"رايتس ووتش": الحكومات تتجاهل حقوق الإنسان بذرائع أمنية

"رايتس ووتش": الحكومات تتجاهل حقوق الإنسان بذرائع أمنية

29 يناير 2015
غلاف التقرير الجديد
+ الخط -

أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم في تقريرها السنوي، أن حكومات العديد من دول العالم ترتكب خطأً كبيراً عند تجاهلها حقوق الإنسان بذريعة التصدي للتحديات الأمنية الخطيرة.

ولفت المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث في افتتاحية النسخة الخامسة والعشرين من التقرير الخاص بمراجعة الممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان في أكثر من 90 بلداً، إلى ضرورة تسليط الضوء على التوجه الاحترازي الذي تبنته حكومات كثيرة تجاه حقوق الإنسان خلال العام المضطرب الماضي، والذي يأتي بنتائج عكسية.

واعتبرت المنظمة أن من التحديات العالمية صعود تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، ما أدى إلى تنحية حقوق الإنسان جانباً، مؤكدة أن التنظيم لم يظهر من العدم، "فالفراغ الأمني الذي خلفه الغزو الأميركي، والسياسات الطائفية والمسيئة للحكومتين العراقية والسورية، وعدم الاكتراث الدولي حيالها، من العوامل الهامة في تغذية داعش".

كما ألقت المنظمة باللائمة على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بممارسة حكم الإقصاء عكس تعهداته، وإخفاقه في تنفيذ إصلاحات أساسية، مشيرة إلى أن "إصلاح القضاء الفاسد المسيء، وإنهاء الحكم الطائفي، لن يقل أهمية عن العمل العسكري لوقف فظاعات داعش".

ولفت تقرير المنظمة إلى "وقوف مجلس الأمن متفرجاً في أغلب الأوقات، على الاعتداءات الوحشية للنظام السوري على المدنيين من جهة، وعلى استخدام روسيا والصين لحق الاعتراض في وقف الجهود لإنهاء المذابح"، معتبرة كذلك أن العمليات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها ضد داعش ضربت جهود حمل دمشق على إنهاء انتهاكاتها.

وطال التقرير اختراق حقوق الإنسان في نيجيريا، من تعديات جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة على المدنيين ومن القوات الأمنية النيجيرية أيضاً، "إذ تقوم الأولى بتفجير الأسواق والمساجد والمدارس وتختطف مئات الفتيات والشابات، وتعمد الثانية إلى اعتقال المئات من الرجال والصبية المشتبه في تأييدهم لبوكو حرام، واحتجازهم وقتل بعضهم".

واعتبرت المنظمة الحقوقية أن الولايات المتحدة تجاهلت حقوق الإنسان لأسباب أمنية، بعد إصدار مجلس الشيوخ الأميركي تقريراً يدين ممارسة وكالة المخابرات المركزية للتعذيب، في حين رفض الرئيس باراك أوباما التحقيق بالأمر، معتبرة أن "تنصل الرئيس من واجبه القانوني أن يرفع احتمالات قيام رؤساء المستقبل بمعاملة التعذيب على أنه خيار سياسي وليس جريمة، كما يضعف إلى حد كبير من قدرة الحكومة الأميركية على ممارسة الضغط على بلدان أخرى لملاحقة ممارسي التعذيب فيها".

وبيّن التقرير أن دولاً مثل كينيا ومصر والصين استجابت لتهديدات الإرهاب الحقيقية أو المفترضة بسياسات مسيئة تعمل في النهاية على تغذية الأزمات، لافتاً إلى أن "سحق الحكومة لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر يرسل رسالة عكسية مفادها أن أنصار الإسلام السياسي، إذا طلبوا السلطة عن طريق الانتخابات، فسوف يتم قمعهم بغير احتجاج ـ وهو ما يمكن أن يشجع على اللجوء للعنف".

واعتبر أن تشريعات مكافحة الإرهاب في فرنسا رداً على اعتداءات "شارلي إيبدو" قد يبدر عنها "خنق لحرية التعبير وتشجيع حكومات أخرى على استخدام مثل تلك القوانين لإسكات معارضيها".

ورأت المنظمة أن التصدي للتحديات الأمنية لا يتطلب احتواء بعض الأفراد الخطرين فحسب، بل أيضاً إعادة بناء النسيج الأخلاقي الذي يرتكز إليه النظام الاجتماعي والسياسي.

وقال كينيث روث: "تخطئ بعض الحكومات فتنظر إلى حقوق الإنسان كرفاهية مخصصة لأوقات الرخاء، وليس كبوصلة أخلاقية ضرورية للتحرك السياسي. ومن ثم فإن الأجدر بواضعي السياسات في أرجاء العالم، بدلاً من معاملة حقوق الإنسان كقيد خانق على حريتهم في التحرك، هو أن يعترفوا بها كمرشد أخلاقي يهديهم سبيل الخروج من الأزمات والفوضى".