الأفغان يعيشون هاجس الصواريخ

الأفغان يعيشون هاجس الصواريخ

05 فبراير 2018
الاختراقات الأمنية مستمرة (هارون صباوون/ الأناضول)
+ الخط -
كلما تأزم الوضع في أفغانستان كلما خشي الأفغان من تكرار ما حلّ بهم أثناء الحرب الأهلية بعد خروج القوات السوفييتية من البلاد، وتحديداً بعد سقوط الحكومة الموالية للسوفييت ودخول أحزاب المجاهدين إلى كابول في بداية التسعينيات من القرن الماضي. من أبرز ما يتذكرونه في تلك الفترة العصيبة التي انتهت بدخول حركة طالبان إلى كابول في عام 1995 سقوط الصواريخ على رؤوسهم والذي أدى إلى مقتل آلاف المدنيين، وترك العاصمة الأفغانية مدمرة.

ذلك ما تبيّنه الكتب التي ألفت عن ويلات الحرب الأهلية في بلد ما زال يعاني من استمرار دوامة العنف وهو ما يتضح من خلال استمرار سقوط الصواريخ في أنحاء عدة من البلاد. لم يشمل ذلك جميع الأقاليم والمدن لكنّ مجرد حدوثه في بعض المناطق يجدد الخوف الكامن في قلوب الأفغان لما لهم من تجارب مريرة مع هذه الذكرى السيئة.

يقول محمد موسى (77 عاماً) وهو أحد سكان منطقة وزير أكبر خان في كابول: "أخاف من لفظة الصاروخ حتى، إذ لدي ذكريات مريرة عنه. أذكر جيداً عندما كنا نائمين في إحدى الليالي إبان الحرب الأهلية بين الأحزاب الجهادية في تسعينيات القرن الماضي عندما سقطت ثلاثة صواريخ على منزلنا في منطقة وزير أكبر خان". يضيف: "استيقظت مع جميع أفراد أسرتي على دوي الانفجار داخل المنزل، وجدت إحدى الغرف قد سقطت وكان داخلها أختي وابني وأخي. بدأنا نصرخ، فجاء الجيران القلائل إلينا إذ إنّ معظمهم كان قد فر من المنطقة". ظل الرجل ومن معه يبحثون حتى الفجر لعلهم يخرجون من سقطت الغرفة عليهم، وفي الصباح وجدوا الجميع قتلى. لم تقف مأساته عند هذا الحد بل كانت المشكلة حتى في الدفن ومراسم الجنازة، فمع هاجس سقوط الصواريخ تمكن أفراد قلائل من نقل الجثث إلى المقبرة.

كذلك، يتحدث جاره وحيد الله عن إصابة ابنه في سقوط صاروخ على منزله. وكان الدم ينزف منه، لكنّ الوالد عجز عن نقله إلى أيّ مكان لتلقي العلاج. يقول وحيد الله إنّ "أصعب أيام حياتي تلك التي عشتها في كابول إبان الحرب الأهلية، وأتذكر جيداً أيام الصواريخ التي تسقط على رؤوسنا كالمطر، ما كنا نستيقظ في الصباح إلّا على أصوات الصواريخ. والأصعب من كلّ ذلك كان ما يحصل عند نقل الجرحى إلى المستشفيات. كذلك، فإنّ معظم الأطباء تركوا المدينة فكنا بشق الأنفس نحصل على العلاج بعد مخاطرتنا بالوصول". يضيف: "في عصر أحد الأيام، سقط الصاروخ على منزلنا، حيث كان ابني داخل المطبخ وأصيب في صدره بشظايا الصاروخ، حاولنا إنقاذه فلم نجد سيارة إسعاف. فحاولنا بما لدينا من وسائل إسعاف وبعد صعوبة بالغة توقف النزيف ونجا ابني، ثم بعنا كلّ شيء لأجل الخروج من كابول حفاظاً على أرواحنا".

الآن وبعد مضي أكثر من عقدين من الزمن عندما تسقط الصواريخ على المدن الأفغانية، وتحديداً على كابول يخشى الأفغان من تكرار تلك التجربة. طوال السنوات الأخيرة لم تكن الجماعات المسلحة تلجأ إلى إطلاق الصواريخ إلّا في بعض القرى النائية، لكنّ الصواريخ الآن تسقط على العاصمة كابول، خصوصاً على المناطق التي تتواجد فيها المؤسسات الأجنبية والمنشآت الحكومية. كذلك، فإنّ الاستخبارات الأفغانية ووزارة الداخلية تعلن بين الحين والآخر عن إحباط عمليات إطلاق صواريخ على كابول.

تعرضت منطقة وزير أكبر خان، حيث المؤسسات والسفارات الأجنبية، مرات عديدة خلال الأسابيع الماضية إلى إطلاق صواريخ، عدا عن الهجمات المختلفة الأخرى. وبالرغم من أنّها لم تترك غير إصابات طفيفة وخسائر مادية، فقد أثارت الذعر في أوساط سكان العاصمة ككلّ أكثر من العمليات الانتحارية.

يقول الشاب علي مرتضى: "نخاف جداً عندما نسمع صافرات الإنذار التي تأتي عادة من السفارة الأميركية لدى سقوط الصواريخ. لا أخاف كثيراً من العمليات الانتحارية بقدر خوفي من سقوط الصواريخ، فالأسرة كلّها تتعرض للخطر". وعادة ما تأتي الصواريخ من المديريات والمناطق البعيدة التي فيها نفوذ للجماعات المسلحة كمنطقة باغرامي وأت خيل وغيرهما، بالرغم من تركيز الداخلية عليها أخيراً، كما يقول الناطق باسمها نجيب دانش.

جهات مجهولة
خارج كابول أوقعت الصواريخ خسائر في الأرواح، فقد أدى سقوطها في الفترة الأخيرة على مناطق مختلفة من إقليم فراه إلى مقتل وإصابة 16 شخصاً. ولم تتبن مسؤولية الهجوم الصاروخي أيّ جهة، وهو ما يحدث في معظم الأحيان، ما يبقي الوضع مجهولاً ويثير تساؤلات الأفغان حول الجهة المنفذة للهجمات الصاروخية وأهدافها.