الإيرانيون يصبحون شعباً بديناً

الإيرانيون يصبحون شعباً بديناً

06 فبراير 2015
ازدادت أعداد مطاعم الوجبات السريعة في إيران (سكوت باترسون/Getty)
+ الخط -

تتزايد نسبة البدانة في إيران، بسبب تغير النمط الغذائي الصحي، واتجاه الإيرانيين إلى مطاعم الوجبات السريعة. فقبل عشرة أعوام لم يكن يلاحظ في العاصمة الإيرانية طهران وجود مثل هذه المطاعم إلا في ما ندر. ولم يكن الإيرانيون معتادين على تناول وجبات خارج المنازل، ما عدا بعض الوجبات الشعبية المعروفة. واليوم، يلاحظ اتجاه الإيرانيين بسرعة نحو البدانة بسبب هذه المطاعم.
وهو ما يظهر بالذات من خلال ازدياد عدد العيادات الطبية المتخصصة في التغذية ومعالجة السمنة وتخفيف الوزن. وكذلك، امتداد علاج البدانة من الأنظمة الغذائية، إلى أجهزة التنحيف، وصولاً إلى التدخل الجراحي.

عالميّاً، ذكرت مؤسسة ماكنزي أنّ 2.1 مليار شخص حول العالم، أي 30 في المائة من عدد سكان العالم يعانون من زيادة الوزن والسمنة. كما ذكرت أنّ الرقم سيصل إلى نصف سكان العالم عام 2030. أما في إيران، فبات ثلث العدد الإجمالي من السكان يعاني من زيادة الوزن، أي ما يعادل 25 مليون شخص. وتذكر وزارة الصحة الإيرانية أنّ النسبة تنقسم إلى 43 في المائة للرجال و57 في المائة للنساء. وتتوزع النسب الأكبر في العاصمة طهران، ومناطق شمال البلاد.

من جهته، يقول الطبيب في مركز دراسات العلوم ملك زاده، إنّ 75 في المائة من الإيرانيين معرضون لخطر السمنة. كما يشير إلى أنّ 35 في المائة من الحالات التي تتعرض لسكتة قلبية في البلاد يعاني أصحابها من زيادة الوزن.
وعن الأسباب، يقول ملك زاده، إنّ العلل الأساسية "تتعلق بتناول كميات أكبر من الطعام، وباختلاف نوعية الطعام الذي يقبل عليه الإيرانيون". لكنّه يشير، في المقابل، إلى أنّ أبحاثاً أجريت على عدد من العائلات الإيرانية أوضحت أنّ سبب ازدياد معدلات الإصابة بالسمنة في البلاد وانخفاض سن من يعانون من زيادة الوزن بمرور الوقت، يعود إلى أسباب وراثية. ويضيف أنّ أطباء عالميين اكتشفوا أنّ 12 جيناً مسؤولاً عن السمنة بشكل وراثي. وهذا يعني زيادة احتمال القدرة على إنتاج أدوية توقف الشراهة عبر التحكم في هذه الصفات الوراثية، بحسب زاده.

لكنّ غيره من الخبراء يقولون، إنّ أسباب السمنة في إيران ليست وراثية. ويشيرون، في هذا الإطار، إلى تزايدها في الأعوام الأخيرة، واستمرار التزايد عاماً بعد عام.
ويقول الأطباء الإيرانيون في تقاريرهم ومقالاتهم في الصحف والمواقع الرسمية، إنّ نمط الحياة المعاصرة هو السبب الأساس. ويشيرون إلى أنّ الأعمال المكتبية ازدادت على حساب الأعمال البدنية. كما بات ينتشر امتلاك السيارات الخاصة، وعدم اللجوء إلى وسائل النقل العام. وذلك لسهولة الحصول على السيارات بالتقسيط، في الوقت الذي تعتبر فيه أسعار الوقود مناسبة أيضاً. وهو ما يقلص من نسبة المجهود البدني للإيرانيين، في السير، يومياً، باتجاه محطات النقل.

على صعيد متصل، يحذر الأطباء من تبعات السمنة الزائدة العديدة. ويقولون إنها تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. كما تشير وزراة الصحة إلى أنّ السكتة القلبية هي العامل الثالث المسبب للوفاة في إيران، بعد السرطان وحوادث الطرق. أما ازدياد معدلات السمنة فيعني ارتفاعاً في خطر الإصابة بالسكتة، وفق الأطباء والمتخصصين.
من جهة أخرى، يعاني الإيرانيون من معدلات عالية للغاية من الإصابة بمرض السرطان. ويقول الأطباء، إنّ زيادة الوزن تساهم، كذلك، في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، خصوصاً سرطان الأمعاء والمريء والثدي.

وتدرك الحكومة في إيران، ولا سيما وزارة الصحة هذه الأخطار. وفي هذا الإطار، بدأت التركيز على ضرورة محاربة البدانة من خلال التوعية، بمختلف الوسائل، بالخطر الذي يجتاح المجتمع ببطء. وهو ما قد يتحول، لاحقاً، إلى أخطار متعددة الأشكال. وتنصح الوزارة في حملاتها بضرورة إبعاد الأطفال عن الوجبات السريعة والسكاكر وضرورة تغيير أسلوب حياتهم وتعويدهم على ممارسة التمارين الرياضية.
وفي السياق ذاته، جهزت بلدية طهران، قبل أعوام، الحدائق العامة بأدوات رياضية مجانية الاستخدام. وبالفعل، فقد ازدادت المبادرات من بعض الإيرانيين أنفسهم في هذا الصعيد، من خلال تشكيل حلقات لممارسة الرياضة بشكل جماعي.

ومع ذلك، فالخطر ما زال يحدق بالمجتمع الإيراني في ظل ازدياد نسبة المصابين بالسمنة رغم الجهود العامة لمكافحتها. فالمطلوب بحسب الأطباء، الجهد الشخصي أولاً، ومن بعده تكثيف التحذيرات الجدية بأخطار السمنة الزائدة.

دلالات