مطعم "غزاوي" تديره مجموعة من الصُم

مطعم "غزاوي" تديره مجموعة من الصُم

04 يونيو 2014
مدخل مطعم "أطفالنا" (محمد الحجار)
+ الخط -
لم يفقد الشاب "الأصم" أحمد دهمان، الأمل في أن يثبت لمن حوله قدرته على منافسة الأسوياء، فالتحق برفقة مجموعة من أصدقائه بأول مطعم طاقمه كله من الصُم في قطاع غزة.

المطعم أسسته جمعية "أطفالنا للصم" غربي غزة، ويحمل طابعاً كلاسيكيا مختلفاً عن أي مطعم آخر، حيث تكسوه الإشارات الخاصة بالصم، ولكن بشكل عصري فريد، ويديره صم، أثبتوا جدارتهم خلال سنوات عملهم، فأصبح المطعم مزاراً لمواطني غزة وللزوار الأجانب.

وزار مراسل "العربي الجديد" العاملين في المطعم وحاورهم "بلغة الإشارة"، فأبدوا سعادتهم البالغة بوجود مكان يشعرون بالانتماء إليه "كأقلية"، ويعتبرونه واحة خاصة بهم، يبدعون فيها ويقدمون للزبائن ما لذ من المأكولات، وطاب من العصائر والحلوى.

يقول أحمد، الذي يعمل مقدم خدمات في المطعم لـ"العربي الجديد": هذه المرة الأولى التي أعمل فيها، وأشعر بأنني أقوم بإنجاز في مكان خاص بي وبأصدقائي، هذا يؤثر بنحو ايجابي على نفسيتي التي كانت متعبة قبل العمل، وأتشجع أكثر عندما أرى رد الفعل الايجابي من رواد المطعم.

ويضيف: "البداية كانت متعبة إلى حد ما، نتيجة عدم قدرة الأسوياء على التعامل معنا، ولكن بمرور الأيام أصبحوا يتعاملون بشكل جيد، وتعلم بعضهم عدة حركات لطلب ما يحتاجون إليه، ولاقت فكرة عملنا استحسان الكثير من الأجانب الذين أصبحوا أصدقاء دائمين، ويأتون بشكل مستمر".

ولد أحمد أصمّ، غير أن ذلك لم يمنعه من تحدي الإعاقة وإثبات قدرته على العمل والاندماج في المجتمع. التحق بجمعية أطفالنا للصم في غزة، ومن ثم ألحقته الجمعية بدورات خاصة، وبعد ذلك عمل في المطعم، وقال: "العمل دفعني للأمام، شعرت بأنني أحظى باحترام أهلي والجميع، حياتي تغيرت بفضل وجودي هنا".

ويضيف الشاب دهمان: "في إحدى المرات دخلت فتاة، وشعرت بالخوف عندما عرفت أن المطعم يديره ويقدم خدماته أشخاص صم، ولكن عندما شاهدتنا ونحن نمزح في ما بيننا ونضحك، فوجئت وأصبحت صديقة لنا، وتعلمت لغة الإشارة وأصبحت زائرة دائمة للمطعم".

أما صديقه عمر الرنتيسي، فيقول لـ"العربي الجديد": أعمل في صناعة الحلويات، وأحب صنع الكيك الكبير الخاص بالأفراح كي يرى الجميع قدرتي على العمل، أحب كثيراً إثبات ذاتي من خلال الحلويات والعصائر اللذيذة التي أصنعها وتعجب الجميع.

ويضيف عمر (23 عاماً): "نحن قادرون على الإنتاج والابتكار والتميز، وما نقدمه يدهش كثيرين كانوا يعتقدون أننا معاقون لا فائدة منا. لم نسمع خلال فترة عملنا السابقة أي تعليق سيئ أو ملاحظة سلبية على ما نقدمه من مأكولات وحلويات، وهذا يسبب لنا سعادة كبيرة، ويعطينا دفعة للأمام".

وتقول المشرفة على صالة المطعم، آيات مطير التي تعاني من فقد للسمع، إن كل الطاقم داخل المطعم من الصم. "كانوا يشعرون بنوع من الإرهاق في البداية عند التعامل مع الأشخاص الناطقين، لكن الأيام جعلتهم يتأقلمون، ويستطيعوا قراءة حاجة الزبائن من خلال لغة الجسد".

وتضيف لـ"العربي الجديد": "أراجع كل طلبات الزبائن للتأكد مما إذا كانت صحيحة أو خاطئة، ولا أذكر أن العاملين في المطعم قدموا طلباً لم يطلبه الزبائن، وهذا أثر بشكل جيد على سمعة المكان وعلى مدى تقدير الناس للعاملين فيه، ما جعلهم زواراً دائمين".

من جانبه؛ يقول مدير جمعية أطفالنا للصم، نعيم كباجة لـ"العربي الجديد"، إن المطعم الذي يعتبر أحد برامج الجمعية، جاء نتيجة دورات تم تقديمها في فنون الطهي، وتقديم الخدمة وغيرها، وجاءت الفكرة بعد تخريج عدد كبير من الصم، من أجل توفير فرص عمل لهم.

ويوضح أن المطعم يعكس ثقافة الشعب الفلسطيني من خلال التصميم والتناسب مع الذوق المحلي، وقد حظي باهتمام واسع من زوار مدينة غزة، وزاره معظم الأجانب الذين حضروا للقطاع، خصوصاً أنه المطعم الأول على مستوى المنطقة العربية الذي يقدّم الخدمة ويديره شباب وفتيات صم.

وتهدف جمعية "أطفالنا للصم" من خلال المطعم إلى إيجاد حالة من الاندماج والاحتكاك بين الصم وأفراد المجتمع، ويقول كباجة: "هي فكرة مستجدة، وتحمل فلسفة جديدة مفادها أن يقدم الصم الخدمة للأسوياء، في محاولة لإنهاء فكرة أنهم عالة على المجتمع".

دلالات

المساهمون