تهريب سيارات على ظهور الجمال

تهريب سيارات على ظهور الجمال

12 ديسمبر 2015
ينشط تهريب قطع غيار السيارات (فرانس برس)
+ الخط -
يصل طول الحدود بين باكستان وأفغانستان إلى نحو 2500 كيلومتر. تتعدد تحدياتها للبلدين، خصوصاً مع صعوبة إغلاقها وفشل العديد من المحاولات السابقة، نظراً للتداخل القبلي بين الطرفين. فقبائل البشتون تقيم على طرفي الحدود، وهي معروفة بالتماسك الداخلي، فلا تسمح حتى للدول بالفصل بين عشائرها المختلفة.

وعدا عن المشاكل الأمنية الناشئة عن الحدود المفتوحة، يواجه البلدان مشكلة اجتماعية - اقتصادية تتعلق بالتجارة غير الشرعية.

يقول محمد س. وهو أحد مهربي قطع غيار السيارات من أفغانستان إلى باكستان، لـ"العربي الجديد"، إنّ آلاف الأفغان والباكستانيين يشتغلون في هذه المهنة، ويهرّبون القطع إلى مختلف المدن الباكستانية. ويؤكد أنّ ذلك يجري "تحت أنظار المسؤولين".

يشير الرجل إلى وجود سوق خاص في بيشاور، عاصمة إقليم خيبر بختونخوا، شمال غرب باكستان، لقطع غيار السيارات. وهو سوق متدني الأسعار يزوره التجار والمواطنون من جميع أنحاء باكستان. ويفضّل هؤلاء بضائعه ذات الأسعار المنخفضة التي لم تسجل عليها ضرائب.

عملية تهريب قطع غيار السيارات عملية ممنهجة تجري بحماية المسؤولين على الحدود بين الدولتين، بحسب أحد المهربين، ويدعى سفير خ. يقول: "العملية لا تجري فقط من طرق ومنافذ غير معتادة، إنما عبر الممرات الشهيرة بين الدولتين وتحت حماية المسؤولين". يشرح: "بعد صلاة المغرب عندما يغلق الطريق في وجه عامة الناس في ممر طورخم، يُفتح أمام المهربين فقط. ويكسب المسؤولون على الباب آلاف الدولارات في يوم واحد".

كذلك، يجري تهريب سيارات كاملة بطرق عجيبة أحياناً. يقول خان: "هناك طرقات ومنافذ لا يعرفها إلا سكان جانبي الحدود، يجري عبرها تهريب السيارات على ظهور الجمال". يوضح أنّ المهربين يخرجون جميع محتويات السيارة ويرسلونها عن طريق المهربين ثم ينقلون هياكل السيارات إلى باكستان فوق ظهور الجمال. تستخدم هذه السيارات في المناطق القبلية من دون حاجة إلى أيّ أوراق قانونية. أما سعرها فأقل من ربع أسعار السيارات في باكستان، خصوصاً أنّها تأتي من دون ضرائب.

وهنالك أيضاً تجارة غير شرعية لمختلف الأدوات الكهربائية، وأدوات النظافة الشخصية، والأدوية الممنوعة في باكستان. بالنسبة للأخيرة فإنّها تباع في العديد من أسواق بيشاور، كسوق سبين جومات، وبورد بازار. ومن بينها أدوية هندية تمنع الحكومة الباكستانية بيعها واستخدامها في البلاد. وكحال قطع السيارات، فإنّ تهريب هذه الأدوية وبيعها تعلم به الحكومة.

لا يقف الأمر عند حدود البضائع والأدوية وغيرها، بل يمتد إلى استخدام العصابات الإجرامية الحدود. ومن ذلك نقل المختطفين من أفغانستان إلى باكستان، حيث يجري التفاوض على إطلاق سراح المخطوفين مقابل الفدى المالية في العديد من المدن الباكستانية. وكانت الاستخبارات الأفغانية قد اعتقلت أخيراً عدداً من الخاطفين كانوا ينقلون الرهائن من أفغانستان إلى باكستان من أجل الحصول على المال. كما أعلنت الاستخبارات في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن اعتقال شخصين خطفا امرأة وابنها. قتلا الابن وكانا ينويان بيع المرأة في سوق للدعارة في إقليم البنجاب الباكستاني. وقد اتفق الخاطفان مع عصابة في البنجاب على ذلك. لكنّ الاستخبارات شنت عملية نوعية على المنزل الذي كانا يحتجزان فيه المرأة في مدينة جلال آباد واعتقلتهما.

يروي اللاجئ الأفغاني في باكستان فيصل شاه، لـ"العربي الجديد"، قصة خطف أحد أقاربه من أفغانستان ونقله إلى باكستان عبر طريق غير شرعي. ويقول إنّ والد المخطوف، الذي يبلغ 13 عاماً، تفاوض مع الخاطفين ودفع فدية ثلاثة ملايين روبية باكستانية (30 ألف دولار) لتحرير ابنه.

في الجهة الأخرى من الحدود، يؤكد الأطباء والخبراء في أفغانستان أنّ من بين الأدوية التي تستورد إلى أفغانستان من باكستان عبر طرقات غير شرعية ما يضر بصحة الإنسان، خصوصاً أنّها تصنع في بيوت، لا في مختبرات ومصانع. وكان وزير الصحة الأفغاني فيروز الدين فيروز، قد ذكر أنّ 40 في المائة من الأدوية المستوردة إلى أفغانستان تأتي من خلال طرقات غير شرعية، وبعضها غير صالح للاستخدام.

يرى المراقبون أنّ المسؤولين على طرفي الحدود والعصابات التي تستولي عليها، بما فيها مافيا المخدرات، لا تريد سيطرة القانون هناك، لأنّ الوضع الحالي يدرّ عليهم مئات آلاف الدولارات شهرياً. وهو ما يبرر دفع مبالغ ضخمة لكبار المسؤولين من أجل الحصول على وظيفة حكومية على الحدود تغني صاحبها لاحقاً.

اقرأ أيضاً: لا للأدوية الباكستانيّة في أفغانستان