النقاب الفيسبوكي

النقاب الفيسبوكي

14 يوليو 2017
تظاهرة داعمة للنساء (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
أثارت إحدى فتاوى الشيخ سامي خضرا في مطلع هذا الأسبوع، الجدل الحاد على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، وانتشرت إلى العديد من البلدان العربية الأخرى. بالمختصر طلب الشيخ خضرا من النساء استبدال صورتهن على فيسبوك بصورة أخرى، مقدماً لهن خيارات مثل "شجرة، طبيعة، طفل، آية قرآنية، إلخ". حجة الشيخ أن النساء لا يجب أن يشاركن صورة شخصية لهن، لما قد يكون فيها من إثارة للرجال. الاستنفار الفيسبوكي بلغ مداه، متخذاً منحى هزلياً كاريكاتورياً من هذه الفتوى ومن أفكار الشيخ. لكن فتاوى هذا الشيخ لا يمكن تجزئتها أو عزلها عن السياق الثقافي والسياسي والطائفي التابع له. تأتي هذه الفتوى في السياق الطبيعي لجملة القناعات والممارسات لهذه الفئة بحق النساء ومعهن.

من يتابع صفحة الشيخ خضرا على مواقع التواصل الاجتماعي، يجد أنه قد كرّس نفسه لترويج فتاوى دينية في العديد من المجالات، ولعل أبرزها ما يخص النساء. لا نتوقع أن تكون نظرة الشيخ إلى النساء نظرة تقدمية، تراعي الخصوصية الفردية، لكن أن يصل إلى حد تحجيب النساء أو فرض النقاب الفيسبوكي عليهن، فذلك يصل إلى حد بعيد من الأبوية الذكورية الفجة.
ينتمي خضرا إلى جماعة حزب الله، التي لطالما كانت مواقفها وممارساتها رجعية بحق النساء.

منذ بضعة أشهر، خرج عن مرجعية هذا الحزب إعلان ديني يشجّع زواج القاصرات وتزويجهن المبكر. سيقت الكثير من التأويلات والتبريرات التي سعت (فاشلةً) لتجميل مثل هذا الإعلان أو الدعوة لتزويج القاصرات. لكن كل هذه التبريرات كانت أقبح من الدعوة نفسها. بات ملموساً وبشكل فعلي ارتفاع نسبة تزويج الفتيات في العديد من المناطق اللبنانية التابعة للسلطة الدينية (والسياسية) لهذه المجموعة مقارنة بالسنوات السابقة. النساء في حسابات هذه المجموعة الدينية هن أدوات تتم برمجتها للزواج والأمومة والاختفاء عن الأعين ضمن جدران المنزل أو خلف صور طبيعية على مواقع التواصل الاجتماعي.

يُعلن حزب الله أن أولويته محاربة "داعش" في سورية، ويشير في أكثر من خطاب إلى ضرورة محاربتهم في عقر دارهم. "داعش" ليس فقط جماعة من الأشخاص بقدر ما هو نهج فكري وعقائدي. وإذا أراد الحزب فعلياً أن يحارب "داعش"، عليه أن يعيد التفكير بنظرته للنساء وحقوقهن.

(ناشطة نسوية)

المساهمون