الفيل الأزرق.. تحليق بين الرواية والشاشة

الفيل الأزرق.. تحليق بين الرواية والشاشة

04 أكتوبر 2014
الصاوي وعبد العزيز في لقطة من الفيلم
+ الخط -

الفارق بين الفيلم الجيّد والذي يحاول أن يكون جيّداً هو رؤية مخرجه: ما الذي يريد أن يقدمه؟ ما الذي يقدمه، ليس من باب "الدروس المستفادة من الفيلم" كما اعتدنا في المقابلات الصحافية الركيكة مع مخرجين يحاولون إلصاق دروس أخلاقية بشريطهم السينمائي، لكن من باب "سردية الصورة" وقدرتها على بناء عالمها ومنطقها الخاص.

قد يتوّهم بعضهم أنّ عناصر الإحكام لا يجب أن تتوافر في الأفلام واسعة الشعبية، ذات الإيرادات العالية، خصوصاً أفلام الإثارة، لأنها تقدّم نوعاً من ترفيه سهل لا يشترط إلا القدرة على جذب انتباه مشاهده وحبس أنفاسه وتوفير مفاجآته إلى لحظاته الأخيرة. لكن حتى مع هذه النوعية من الأفلام، لا يمكن تنحية رؤية المخرج وبنيته السردية وعناصره الجمالية.

في حالة الانتعاش السينمائي الذي تعيشه مصر في أيام الموسم الصيفي هذا، بعد جدبٍ طال ثلاث سنوات، ثمة فيلمان يتصدران شباك التذاكر: "الحرب العالمية الثالثة" الكوميدي، و"الفيل الأزرق" الذي ينتمي إلى نوعية أفلام الإثارة.

"الفيل الأزرق" مأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب أحمد مراد. الجدل الذي أثير حول الرواية الواصلة إلى القائمة القصير لجائزة البوكر، والتي احتلت مكاناً في قائمة الأكثر مبيعاً، عاد مرّةً ثانيةً مع الفيلم، الذي كتب السيناريو الخاص به مراد نفسه، وأخرجه مروان حامد، وقام بأدواره كل من كريم عبد العزيز وخالد الصاوي ونيلي كريم.

حمل الفيلم الكثير من مشاكل الرواية، إضافة إلى مشكلاتٍ تخصّ الصورة السينمائية. فالفيلم ـ ومن قبله الرواية ـ يبدو كولاجاً من العديد من أفلام الرعب والإثارة الأميركية. كل لقطة تحمل في طياتها استدعاءً لمشهدٍ من فيلم ما. وبغضّ النظر عن الاتهامات الصريحة بأن الرواية "مقتبسة" من فيلم The tattooist، وهو فيلم رعبٍ من الدرجة الثانية، فإن الشريط المصري بتوقيع مروان حامد يحمل السمات الأميركية الخالصة لفيلم الإثارة.

ما الذي أنجح الفيلم وجعله يتصدّر إيرادات الصيف؟ لا يمكن فهم نجاح "الفيل الأزرق" من دون قراءة سياقه. وبالنظر إلى السكون السينمائي وسيطرة "الأفلام السُبكية" على مقاليد الأمور السينمائية لسنينٍ، بأفلامٍ تحمل طابعاً كوميدياً ببطولاتٍ جماعيةٍ وقصصٍ مهلهلة، و"إفيهات" مستهلكةٍ مكررةٍ؛ جاء "الفيل الأزرق" ليلبي رغبةً ملحةً في التغيير. كذلك لا يمكن إغفال قدرة حامد على استخدام تقنيات متطورة تجعل الصورة أقرب ما تكون إلى تلك الأميركية، لناحية الإحكام.

غير أن ذلك "الملك الأعور" وسط العميان، لا يحمل مقومات الجودة الكافية. الفيلم الذي يقترب من الثلاث ساعات، كان في كثيرٍ من لحظات ذروته بطيئاً. الإفراط في استخدام الحركة البطيئة من قبل حامد بدا كأنّه لعبة استحسنها المخرج دونما توظيف في بنيته السردية. كذلك، فإن الأحداث التي جرى اقتباسها "واختزالها" من الرواية بدت مقتطعة من سياقها، ليبدو خط العمل السردي غير منطقيٍّ في كثيرٍ من مناطقه.

دلالات

المساهمون