نصف المفرج عنهم في تونس يعودون إلى السجن

نصف المفرج عنهم في تونس يعودون إلى السجن

10 مايو 2014
السجون في تونس لا تلتزم بالمعايير الصحية (GETTY)
+ الخط -

كانت السجون التونسية قبل الثورة بين أبرز الخطوط الحمر والأماكن المحظورة على المنظمات والجمعيات الحقوقية، لكن وزارة العدل وقّعت بعد الثورة، اتفاقية مع عدة جمعيات لزيارة السجون، تسمح لمختلف منظمات المجتمع المدني المهتمة بأوضاع المساجين بالدّخول ومراقبة الأحوال داخلها، للمساعدة في عمليّة إصلاح هذه المؤسّسة.

وتنص الاتفاقية على أن يتم طلب ترخيص من وزارة العدل قبل الزيارة، وهو ما رفضته أغلب الجمعيات في تونس على غرار "منظمة مناهضة التعذيب" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، التي تطالب بالقيام بزيارات مفاجئة للسجون حتى يتسنّى لها الاطلاع على الأوضاع الحقيقية بعيدا عن كل الملابسات والتّعتيم.

في المقابل، قامت "المفوضية السامية لحقوق الإنسان" بثلاثين زيارة تفقدية للسجون التونسية خلال سنتين، وأعدّت تقريرا بعنوان "السجون التونسية بين المعايير الدولية والواقع" حذّرت فيه من الوضع الرديء للسجون وحالة الاكتظاظ التي تصل في بعض السجون إلى 150 بالمئة، أي تفوق طاقة استيعاب الوحدات السجنية.

وأشارت المفوضية في التقرير ذاته إلى أن "تونس تحتل المرتبة 28 على المستوى العالمي من حيث عدد المساجين، بمعدّل 297 سجينا لكل مائة ألف مواطن، مما يجعلها البلد العربي الثالث في إفريقيا بعد المغرب والجزائر، وذلك حسب قائمة تعداد المساجین في العالم التي أعّدها "المركز الدولي للدراسات السجنية".

وتضم السجون التونسية حوالي 25 ألف سجين موزعين على 27 سجنا، وتصل نسبة نزلاء السجون التونسية  الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و29 سنة إلى نحو 55 في المئة، فيما تبلغ نسبة المساجين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 سنة نحو 29 في المئة، وفق ما أعلنت "إدارة السجون والإصلاح" في تونس.

على صعيد آخر، بيّن التقرير أن غياب الفصل بين فئات المساجين هو الأخطر في السجون، وهو ما يُصعّب عملية الإصلاح وإعادة الإدماج، حيث يتم الجمع بين من هو محكوم بأحكام طويلة ومن هو موقوف بانتظار المحاكمة، ومن هم من أصحاب السوابق الجنائية الخطيرة.

ويلفت نائب ممثل "المفوضية السامية لحقوق الإنسان" في تونس مازن شقورة إلى أن "نسبة المساجين العائدين إلى السجون تصل إلى 45 في المئة، وهو ما يؤكد على ضعف برامج التأهيل وإعادة الإدماج".

كما أشار إلى أن "حالة الاكتظاظ تعود أساساً إلى ارتفاع عدد الموقوفين على ذمة قضايا تجاوزت مدة إيقافهم الـ 14 شهرا وتبلغ نسبتهم 58 بالمئة، مقابل 42 بالمئة فقط من المحكومين".

ولا تلتزم أغلب السّجون في تونس بحسب التقارير بالمعايير الصحيحة التي يحدّدها القانون مثل التهوية والضوء الطبيعي والسعة. ولا تقوم إدارات السّجون بتدوين بطاقة للحالة الصحية للسجين عند الإيداع، فتدوين الحالة الصحية يتم على أساس التصريحات لا على أساس الفحص الطبي، الذي من المفترض أن يجرى لكل سجين، وذلك بسبب عزوف الأطباء التونسيين على المباشرة داخل السجون.