"بازار" الدروس الخصوصية في مصر

24 مايو 2018
لا يحتاج إلى مدرّس خصوصي (ريتشارد بايكر/ Getty)
+ الخط -


اشتعلت أسعار الدروس الخصوصيّة للثانوية العامة في محافظات مصر، قبل الثالث من يونيو/حزيران المقبل، موعد الامتحانات، لتصل إلى ما بين 100 و200 جنيه (نحو 11 دولاراً) للمادة الواحدة. وحدد مدرسون آخرون تعرفة المراجعة النهائية للمادة بـ 300 جنيه (16.7 دولاراً) في المنازل، إضافة إلى المبلغ نفسه لشراء مذكرة المراجعة. تزداد الأسعار في الأحياء الراقية، ما يعد استغلالاً علنياً واستنزافاً لأولياء الأمور، في ظل غياب الرقابة الحكومية على الدروس الخصوصية، التي أصبحت ظاهرة خطيرة في كافة مدن وقرى مصر.

وتشهد عدد من مراكز الدروس الخصوصية في المحافظات، خلال تلك الأيام، ازدحاماً شديداً من تلاميذ الثانوية العامة كونها أقل سعراً، وتصل مراجعة المادة الواحدة إلى ما بين 100 (نحو 5.6 دولارات) و150 جنيهاً (نحو 8.3 دولارات) في الساعة الواحدة. وبدأت تلك المراكز في توزيع إعلانات المراجعات النهائية على التلاميذ، من خلال الدعاية الإعلانية لهم في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وأمام محطات مترو الأنفاق والمساجد والمدارس، في محاولة لجذب أكبر عدد من التلاميذ، وسط شكاوى أولياء الأمور من أسعار تلك المراجعات النهائية نتيجة الظروف الاقتصادية للكثير منهم وحلول شهر رمضان. في المقابل، برّر المدرسون ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع تكاليف استئجار الشقق، وارتفاع تكاليف الأوراق والطباعة.

الجديد هذا العام في ما يتعلّق بالدروس الخصوصية في مصر، قبل امتحانات الثانوية العامة بأيام، هو استئجار قاعة الأفراح في الأيام التي لا تُقام فيها حفلات زفاف، وتحويلها إلى مقار للدروس الخصوصية، يشرف عليها عدد من المدرسين نتيجة اتساع مساحة تلك القاعات، بما يسمح بوجود عدد كبير من التلاميذ (أكثر من 200 في الحصة الواحدة)، واستقطاب عدد من المدرسين "ممن يتمتعون بسمعة طيبة" في عدد من المواد لإجراء مراجعات للتلاميذ. وهذا الأمر يؤدي إلى ازدحام كبير لحجز مواعيد المراجعة.




وتسببت أسعار ماراثون المراجعات النهائية لامتحانات الثانوية العامة، سواء في مراكز الدروس أو في الشقق السكنية، في استنزاف الأسر المصرية. وتبدأ المراجعات من الصباح وتمتد حتى موعد السحور، ووصل سعر حصة المراجعة الواحدة لمادة اللغة العربية إلى 150 جنيهاً، وحصة اللغة الإنكليزية إلى 180 جنيهاً، والفيزياء إلى 400 جنيه، والأحياء 250 جنيهاً، والكيمياء 250 جنيهاً، والجيولوجيا 150 جنيهاً، ومتفرعات الرياضيات إلى 150 جنيهاً، وغيرها من مواد القسم الأدبي.

"العربي الجديد" التقت عدداً من التلاميذ وأولياء الأمور. ويؤكّد التلميذ في الصف الثالث علمي، عمرو محمد، أنّ "أسعار المراجعات النهائية والملازم المصاحبة لكل مادة أصبحت ناراً، وزادت أضعاف ما كانت عليه في بداية العام الدراسي". ويشير إلى أن تلاميذ الثانوية العامة في مصر بدأوا الدروس من شهر يوليو/تموز الماضي، أي قبل بدء العام الدراسي بثلاثة أشهر.

ويقول تلميذ الصف الثانوي علمي، مصطفى سليمان، إنّ حصص المراجعات تزداد خلال تلك الفترة، علماً أن التلميذ كان يأخذ حصة في الأسبوع. اليوم يحتاج التلاميذ إلى حصتين أو ثلاث في الأسبوع. وتلفت رقية أحمد، وهي والدة إحدى التلميذات، إلى أنها حجزت المراجعات النهائية لابنتها، مشددة على أنها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، فضلاً عن مصاريف شهر رمضان. وتقول إن المدرسين يستغلون رهبة التلاميذ وأولياء الأمور من امتحانات الثانوية العامة لتحقيق أكبر مكاسب مادية ممكنة.



ويوضح يوسف أحمد، وهو تلميذ ثانوي، أن بعض المدرسين يعطون حصة المراجعة الأخيرة بمبلغ لا يقل عن 300 جنيه، خصوصاً في مواد شعبتي الرياضيات والعلوم، مشدداً على أن سعر المادة يختلف من مدرس إلى آخر ومن مكان إلى آخر، إضافة إلى قيمة الملازم.

أسعار نار

في كلّ عام، ومع اقتراب موعد الامتحانات النهائية في مدارس مصر، يكتوي الأهل بنار الدروس الخصوصية. وبحسب إحصائيات ميدانية أخيرة، يرجع 39 في المائة من أولياء الأمور الحاجة للدروس الخصوصية إلى أن الشرح الذي يقدم لأبنائهم في المدارس غير كافٍ، فيما يرى 25 في المائة منهم أنّ الدروس الخصوصية تفيد التلاميذ معرفياً.