أطباء أسنان تونس: "خفّضوا عددنا"

أطباء أسنان تونس: "خفّضوا عددنا"

19 مارس 2017
تكلفة تجهيزات عيادة الأسنان مرتفعة (سيث ماكونل/ Getty)
+ الخط -

ما زالت مشكلات قطاع طبّ الأسنان في تونس على حالها منذ سنوات، إن في ما يتعلّق بالتعرفة أو بعدم إقرار نصوص جديدة لتنظيمه، بالإضافة إلى ارتفاع عدد أطباء الأسنان الخريجين الذي يؤدّي إلى بطالة مرتفعة في صفوفهم.

في أكثر من مرّة، عرض أطباء الأسنان مشكلاتهم هذه على الجهات المعنية، لا سيّما تلك المتعلّقة بنظام التعرفة في الوظيفة العمومية. أجرة الطبيب تحدّد بحسب عدد سنوات الدراسة الجامعية وما بعد الجامعية، إلّا أنّ نظام التعرفة المعتمد حالياً لا يحترم ذلك. فطبيب الأسنان يتقاضى الأجر نفسه الذي يحصل عليه الصيدلاني الذي يدرس خمس سنوات في الجامعة، كذلك فإنّ طبيب الأسنان الاختصاصي الذي يدرس عشر سنوات في الجامعة يحصل على الأجر نفسه المخصص لطبيب الأسنان العام.

منذ سنوات يطالب أطباء الأسنان برفع الظلم عنهم، فيلقون تفهّم الوزراء - جميعهم - الذين تعاقبوا على وزارة الصحة خلال عقدَين، ووعوداً منهم بتسوية أوضاعهم مع أوّل مراجعة مقبلة للنظام الأساسي للسلك. لكنّ أوضاعهم بقيت على ما هي، ولم تصدر حتى اليوم نصوص ترتيبية وتشريعية جديدة لهذا الاختصاص.

إلى مشكلة التعرفة التي تستنفر هؤلاء، لا يتماشى ارتفاع عدد خرّيجي طبّ الأسنان مع حاجة سوق الشغل. وقد دعا المجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان منذ أكثر من ثلاث سنوات كلّاً من وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقليص عدد خريجي هذا الاختصاص في البلاد وتأسيس هيئة وطنية للتكوين (التدريب) المستمر. كذلك طالبوها بالإسراع في المصادقة على مشروعَي مجلة واجبات مهنة طبيب الأسنان وقانون الاختصاص، بالإضافة إلى اقتراح نصوص ترتيبية وتشريعية منظّمة تواكب التطوّرات العلمية الحديثة. وطالب المجلس وزارة التعليم العالي بالالتزام بتطبيق اتفاقية 2015 للتقليص التدريجي في عدد الطلاب الموجّهين إلى طب الأسنان، ليصل إلى 120 طالباً سنوياً خلال ثلاث سنوات. يُذكر أنّ في تونس كلية طبّ أسنان واحدة فقط في محافظة المنستير، أنشئت عام 1975.

في السياق، وبهدف خفض بطالة خرّيجي طبّ الأسنان، طالب المجلس الوطني برفع عدد انتدابات أطباء الأسنان في المستشفيات العمومية، وتحديد استراتيجية وطنية في القطاعَين العام والخاص، إلى جانب تشجيع الأطباء ودعمهم لفتح عيادات خاصة في المناطق الداخلية وتمكينهم في سبيل ذلك. يُضاف إلى ذلك تنظيم ومراقبة قطاع المزوّدين بآلات ومعدّات طبّ الأسنان للضغط على التكلفة.




مكرم تخرّج طبيباً للأسنان قبل أربع سنوات، لكنّه يعمل اليوم مساعداً في إحدى العيادات الخاصة. يقول إنّ "فتح عيادات خاصة أمر صعب، نظراً إلى ارتفاع تكلفة الأجهزة الطبية الخاصة. وهو الأمر الذي يحول دون قدرة كلّ الخرّيجين على ذلك ويساهم بصورة كبيرة في بطالتهم، لا سيّما مع عدم قدرة المستشفيات العمومية على استيعاب أعدادهم".

من جهته، يلفت حاتم الذي حصل قبل سنتَين على شهادته في المجال، إلى "غياب العيادات الخاصة بطبّ الأسنان في معظم المناطق الداخلية، نظراً إلى رفض أطباء الاختصاص فتحها هناك، وذلك بسبب عدم قدرة سكان القرى والأرياف على تحمّل المصاريف المرتفعة في القطاع الخاص". يضيف أنّ "تكلفة تجهيزات عيادة الأسنان مرتفعة، مع صعوبة الحصول على قرض مصرفي لتسهيل الأمر. كذلك فإنّ ارتفاع عدد أطباء الأسنان في المدن يصعّب فتح عيادات جديدة".

وكان كاتب عام عمادة أطباء الأسنان، صالح الغزي، قد أكّد ارتفاع عدد العاطلين من العمل، مشيراً إلى أنّ هؤلاء المرسّمين في جدول العمادة بلغ عددهم 930 طبيباً من بين 4600. أضاف أنّ عدد الطلاب المرسّمين يصل سنوياً إلى أكثر من 320 طالباً جديداً، بالإضافة إلى 150 آخرين يتابعون دراستهم في جامعات خارج البلاد، وهو الأمر الذي يتعارض والدراسة التي أعدّها خبراء دوليون بيّنوا أنّ تونس لا تحتاج إلى أكثر من 60 طبيب أسنان جديداً سنوياً.

إلى ذلك، يقول رئيس النقابة التونسية لأطباء الأسنان الممارسين بصفة حرة، خالد تنزفني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قطاع طبّ الأسنان يعاني مشاكل عديدة تتمثل أساساً في ارتفاع عدد الممارسين"، موضحاً أنّ "عدد أطباء الأسنان تضاعف ما بين 2004 و2014، ليصل حالياً إلى 4600 طبيب، 3200 منهم في القطاع الخاص و650 في القطاع العام و900 عاطلين من العمل". ويشير تنزفني إلى أنّ "وزارة الصحة تنتدب نحو 20 طبيباً فقط سنوياً في مقابل 350 خرّيجاً في العام الواحد". يضيف أنّ "عوامل عدّة أدّت إلى غلق عدد من عيادات طبّ الأسنان في المناطق الداخلية، أبرزها المقدرة الشرائية وغياب التغطية الاجتماعية، وتحديد سقف التغطية الذي يشترطه الصندوق الوطني للتأمين على المرض مع عدم إدراج علاج الأسنان من ضمن أولياته".

دلالات