عراقيل عدة لإنشاء مصرف للفقراء في العراق

07 يونيو 2016
نقص السيولة المصرفية في العراق (Getty)
+ الخط -
فقراء أرض السواد، يبقون على حالهم دون تطور ملموس نتيجة تكاسل الحكومة العراقية في تقديم حلول ناجحة لمشاكلهم. يوجد عشرة ملايين مواطن تحت خط الفقر بسبب السياسات الاقتصادية والحروب التي خاضتها البلاد، إلى أن ظهرت بوادر أمل ضعيفة تساهم في تحسين واقعهم المعيشي والصحي والتعليمي، بعد الرغبة التي أبداها مجموعة من المصرفيين بإنشاء مصرف متخصص لدعمهم ومنحهم قروضاً لإنشاء مشاريع تنموية.
وتصدت رابطة المصارف الخاصة لمشروع إنشاء بنك يدعم الفقراء عبر منح قروض ميسرة لتخفيف نسبتي الفقر البالغة 30% والبطالة التي تبلغ أيضاً 30%، واللتين ارتفعتا بشكل كبير، خلال الفترة الحالية، نتيجة تعرض البلاد إلى صدمتين، الأولى انخفاض أسعار النفط والثانية الحرب على تنظيم "داعش".

مبادرات مصرفية
يقول المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة، علي طارق : "إن العراق يحتاج في الوقت الحالي إلى جهود كبيرة لإنقاذ الفقراء وتخفيف نسبة البطالة عبر إنشاء مصرف متخصص لهم يعطي قروضاً صغيرة ومتوسطة تساهم في عملية التنمية الاقتصادية".
ووفقاً لطارق، فإن رابطة المصارف الخاصة قدمت دراسة للبنك المركزي لإنشاء المصرف المتخصص الذي يشبه المصارف المتخصصة لدعم قطاعات الزراعة والصناعة والعقار، مشيراً إلى أن الدراسة تعتمد على تحويل الشركة العراقية لتمويل القروض الصغيرة والمتوسطة إلى مصرف يدعم الفقراء.
ويضيف طارق" سيكون رأس مال المصرف بحدود 50 مليار دينار (41.6 مليون دولار) وسيقوم المصرف تدريجياً بزيادة رأسماله، لأن هدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وليس المشاركة في مزاد العملة الذي ينظمه البنك المركزي يومياً".
ويؤكد طارق، أن انخفاض أسعار النفط وتغير مفاهيم السوق وتضخم عدد موظفي الدولة، جعل من الضروري التفكير بوسائل جديدة تقلل البطالة، وتخفف الفقر والضغط على الدولة وتخلق نشاطات اقتصادية حيوية مما يؤثر في تحسين مستوى دخل الفرد وبالتالي رفع مستوى الناتج القومي العام.

نجح القطاع الخاص في إطلاق مبادرات لدعم الفقراء بعد تأسيس شركتين لدعم المشاريع الصغيرة، "شركة الكفالات" و"الشركة العراقية لتمويل المشاريع" التي يبلغ رأس مالها 30 مليون دولار، وأعطت 4600 قرض خصصت لدعم الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها.
يقول الخبير المالي سمير النصيري : "إن أفضل وسيلة لدعم الفقراء، هي تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة"، مطالباً بإنشاء مصرف خاص لدعم الفقراء يدار بعقلية اقتصاد السوق ويخضع لمتابعة الرقابة المالية.

ويؤكد النصيري أن البنك المركزي طرح مبادرة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تخصيص مبلغ 1.5 تريليون دينار (أي ما يعادل 1.25 مليار دولار)، وهذا يساهم بشكل كبير في تحريك السوق ودعم الاقتصاد والموازنة، خصوصاً أن نسبتي البطالة والفقر مرتفعتان الآن، منوهاً بوجود توجه لتشكيل هيئة مستقلة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإصدار قوانين لتمويل هذه المشاريع، خاصة أن القروض التي يمنحها القطاع الخاص تتراوح بين 5 آلاف دولار و250 ألف دولار.

عراقيل عدة
يشكك بعض الاقتصاديين في نجاح فكرة التمويل الأصغر في العراق في هذه الأجواء، إذ تحتاج الفكرة إلى خدمات غير مالية تختص في التدريب والتعليم ومتابعة المشاريع. ويذكر الاقتصادي، محمد الجبوري، أن تجربة العراق غير ناجحة في منح قروض للفقراء، لأن أغلبها ذهبت إلى أشخاص أغنياء ولم تستفد منها الطبقة المعنية، مبيناً أن إنشاء مصرف متخصص لدعم الفقراء من الصعب تحقيقه على أرض الواقع، لأن الفقير لا يملك أرضاً أو سيارة يقدم أولياتها إلى المصرف لكي يمنحه المبلغ.
ويقول : "إن الطبقة الفقيرة العراقية تعاني، اليوم، من ضعف واضح في التعليم، فعندما تحصل على الأموال الخاصة، ستقوم باستثمارها في المكان غير الصحيح، مما يتطلب الأمر تدخلاً من المصرف في تدريبه ومتابعته"، موضحاً أن العراقيين عندما يحصلون على قروض فهي تذهب إلى أعمال تعاني من ركود كبير مثل شراء سيارة تاكسي أو فتح محل لبيع الحلويات وبالتالي سيضطر بعد فترة إلى بيع السيارة أو غلق المحل.
شكلت الحكومة العراقية في عام 2013، دائرة التشغيل والقروض التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية برأس مال بلغ 267 مليار دولار منحت 43079 قرضاً إلى العاطلين عن العمل، أي ما نسبته 0.43% من الفقراء، وهي نسبة ضعيفة جداً، لكن العديد من خبراء الاقتصاد أكدوا أنها منحت بشكل عشوائي وأصبحت عالة على الاقتصاد لعدم وجود دراسة صحيحة ولم تحقق الجدوى الاقتصادية منها.
ينتقد مدير مركز الإعلام الاقتصادي، ضرغام محمد علي، قروض وزارة العمل لتخفيف نسبتي الفقر والبطالة، مؤكداً أن قروض الحكومة لم تحل مشكلتي البطالة والفقر لأن حجم القروض محدود، ولا توجد دراسات جدوى حقيقية.
ويقول ضرغام محمد علي لـ "العربي الجديد" : "إن ضعف قيمة القرض تجعل أكثر المستفيدين يواجهون مشاكل كثيرة"، ولذا وفق علي، يجب على المعنيين تركيز العمل لتمويل مشاريع مقترحة بشكل مباشر، وذلك من خلال شراء معدات ودفع إيجار بدلاً من اللجوء إلى القروض.