إخوة فواز حداد

23 سبتمبر 2014
عمل لـ نذير إسماعيل/ سوريا
+ الخط -

غالباً ما يجد الروائي نفسه متجولاً في عباءة مهرّب متمرّس. الحرفة القديمة التي لا يُعرف لها نطاق اختصاص سلعيّ محدّد، هي صنو الكتابة الروائية. وعندما يمسي "التاريخ" بألف ولام العهد "بضاعة" ممنوعة، لا تلبث أصابع الروائي أن تجد نفسها مشغولة بحياكة "ما جرى وكان" بخيوط ظاهرها الفنتازي المتخيّل، فيما بطانتها ملتصقة ببدن لابسها كجلده "الواقعي"، أو هي جلده.

يعتمر فواز حداد في "السوريون الأعداء" قلنسوة الروائي المؤرخ، ليسرد علينا حكاية ما قبل "اليقظة"، كي لا تفوتنا ثانية أشباح كابوس دهمنا في سباتنا الفائت، فننجرّ، ونحن ننزع بالدم العمشَ عن عيوننا المفتوحة من جديد، إلى ظلمة كهفنا الأول.

فساعة صفر "الحركة التصحيحية"، لا تقررها الأوضاع المعيشية المتردية للشعب، ولا "الرؤيوية" النافذة لضباطها الانتهازيين؛ بل الوشايات وطول سوط القبضة العسكرية العمياء.

من فوتوغرافيات الأبيض والأسود في مقتلة "الإخوان" والكثير ممن شُبّه له أنّهم منهم، إلى الفساد المتلوّن بأصباغ التطوير والتحديث. وبينهما سرمد من رمادي "الاستقرار" و"الأمان".


كيف تُمسخ لفظة "الثورة" إلى سلسلة حروف يطلقها زفير آسن، وكيف يُعيّن أبناء "الشهداء" بمرسوم وزاري، فيما آباؤهم أحياء يرتعدون.

يحتاج السوريون اليوم لمن يذكّرهم بعداوات ذاتِ بينهم العتيقة، علّهم يكتشفون أنّهم قضوا وطرهم من الحقد والضغينة، فينصرفون إلى التغيير الفعلي "التاريخي" بما هو نقيض، ونقض، لهذا الإرث العطن.

ستمنع الجمارك السورية تهريب "المهرّب" في رواية حدّاد، وسيقاوم النظام محاولة تلاوة تاريخه الذي تفنن في شعوذة تزييفه. لكنّ الضوء المسلّط في هذا العمل على ما مضى، ليس سوى ترنيمة على طريق الجلجلة. وخيراً نفعل بإضاءة شموع للنفق القادم. فخيار النكوص لا صحائف له في قرطاس التاريخ، ولا روايات.

المساهمون