مجموعة "بليكينغ": ما نهبه الشمال من الجنوب

مجموعة "بليكينغ": ما نهبه الشمال من الجنوب

04 اغسطس 2014
أحد أعضاء مجموعة "بليكينغ" أثناء توقيفه
+ الخط -
صدرت حديثاً النسخة الإنجليزية من الكتاب الذي وضعه اليساري النمساوي غابرييل كون عن ماركسيي الدنمارك الذين سطوا على البنوك لمصلحة حركات التحرر ومن بينها المقاومة الفلسطينية، والذين عُرفوا باسم مجموعة "بليكينغسغاذه" (شارع بليكينغ).

في هذا الكتاب الذي يحمل عنوان "تحويل المال إلى ثورة" (PM Press)، نطّلع على الحوارات التي أجراها مؤلف الكتاب مع اثنين من مجموعة "بليكينغ" التي ارتبطت، قبل انكشافها أواخر الثمانينات، باليسار الفلسطيني، وتحديداً بـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

أعضاء هذه المجموعة ليسو "عصابة سطو على البنوك"، بل أشخاص آمنوا بقضية الشعب الفلسطيني، وهذا ما يفسّر قول مسؤول التحقيق في عملياتهم يورن مووس: "أنا متأكد من أنهم لم يحصلوا على قرش واحد لأنفسهم". ومع ذلك، أدينت مجموعة "بليكينغ" (7 أشخاص) في العام 1989 بتهمة السطو على البنوك بهدف جمع الأموال لحركات التحرر في بلدان العالم الثالث، بما فيها اليسار الثوري الفلسطيني.

في العملية الأخيرة التي نفّذتها هذه المجموعة في مكتب البريد بأحد شوارع كوبنهاغن، تشرين ثاني/ نوفمبر 1988، واستولت على 14 مليون كرونة، قُتل ضابط الشرطة ياسبر ايغتفيد هانسن. لكن يجب انتظار نيسان/ أبريل 1989 كي توقف الاستخبارات الدنماركية أربعة من أعضاء المجموعة. أما اكتشاف الشقة التي كانت المجموعة تختبئ فيها، وتقع في شارع "بليكينغ"، حيث وجدت المخابرات أسلحة مختلفة ووثائق عن عمليات سابقة، فسببه حادث سير لأحد أعضائها كارستن نيلسن.

بحسب ما ذكره عميل الموساد السابق فيكتور أوستروفسكي في كتابه "عن طريق الخداع"، الموساد هو من دبّر حادثة السيارة ودس ما يسمى "الملف Z" في القضية الذي يتعلّق بـ 500 شخصية "من أصول صهيونية يهودية"، وبشركات صناعة الأسلحة الدنماركية التي كانت تتعاون مع إسرائيل وتملك جزءاً من أسهمها "شخصيات ذات مصالح إسرائيلية"؛ شركات تزوّد طرفي حرب الخليج بين العراق وإيران بالسلاح.

محاكمة المجموعة شملت لاحقاً مارك رودين (المعروف فلسطينياً باسم الياس جهاد منصور) الذي اعتُقل في تركيا ولم يُحكَم عليه بجرم القتل، كما طالب الادعاء، بل بالسرقة. في العامين 1995 و1997 أُطلِق سراح يان فايمان وتوكِل لاوسين بشروط بعد تمضيتهما ثماني سنوات في السجن، بينما سُلِّم مارك رودين إلى سويسرا حيث ما يزال معتقلاً.

لم يشِ أيٌّ من أعضاء مجموعة "بليكينغ" برفاقه ولا حتى بمن أطلق النار من بندقية صيد.

سبق أن وضع الصحافي الدنماركي بيتر كنودسن كتاب عن قضية "بليكينغ" باللغة الدنماركية، من خلال الاطّلاع على ملفات الشرطة. لكن كتاب غابرييل كون يقدّم قراءة ومطالعة أخرى، من منظور ماركسي، لأنشطة المجموعة اليسارية، ويكشف عن نصوص خاصة لم تُنشَر من قبل.

 وفعلاً نقرأ في هذا الكتاب الذي يقع في 240 صفحة، وثائق قديمة صادرة عن "حزب   العمال الشيوعي الدنماركي" و"دائرة العمل الشيوعي"؛ وثائق شكّلت تمهيداً للفصول الأخرى المرصودة لما رواه عضوا مجموعة بليكينغ". إضافة إلى ذلك، يتناول المؤلف بعض الحركات الماركسية اللينينية في الغرب وعلاقاتها البينية، كحركة "كاك" (بيئة العمل الشيوعي) و"إم كي إيه"، إضافة إلى تاريخ تأسيس "تريكونت"، وهو مُختصَر لأسماء الحركات المعادية للإمبريالية في ثلاث قارات، آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، اعتمدته هذه الحركات بعد اجتماع لها في هافانا عام 1966.

يتصدّر الكتاب مقدمة بقلم العضو السابق في مجموعة ألمانية كانت تدعى "حركة الثاني من يونيو"، كلاوس فايهمان الذي اعتُقل عام 1978 وحُكِم عليه بالسجن 15 سنة.

يقول فايهمان في نصّه إن التضامن العالمي مع المحتاجين والمضطهدين كان مركزياً بالنسبة إلى مجموعة "بليكينغ". ومن هذا المنطلق، نشطت لسنوات في جمع المال، الكثير من المال، من خلال أعمال السطو في مدن الشمال، بهدف إرساله إلى مناطق الجنوب. عمليات كانت تستهدف الاثرياء، لكن بشكلٍ خاص البنوك الفخمة والثروات الهائلة للرأسماليين.

ويضيف فايهمان: "هي مجموعة ولدت من رحم أواخر الستينات، أعضاؤها كانوا ماركسيين لينينيين، لكن من نوعٍ خاص. كان يهمهم دعم حركات التحرر الوطني ومخيمات اللاجئين. لمدة عشرين عاماً تميّز دعمهم ببلوغه معظم أرجاء المعمورة، من فيتنام إلى فلسطين مروراً بجنوب إفريقيا وزمبابوي وتشيلي والبرتغال وإسبانيا ونيكاراغوا... وقد كانوا أكثر التزاماً وحزماً ممن اعتبروا أنفسهم بروليتاريا قبل ان ينتقلوا في السبعينات إلى الطبقة الوسطى".

المساهمون