"طعم الإسمنت" بيروت الواقعية وسورية الافتراضية

"طعم الإسمنت" بيروت الواقعية وسورية الافتراضية

10 يونيو 2019
(مشهد من الفيلم)
+ الخط -

يقيم "معهد الازدهار العالمي" في لندن عند الثامنة والنصف من مساء اليوم عرضاً لفيلم "طعم الإسمنت" للمخرج السوري كلثوم زيادة، يليه نقاش مفتوح مع المخرج.

جرى تصوير الفيلم في موقع بناء لأحد الأبراج في بيروت عام 2017، حيث عمّال الباتون والمعمرجية، بالدارجة اللبنانية كلّهم من السوريين.

يبدأ الفيلم بإهداء "إلى كلّ العمال في المهجر"، لأن هذه الظروف التي يعمل بها هؤلاء الرجال الشباب منهم والشائبين هي ظروف عمّال البناء في معظم بلدان العالم، حين يكونون مهاجرين بلا حقوق تحميهم.

الفيلم يتناول أيضاً كيف يبني هؤلاء العمال علاقة بالمكان الذي يعملون فيه، بل أنهم محبوسين فيه بعد السابعة مساء، فوفقاً لإعلان العرض اليوم لا يسمح لهم بالتجوّل الليلي كونهم لاجئين سوريين، فيصبح هذا المكان موقع العمل والكد صباحاً وموقع النوم ليلاً.

من جهة أخرى، يقدّم الفيلم مفارقة الإعمار في بيروت مع التدمير في دمشق، ويظهر علاقة العمال بالوطن الأم المشتغل بالحرب الدامية، من خلال الموبايل والتابليت، فقد أصبحت سورية بالنسبة إليهم فيديوهات تعرض على فيسبوك ويوتيوب، وأصبحت العلاقة مع العائلة ومن بقي في سورية من خلال وسائط التواصل الاجتماعي.

هكذا يصبح الوطن افتراضياً، ومكان اللجوء له مذاق الإسمنت الذي أصبح يشكّل مذاق حياة هؤلاء العمال كلها، في حالة تراجيدية من الحرمان من العيش والألم والقلق والتوق إلى الماضي وانتظار الخلاص.

كما يُظهر الفيلم عبثية فكرة الهروب من الموت في الحرب، إلى العمل في ظروف تضع العامل على حافة الموت بإجراءات حماية تافهة، فنراه يقف على حافة حديدة أعلى هيكل البرج الذي يرتفع، مهدد بالسقوط في أي لحظة، ومن مفارقات الفيلم أن يتحدّث الصوت السارد (العامل) عن طعم إسمنت بيته حين انهدم فوقه، ذلك الطعم نفسه طعم الهدم والبناء.

يصف بيان العرض الليل العمل بأنه "زوايا الكاميرا، والتحرير غير التقليدي للصور وتحوّلات السرد التي تشبه الحلم هي علامات على ظهور سينمائي جريء ومبدع وصاحب رؤية مغايرة وصعبة".

المساهمون