حال فشله بالفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ستتجدد التساؤلات حول مستقبل عملية السلام الأفغانية، لا سيما إذا كان العسكريون يعارضون خروج القوات، وذلك فيما يتهم البعض غني بتأجيل الحوار إلى ذلك الأمد. علماً أن "طالبان" ترى أن خروج القوات الأجنبية أساس لكل ما تحرزه عملية السلام من تقدم.